بعد مقتل أزولاي.. هل تُفجّر "هدنة غزة" حكومة نتنياهو؟
بين ضغوط دولية تقودها واشنطن، وخلافات داخلية تُهدد تماسك حكومته، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نفسه أمام معادلة شديدة التعقيد: هل يُبرم صفقة مع حماس تُعيد الرهائن وتوقف الحرب، أم يُبقي على وحدة ائتلافه الحكومي المهددة بالانفجار؟
في وقت تُبدي حركة حماس استعدادًا أوليًا للإفراج عن عدد من الأسرى، وتؤكّد إسرائيل، بدعم أميركي، قرب التوصّل إلى وقف إطلاق نار مؤقت، تتصاعد الأصوات داخل اليمين الإسرائيلي ضد ما يصفونه بـ"صفقات مُخزية".
محور "موراغ" في الجنوب يتحوّل إلى اختبار لمستقبل الاتفاق، واللقاءات المتكرّرة بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ونتنياهو لا تُخفي حجم العقبات المتبقية.
فهل باتت نهاية الحرب أقرب من أي وقت مضى، أم أن الداخل الإسرائيلي نفسه هو مَن يقف أمامها؟
محور موراغ.. نقطة خلاف عسكرية أم ورقة تصعيد سياسي؟
رغم التقدّم النسبي في المفاوضات، ما يزال محور "موراغ" يشكّل نقطة خلاف جوهرية تمنع التوصل إلى اتفاق شامل.
فبحسب ما أفادت يديعوت أحرونوت، عرضت إسرائيل خريطة جديدة تتيح بقاءً جزئيًا لقواتها في هذا المحور الحيوي الواقع بين خانيونس ورفح، بينما تصرّ حماس على انسحاب كامل منه.
وتعتبر إسرائيل السيطرة على "موراغ"، أو ما تسميه "فيلادلفيا 2"، أمرًا ضروريًا لإقامة "مدينة إنسانية" جنوبه، وإجراء عمليات فرز أمني للفلسطينيين العائدين إلى رفح، التي تحوّلت إلى أنقاض لا تصلح للعيش.
المخطط يشمل إقامة خيام ومبانٍ متنقلة، وقدّمت إسرائيل اقتراحًا جديدًا لقطر بشأن إعادة انتشار قواتها هناك خلال فترة وقف إطلاق النار المقترحة لمدة 60 يومًا.
الحكومة الإسرائيلية بين صفقة الرهائن وغضب شركاء اليمين
الاستعداد الإسرائيلي لتقديم تنازلات مقابل الإفراج عن الأسرى أثار موجة انتقادات لاذعة داخل الائتلاف الحاكم.
وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، اعتبر في محادثات مغلقة أن الانسحاب من المناطق التي أعيد احتلالها في غزة "خيانة فادحة للمقاتلين" و"صفعة غير عقلانية وغير أخلاقية"، وفق ما نقلته إسرائيل هيوم.
من جهته، حمّل وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، رئيس الوزراء الإسرائيلي مسؤولية مقتل الجندي أفرهام أزولاي، معتبرًا أن المفاوضات تشجّع حماس على اختطاف مزيد من الجنود.
عضو الكنيست تسفي سوكوت اعتبر إعادة المناطق لحماس "بصقة في وجه المقاتلين"، ونشر فيديو يظهر الجندي القتيل أثناء أداء مهامه في رفح.
نتنياهو وترامب.. الضغط الدولي والحسابات الائتلافية
بينما تتواصل اللقاءات بين نتنياهو والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، آخرها لقاؤهما الثاني خلال 24 ساعة في واشنطن، تُشير جيروزاليم بوست إلى أن الأولويات السياسية انتقلت من إيران إلى غزة.
وبحسب القناة 12، يمارس ترامب ضغوطًا متواصلة على نتنياهو لإتمام الصفقة، بينما حذر مساعد المبعوث الأميركي آدم بوهلر من أن "المرونة" مطلوبة الآن.
ورغم رغبة الطرفين في التوصّل إلى اتفاق، شدد نتنياهو على أن "لا اتفاق بأي ثمن".
التحدّي الأكبر يبقى في كيفية تمرير الصفقة من دون تفجير الائتلاف اليميني الذي لا يخفي رفضه لأي تنازل لحماس، بحسب ما ورد في تقارير جيروزاليم بوست ورويترز.
مصير الصفقة.. تفاؤل أميركي إسرائيلي أم طريق مليء بالعراقيل؟
في ظلّ مؤشرات التفاؤل التي تنقلها صحف إسرائيلية حول الاستعداد النفسي لدى حماس لقبول التهدئة، لا تزال العقبات قائمة.
فبحسب رويترز، لم تُحرز المحادثات في الدوحة خلال 4 أيام تقدمًا جوهريًا في القضايا الخلافية، رغم أن صفقة تشمل الإفراج عن 10 رهائن أحياء وتسليم رفات تسعة آخرين باتت قيد النقاش.
ترامب أعرب عن تفاؤل مشروط، قائلاً: "هناك احتمال لصفقة هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل، لكن لا شيء مؤكد".
حماس، من جانبها، أكّدت في بيان رسمي استعدادها للإفراج عن عدد من الأسرى، لكنها شددت على ضرورة ضمان تدفق المساعدات وانسحاب إسرائيل، وفق القناة 12 الإسرائيلية.
وفي ظلّ هذه التباينات، لا تزال التسوية مؤجلة، بينما تتكثف الضغوط الأميركية ويتزايد الترقب في إسرائيل.