منذ توليه الرئاسة، سعى دونالد ترامب إلى إعادة هيكلة الإنفاق الحكومي، معتبرًا أن هناك هدراً ضخماً في مختلف القطاعات الفيدرالية، مما دفعه إلى تنفيذ سلسلة من التخفيضات الحادة التي طالت العديد من الوكالات الحكومية.
مراجعة الإنفاق الحكومي وصلت إلى أروقة البنتاغون، حيث وجه وزير الدفاع بيت هيغسيث المسؤولين الكبار إلى إعداد خطة لخفض ميزانية وزارة الدفاع بنسبة 8% سنويًا على مدار السنوات الخمس المقبلة لتمويل أولويات جديدة في إدارة ترامب، بما في ذلك مشروع "القبة الحديدية لأميركا".
المذكرة التي حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست أظهرت أن هذه التخفيضات قد تصل إلى 68 مليار دولار سنويًا وتشمل عددا من القطاعات باستثناء تلك التي تسهر على عمليات تأمين الحدود الجنوبية مع المكسيك، وتحديث الأسلحة النووية، وتطوير أنظمة الدفاع الصاروخي، بالإضافة إلى مشاريع بناء الغواصات والطائرات المسيّرة الهجومية.
ولكن السؤال الأبرز الذي طرحه الجميع هو: ماذا سيفعل ترامب بكل هذه الأموال التي يسعى إلى توفيرها؟
كشف ترامب خلال مؤتمر استثماري في ميامي عن فكرة جديدة قد تغير قواعد اللعبة بالكامل، إذ أشار إلى أنه يدرس تخصيص 20٪ من الأموال التي تم توفيرها من خلال وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) لإعادتها إلى المواطنين الأميركيين في شكل تخفيضات ضريبية. هذه الخطوة، إن تحققت، قد تعني أن آلاف الدولارات ستُضخ في جيوب الأسر الأميركية التي تكافح مع ارتفاع معدلات التضخم.
اعرف أكثر
صرحت وزارة الكفاءة الحكومية على موقعها الرسمي أنها وفرت حتى الآن 55 مليون دولار من خلال جهودها، رغم تشكيك بعض التقارير في مدى صحة هذا الرقم. ويشمل هذا التوفير:
50 مليار دولار من وكالة المساعدات الخارجية الأميركية
1،9 مليار دولار من الأموال غير المستخدمة في وزارة الإسكان
373 مليون دولار من أرصدة غير محسومة المصير لمكتب حماية المستهلك المالي
373 مليون دولار من المنح التعليمية كانت مخصصة لبرامج التنوع والمساواة
900 مليون دولار مخصصة لتتبع الأداء الأكاديمي
ومع محاولة وزارة الكفاءة الحكومية توفير 68 مليار سنويا من الإنفاق العسكري، يتوقع تسريح عدد من الموظفين حيث قدمت وكالة الأمن القومي للبنتاغون قائمة تحتوي على حوالي 4 آلاف رقم تعريف لموظفين تحت المراقبة، وهو ما يمثل حوالي 10% من القوة العاملة المدنية في جهاز الاستخبارات، وفقا لصحيفة واشنطن بوست.
كشف الرئيس دونالد ترامب عن خطة تهدف إلى تخصيص جزء من المدخرات التي حققتها وزارة كفاءة الحكومة لصالح المواطنين الأميركيين ولتسديد الديون.
وخلال كلمته في قمة الأولوية للاستثمار التي عقدت في ميامي بيتش بولاية فلوريدا، أوضح ترامب أن 20٪ من هذه المدخرات سيتم توزيعها على الأميركيين في شكل تخفيضات ضريبية، بينما سيتم تخصيص 20٪ أخرى لسداد الديون. ومع ذلك، لم يكن واضحًا ما إذا كان يشير إلى الدين الفيدرالي العام أو الدين الوطني الذي يبلغ حاليًا 36 تريليون دولار.
في المقابل، أوضح إيلون ماسك، الذي يقود جهود خفض التكاليف الحكومية، أنه لم يؤيد بعد مبلغًا محددًا لما يسمى بـ"العائد المالي، لكنه أشار إلى أن ذلك قد يكون في شكل تخفيض ضريبي. وأكد في تغريدة أن قيمة التخفيض الضريبي ستكون متناسبة مع حجم المدخرات التي تحققها وزارة الكفاءة الحكومية، مشددًا على أن الأولوية القصوى للمبادرة هي تقليل العجز الحكومي، لأن تقليص الإنفاق الحكومي سيساعد في وقف التضخم وخفض أسعار الفائدة على المواطنين.
تشير بعض التكهنات إلى أن استرداد الضرائب قد يتم تقديمه في شكل عملات رقمية، حيث ألمح إيلون ماسك إلى إمكانية السماح للأميركيين باختيار استلام مدفوعاتهم عبر العملات الرقمية مثل البيتكوين (BTC)، الإيثيريوم (ETH)، أو حتى دوجكوين (DOGE)، مما قد يمثل خطوة كبيرة نحو تبني الأصول الرقمية على نطاق واسع.
سياسيًا، قوبل القرار بانتقادات لاذعة، حيث اعتبر السيناتور جاك ريد، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، أن هذا النهج "متسرع" و"عشوائي"، مؤكدًا أن "خفض البرامج غير الفعالة أمر منطقي، ولكن تقليص الميزانية بهذا الشكل دون استراتيجية واضحة سيؤدي إلى عواقب خطيرة على الأمن القومي".
وسط كل هذه التغييرات، أوضح ترامب أنه لا يسعى إلى تقليص القوة العسكرية للولايات المتحدة بقدر ما يريد إعادة ترتيب الأولويات، فقد أكد في تصريحات سابقة أنه يتطلع إلى تقليل الإنفاق الدفاعي إلى النصف بمجرد أن تهدأ التوترات الجيوسياسية.
وكشف عن نيته لقاء قادة الصين وروسيا لمناقشة خفض الميزانيات العسكرية العالمية، قائلاً: "في مرحلة ما، عندما تهدأ الأمور، سأجتمع مع الرئيس شي جين بينغ والرئيس فلاديمير بوتين، وسأخبرهم أنه لا يوجد سبب لإنفاق ما يقارب تريليون دولار على الجيش. يمكننا خفض ميزانياتنا العسكرية إلى النصف، وأعتقد أننا سنكون قادرين على تحقيق ذلك".