سياسة

زيارة ترامب للشرق الأوسط تنهي شهر العسل الإسرائيلي؟

نشر
blinx
قبل ساعات من وصوله إلى الشرق الأوسط، أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تساؤلات كثيرة في الأوساط السياسية الإسرائيلية، بعدما قرر تجاوز "أقرب حلفاء واشنطن في المنطقة"، إسرائيل، وعدم إدراجها ضمن جدول زيارته الرسمي الذي يشمل السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر.
هذه الخطوة المفاجئة تأتي وسط سلسلة من الإجراءات الأميركية التي أربكت إسرائيل وأثارت شكوكاً حول مدى تناغم الحليفين في مواجهة تحديات المنطقة، بحسب تقرير مطول لصحيفة "وول ستريت جورنال".
قرارات ترامب التي فاجأت إسرائيل في أكثر من ملف، بررها سفير واشنطن لدى إسرائيل، مايك هاكابي، قائلا: "الولايات المتحدة ليست ملزمة بإبلاغ إسرائيل بكل خطوة تقوم بها".

صفقات جانبية تقلق إسرائيل

في خطوة غير متوقعة، أعلنت إدارة ترامب يوم الإثنين عن اتفاق مع حركة حماس أدى إلى إطلاق سراح الرهينة الأميركي عيدان ألكسندر، بعد احتجازه لأكثر من 18 شهراً في قطاع غزة.
ورغم الترحيب بالصفقة، إلا أنها أثارت قلقاً عميقاً في إسرائيل، التي تخشى منذ مدة من أن تدخل واشنطن في مفاوضات منفصلة مع حماس لإطلاق سراح رعاياها، ما قد يأتي على حساب الأسرى الإسرائيليين الآخرين في غزة.
ردود الفعل داخل إسرائيل انقسمت؛ ففي اليسار، اتهم البعض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتقاعس عن بذل الجهد اللازم لتحرير الأسرى.
بينما عبّر اليمين عن خشيته من أن تكون هذه الخطوة مقدّمة لضغوط أميركية على نتنياهو من أجل التوصل إلى اتفاق أوسع يُنهي الحرب قبل تحقيق "النصر" على حماس.

هدنة مع الحوثيين بدون ضمانات

القلق الإسرائيلي تضاعف بعد إعلان ترامب وقف الحملة الجوية الأميركية ضد الحوثيين في اليمن، والتي استمرت سبعة أسابيع، دون اشتراط توقفهم عن مهاجمة إسرائيل.
الإعلان جاء بعد ساعات فقط من سقوط صاروخ حوثي في محيط مطار بن غوريون، ما زاد من الشعور بالخذلان في تل أبيب.

مفاوضات مع إيران وتهميش للتنسيق

الملف النووي الإيراني شكّل مفاجأة أخرى. ففي الوقت الذي كانت إسرائيل تأمل بالحصول على "ضوء أخضر" من واشنطن لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، قررت إدارة ترامب الانخراط في مفاوضات مباشرة مع طهران، مع عدم الحسم بعد بشأن السماح لها بتخصيب اليورانيوم. هذا التحول أوحى بتراجع الأولوية الإسرائيلية في حسابات البيت الأبيض.

ضرائب على المنتجات الإسرائيلية

الضربة الاقتصادية لم تتأخر أيضاً. فرغم وعود سابقة بإعفاء إسرائيل، شملت الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة صادرات إسرائيل بنسبة 17%، ما عُدّ صفعة اقتصادية مفاجئة في قلب العلاقات الثنائية.

من حليف صلب إلى "شريك صعب"

السلوك الجديد لإدارة ترامب بات يربك حسابات الإسرائيليين. فالرئيس الذي اعتُبر في ولايته الأولى حليفاً لا يتزحزح، يتحول اليوم في ولايته الثانية إلى عنصر غير متوقّع. ويعكس هذا التغير تنامي نفوذ الجناح "الانعزالي" في الحزب الجمهوري، خاصة مع أولوية ترامب لتحقيق مكاسب اقتصادية على حساب التحالفات التقليدية.
"ما كان يدور في أذهان الإسرائيليين عند التفكير بولاية ثانية لترامب، هو نسخة عن ولايته الأولى"، يقول يوحنان بليسنر، رئيس معهد إسرائيل للديمقراطية. "لكن ما نراه اليوم هو إدراك واقعي بأن ترامب ليس رئيس وزراء إسرائيل، بل رئيس الولايات المتحدة".
هذا الموقف أكده سفير ترامب لدى إسرائيل، مايك هاكابي، الذي قال في مؤتمر صحفي الجمعة: "الولايات المتحدة ليست ملزمة بإبلاغ إسرائيل بكل خطوة تقوم بها"، مضيفاً أن "لإسرائيل حق السيادة ذاته".

نتنياهو في مأزق سياسي

العلاقة الوثيقة بين نتنياهو والحزب الجمهوري، والتي استثمر فيها لسنوات، تضعه الآن في موقف معقد. ففي ظل غياب الدعم التقليدي، لم يعد قادراً على ممارسة الضغط على ترامب كما كان يفعل مع الديمقراطيين خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن.
في محاولة لفهم الموقف الأميركي، سافر الوزير رون ديرمر، أحد أقرب مستشاري نتنياهو، إلى واشنطن الأسبوع الماضي، للاجتماع بمسؤولين أميركيين.
وبحسب مصادر إسرائيلية، عاد ديرمر بتطمينات جزئية حول استمرار التنسيق في ما يخص المفاوضات النووية مع إيران، والجهود الرامية لوقف إطلاق النار في غزة، مع اتفاق ضمني على ضرورة إقصاء حماس من أي ترتيبات مستقبلية.
وقال مسؤول إسرائيلي بارز: "العلاقة جيدة، ليست مثالية، لكنها مثل رقصة التانغو... أحياناً يتعثر الشريكان".

تراجع في ثقة الشارع الإسرائيلي

في استطلاع للرأي أجراه معهد إسرائيل للديمقراطية قبيل انتخابات نوفمبر، اعتقد 65% من الإسرائيليين أن ترامب سيكون أكثر دعماً لمصالحهم من كامالا هاريس، مقابل 13% فقط.
غير أن هذه الثقة بدأت تهتز، إذ أظهر استطلاع حديث في أبريل أن 46% فقط يعتقدون أن أمن إسرائيل سيكون أولوية في مفاوضات ترامب مع إيران، بينما رأى 44% أنه سيكون مسألة هامشية.
ويقول السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن، مايكل أورن: "أعتقد أن هناك قلقاً حقيقياً في إسرائيل... لا أعرف إلى أي مدى هو مبرر، لكن لا يمكن تجاهله".

رؤية جديدة لأميركا في المنطقة

المراقبون يرون أن واشنطن باتت تتعامل مع ملفات الشرق الأوسط وفق "نص مختلف"، لا يتضمن إسرائيل بالضرورة.
ويوضح يوئيل غوزانسكي، الخبير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أن الولايات المتحدة "تسعى لتحقيق مكاسب دبلوماسية واقتصادية في المنطقة، وليس لخوض الحروب بالنيابة عن أحد".
تتشارك هذا التوجه شخصيات بارزة في إدارة ترامب، مثل نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الدفاع بيت هيغسيث، بينما يحتفظ آخرون بدعمهم القوي لإسرائيل. هذا التناقض الداخلي داخل الإدارة الأميركية يفتح الباب لمزيد من الغموض والتوتر.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة