"Th Citizen Ship".. سباق تلفزيوني نحو الجنسية الأميركية
في صباحٍ رمادي على رصيف جزيرة إيليس آيلاند الصغيرة في خليج نيويورك، حيث كان المهاجرون سابقاً يصطفّون على أمل الحصول على فرصة حياة جديدة، ترسو سفينة تحمل اسم Th Citizen Ship، أو سفينة المواطن.
لا يُستقبل المُهاجرون هذه المرة من قبل ضباط الهجرة، بل من قبل نجمة تلفزيونية، ترتدي قبعة بيسبول وتحمل قفازاً رياضياً مخصصاً لكل مشارك. إنها بداية عرضٍ تلفزيوني غير مسبوق للمنافسة على الجنسية الأميركية.
ذكرت صحيفة
وول ستريت جورنال أنّ وزارة الأمن الداخلي الأميركية تدرس في مراحلها الأولى مقترحاً تلفزيونياً غير تقليدي، حيث من المتوقع أن يتنافس المهاجرون الذين سبق وتمّت الموافقة على طلباتهم مبدئياً لنيل "فرصة" لتسريع مسارهم نحو الجنسية الأميركية.
صاحب الفكرة هو روب وورسوف، منتج كندي المولد، سبق له العمل على برامج مثل Duck Dynasty و The Millionaire Matchmaker.
يرى وورسوف أنّ البرنامج يمثل "احتفاءً بالأمل والانتماء الأميركي"، وليس نسخة من "The Hunger Games"، ويؤكد أنّ "الخاسرين" لن يتم ترحيلهم، بل سيكونون مؤهلين للتقدّم لاحقاً للحصول على الجنسية بطرق تقليدية، وفقاً لتصريحات أدلى بها لصحيفة وول ستريت جورنال.
يتضمن العرض التلفزيوني انتقال المتنافسين على متن قطار يُسمى "The American" عبر مختلف الولايات الأميركية، حيث يخوضون تحديات مستوحاة من الطابع الثقافي لكل منطقة.
في ويسكونسن، مثلا، عليهم المشي دون فقدان توازنهم على جذوع الأشجار المتدحرجة، بينما في سان فرانسيسكو، يُطلب منهم تعدين الذهب من منجمٍ رمزي. أما في فلوريدا، فعليهم بناء صواريخ وإطلاقها من مركز "كيب كانافيرال" التابع لوكالة "ناسا".
وتنقسم المنافسة إلى فرق، يتواجه أفرادها في تحديات تمتد من تجميع سيارة فورد موديل 1914 في ديترويت إلى إيصال البريد على ظهور الخيل بين ميسوري وكانساس.
الجوائز بدورها ستكون "أيقونية أميركية": مليون نقطة من خطوط "أميركان إيرلاينز" وبطاقة ستاربكس بقيمة 10 آلاف دولار، أو حتى قسيمة التزود ببنزين السيارات مدى الحياة.
ينتهي الموسم بنزول المتسابقين من القطار في واشنطن العاصمة، ليتقدم الفائز إلى درج مبنى الكابيتول حيث سيتم منحه الجنسية الأميركية في مراسم رسمية، مع تحليق طائرات Thunderbird فوق المكان، وأداء القسم أمام قاضٍ أو سياسي رفيع المستوى، كما ورد في العرض الترويجي.
تدعم وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، الملقبة باسم "باربي الأمن الداخلي"، المشروع وتشارك فيه بفعالية، حتى أنها تعرض موظفين من إدارة الهجرة لتولي عملية فرز الأصوات داخل البرنامج، وفقاً لتقرير من موقع
ديلي بيست.
وتعتبر نويم البرنامج فرصة لتعزيز صورة الوزارة وربما فتح أبواب التمويل والرعاية التجارية، حيث يرى وورسوف أن البرنامج "قابل للربح تجارياً بشكل كبير" من خلال الرعاة والداعمين.
لكن هذا التوجه لم يخلُ من الجدل. فوفقاً لما نقلته وول ستريت جورنال، أثار أسلوب نويم في إدارة الوزارة، الذي يوصف بأنه أقرب إلى إنتاج تلفزيوني، انتقادات واسعة، خاصة بعد ظهورها في جلسات تصوير مثيرة للجدل، كارتدائها ساعة رولكس بقيمة 50 ألف دولار أثناء زيارتها لسجن في السلفادور، أو حملها لسلاح موجه بالخطأ نحو رأس ضابط دورية حدود.
داخل الوزارة نفسها، يعتبرها بعض الموظفين مجرد "واجهة دعائية"، متهمين إياها بإهمال المهام اللوجستية لصالح الحملات الإعلامية. وقد أشارت الصحيفة إلى حادثة مُحرجة للوزيرة عندما نشرت على موقع إكس صورة لعملية مداهمة قام بها ضباط الأمن الداخلي في نيويورك قبل أن تنتهي تلك العملية، ما أدى إلى فشل العملية جزئياً.
هل يتحوّل "الحلم الأميركي" إلى عرض تلفزيوني؟
بين النقد والدعم، يبقى السؤال مطروحاً: هل يليق بجنسية دولة عظمى أن تتحوّل إلى جائزة في برنامج تلفزيوني؟ وهل يمكن حقاً للكاميرا أن تنقل قيمة الانتماء، أم أنها ستختزل الحلم الأميركي إلى حلقة من ترفيه الواقع؟
في النهاية، وبين القفز على جذوع الأشجار وتجميع السيارات القديمة، سيظل المتسابقون، والمشاهدون على حد سواء، يسألون أنفسهم: هل أصبح الطريق إلى الجنسية يمرّ عبر شاشة العرض؟