سياسة

معركة العقوبات والمياه.. هل تندلع الحرب الخامسة بين الهند وباكستان؟

نشر
blinx
 & 
تصاعد التوتر، الخميس، بين الهند وباكستان على خلفية هجوم أسفر عن مقتل 26 مدنيا في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير، حمّلت نيودلهي مسؤوليته لإسلام آباد.
وفي تصعيد مفاجئ، طلبت السلطات الهندية والباكستانية من رعايا بعضهما مغادرة أراضيهما فورا.
ومن دون توجيه الاتهام إلى باكستان رسميا، تعهّد رئيس الحكومة الهندية في خطاب عالي النبرة، بملاحقة المسؤولين عن الهجوم وشركائهم "إلى أقاصي الأرض".

الهجوم الأعنف منذ 2000

وبعد ظهر الثلاثاء، أطلق ثلاثة مسلّحين على الأقل النار في منتجع باهالغام الواقع على مسافة 90 كيلومترا برا من مدينة سريناغار الكبيرة، ما أدى إلى مقتل 25 هنديا ونيباليا، حسب الشرطة الهندية.
ويعد هذا الهجوم الأكثر حصدا للأرواح منذ العام 2000 في إقليم كشمير الذي تسكنه غالبية مسلمة والمتنازع عليه.
ونفت باكستان أي دور لها في الهجوم.

معركة العقوبات

في اليوم التالي للهجوم افتتحت الحكومة الهندية معركة العقوبات، عبر الإعلان عن سلسلة إجراءات انتقامية دبلوماسية ضدّ إسلام آباد، شملت تعليق العمل بمعاهدة رئيسية لتقاسم المياه، وإغلاق المعبر الحدودي البري الرئيسي بين الجارتين، وخفض أعداد الدبلوماسيين.
في أول خطاب له منذ الهجوم في كشمير، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي "أقول لكل العالم: ستحدد الهند هوية الإرهابيين ومن يدعمهم وتلاحقهم وتعاقبهم. سنطاردهم إلى أقاصي الأرض".
وأضاف أمام حشد كبير "أقول هذا بشكل لا لبس فيه: أيا يكن من نفذ هذا الهجوم ومن خطط له، سيدفع ثمنا يفوق تصوراتهم".
وتابع رئيس الوزراء الهندي "سيدفعون الثمن حتما. مهما كانت مساحة الأرض الضئيلة التي يملكها هؤلاء الإرهابيون، حان وقت تدميرها. إن إرادة 1,4 مليار هندي ستكسر شوكة هؤلاء الإرهابيين".
والأربعاء، تعهّد وزير دفاعه راغناث سينغ الانتقام من "أولئك الذين نظموا هذا (الهجوم) سرا"، في تهديد مبطّن لباكستان.
والخميس، أعلنت وزارة الخارجية الهندية "تعليق إصدار تأشيرات الدخول الممنوحة للمواطنين الباكستانيين مع مفعول فوري"، مضيفة "ينبغي لكل المواطنين الباكستانيين الموجودين راهنا في الهند مغادرة البلاد قبل تاريخ انتهاء صلاحية التأشيرات" المحدد في 27 أبريل للتأشيرات العادية و29 أبريل للتأشيرات الصحية.

وقف المياه "عمل حربي"

في المقابل، أعلنت إسلام آباد عقب اجتماع نادر للجنة الأمن القومي بعد ظهر الخميس، طرد دبلوماسيين وتعليق التأشيرات للهنود، وإغلاق الحدود والمجال الجوي مع الهند ووقف التجارة معها.
وفيما أكدت الحكومة الباكستانية اتخاذ "إجراءات صارمة" في مواجهة "التهديدات الهندية"، قالت إنّها ستعتبر أي محاولة من الهند لوقف إمدادات المياه من نهر السند "عملا حربيا".
وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء شهباز شريف "أي محاولة لوقف أو تحويل تدفق المياه التي تعود إلى باكستان بموجب معاهدة مياه نهر السند... ستعتبر عملا حربيا وسيتم الرد عليها بقوة".
ورد نظيره الباكستاني خواجة آصف معتبرا أنّ "الهند تشنّ حربا محدودة ضدنا، وإذا أرادوا تصعيد الموقف، نحن مستعدّون. ولحماية أرضنا، لن نخضع لأي ضغط دولي".

أميركا تدعم الهند

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس "كما صرّح الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو، فإن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الهند". وأضافت "إنهما يُدينان بشدة جميع أعمال الإرهاب ويطالبان بمحاكمة مرتكبي هذا العمل الشنيع".

تهديدات ومضايقات

نشرت الشرطة الهندية نشرت رسوما مركّبة لثلاثة مشتبه فيهم، بينهم مواطنان باكستانيان، واصفة إياهم بأنّهم أعضاء في جماعة "لشكر طيبة" الجهادية التي تتخذ باكستان مقرا.
ويُشتبه في أن هذه الجماعة نفذت الهجمات التي أسفرت عن مقتل 166 شخصا في مدينة بومباي الهندية في نوفمبر 2008.
إضافة إلى ذلك، عرضت الشرطة مكافأة قدرها مليوني روبية (أكثر من 20 ألف يورو) مقابل معلومات تؤدي إلى القبض على المشتبه فيهم.
الخميس أيضا، أعلن الجيش الهندي مقتل أحد جنوده في اشتباكات في منطقة باسانتغار.
وفي الأثناء، عاد الهدوء إلى مدينة سريناغار الرئيسية في كشمير، إلا أنّ العديد من السكان أعربوا عن مخاوفهم.
وقال المؤرّخ المحلي سيدهي وا هيد لفرانس برس إنّ "جميع الذين تحدثت إليهم يشعرون بالحزن والصدمة بسبب المنحى الذي اتخذته الأحداث"، مضيفا "لكن من المبكر جدا التحدث عن الأسباب" وراء الهجوم.
ورغم أنّ الكثير من السياح غادروا المدينة في أعقاب الهجوم، إلا أنّ شوارعها لا تزال تعجّ بالناس، خصوصا حدائقها الشهيرة، وفقا لمصوّر في فرانس برس.
وفي الجانب الباكستاني من كشمير، تظاهر مئات الأشخاص، كما هو الحال في مدن أخرى في باكستان، بدعوة من حزب يدعو إلى النضال المسلح من أجل ضم كل كشمير إلى باكستان.
وقال الأمين العام للحزب مزامل كاظمي لفرانس برس "الأمة بأكملها متحدة للدفاع عن أراضيها".
من جانبه، أفاد اتحاد طلاب جامو وكشمير بأنّ العديد من الطلاب الذين يتحدّرون من كشمير، يتعرّضون لتهديدات ومضايقات في مختلف أنحاء الهند منذ هجوم الثلاثاء، ويُتهمون بأنّهم "إرهابيون".
وندد رئيس الاتحاد ناصر خوهامي بـ"حملة كراهية وتشهير متعمّدة ومحدّدة الأهداف.

هل تندلع الحرب الخامسة؟

يتوقع كثير من الخبراء ردا عسكريا من نيودلهي، كما حدث في العام 2019 بعد هجوم دامٍ استهدف قافلة لجنود هنود.
وقال المحلّل برافين دونثي من مجموعة الأزمات الدولية لوكالة فرانس برس، إنّ "هذا الهجوم سيعيد العلاقات بين البلدين إلى أحلك أوقاتها".
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن.
ومنذ التقسيم في عام 1947 واستقلالهما، تتنازع الهند وباكستان السيادة على كامل إقليم كشمير الذي تقطنه غالبية مسلمة وتم تقسيمه بين البلدين.
ويقاتل متمردون في كشمير منذ عام 1989 لتحقيق استقلال الإقليم أو اندماجه مع باكستان. وتتهم نيودلهي إسلام آباد منذ فترة طويلة بدعمهم. لكن باكستان تنفي ذلك وتقول إنها تكتفي بدعم نضال سكان كشمير من أجل تقرير المصير.
وشهدت الدولتان ٤ حروب معظمها كان نتيجة الخلاف على كشمير، بحسب مركز مراقبة الأسلحة كالآتي:
  1. أكتوبر 1947 – يناير 1949: اندلعت أول حرب هندية باكستانية عقب غزو كشمير من قبل رجال قبائل مسلحين قادمين من باكستان. طلبت كشمير المساعدة العسكرية من الهند، وفي المقابل وافقت على تسليم سلطات الدفاع والاتصالات والشؤون الخارجية للهند، مما يعني انضمامها إلى الهند. تم ترتيب وقف إطلاق النار في 1 يناير 1949، وتم إنشاء خط لوقف إطلاق النار – يُعرف الآن بخط المراقبة (Line of Control).
  2. أغسطس 1965: اندلعت نتيجة سلسلة من الاشتباكات عبر الحدود بين الهند وباكستان، وانتهت الحرب في يناير 1966 عندما وقع المسؤولون من الهند وباكستان إعلانًا يؤكد التزامهم بالسلام.
  3. ديسمبر 1971: عندما أصبحت الهند وباكستان دولتين مستقلتين، كانت باكستان مقسمة إلى قسمين – باكستان الشرقية وباكستان الغربية، وقعت الحرب الهندية الباكستانية الثالثة عندما اندلعت حرب أهلية في باكستان، حيث واجهت باكستان الغربية باكستان الشرقية التي طالبت بالاستقلال. فرّ ملايين من سكان باكستان الشرقية إلى الهند، وسرعان ما استسلم الجيش الباكستاني الغربي. حصلت باكستان الشرقية على استقلالها في 6 ديسمبر 1971 وغيّرت اسمها إلى بنغلاديش.
  4. مايو 1999: شنت الهند غارات جوية ضد قوات مدعومة من باكستان كانت قد دخلت الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير. ومع تصاعد القتال واقترابه من صراع مباشر بين الدولتين النوويتين، وُضعت القوات الباكستانية في حالة تأهب قصوى، وفرّ ما لا يقل عن 38,000 شخص من منازلهم على الجانب الباكستاني من خط المراقبة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة