على حافة الانهيار.. كواليس تعثر صفقة الرهائن بين إسرائيل وحماس
بين تبادل الاتهامات وتضارب الروايات، تترنّح صفقة الرهائن بين إسرائيل وحماس في مفترق حرج.
رغم الآمال الإسرائيلية بتحقيق اختراق في المفاوضات، تكشفت خلال الساعات الماضية تفاصيل جديدة، بحسب تقارير إسرائيلية، تُظهر استمرار الخلافات حول صلاحيات الوفد الإسرائيلي وخريطة الانسحاب، في وقت تُوجّه عائلات الرهائن انتقادات حادة لنتنياهو، معتبرة أنه يضيّع فرصة التوصل إلى اتفاق.
إسرائيل توافق وحماس ترفض.. أين تكمن العقدة؟
أعلنت إسرائيل بشكل رسمي قبولها بالمقترح القطري لصفقة الرهائن، مؤكدة أن المفاوضات في الدوحة لا تزال مستمرة.
فبحسب ما صرح به مسؤول رفيع في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ونقلته وسائل إعلام عدة منها "جيروزاليم بوست"، تم إرسال الفريق الإسرائيلي إلى الدوحة استناداً إلى المقترح القطري الذي وافقت عليه إسرائيل، وقد مُنح الفريق التفويض اللازم لخوض المحادثات.
وتوجه الاتهامات الإسرائيلية مباشرة إلى حركة حماس، حيث ذكر مصدر سياسي لصحيفة "معاريف" أن "إسرائيل وافقت على المقترَح القطري، وحماس رفضته".
وتتوسع دائرة الاتهامات الإسرائيلية، إذ نقلت "إسرائيل هيوم" عن مصدر سياسي قوله إن "حماس تضع العراقيل، لا تبدي أي مرونة، وترافق المحادثات بحرب وعي تهدف إلى تقويض المفاوضات".
ويضيف المصدر أن إسرائيل أبدت استعدادًا لتقديم تنازلات، لكن إصرار حماس على مواقفها يعوق تقدم الوسطاء.
وتؤكد هذه الرواية منشورات، باراك رافيد، على منصة "إكس" وتقارير القناة ١٣ الإسرائيلية، التي تشير إلى أن حماس ترافق المفاوضات بـ"حرب وعي" لتخريب العملية التفاوضية والضغط على الرأي العام في إسرائيل.
ووفقاً لمصدر سياسي تحدث لقناة "كان" الإسرائيلية، لو وافقت حماس على المقترح، لكان بالإمكان التوصل لاتفاق ووقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً، والدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب.
نقاط التفاوض العالقة.. المساعدات والانسحاب العسكري
في المقابل، تؤكد حركة حماس أن المفاوضات كانت "صعبة" بسبب "تعنّت" إسرائيل، حسب وصفها، مشيرة إلى وجود نقاط عدة عالقة، بحسب ما ورد في تقرير لـ"جيروزاليم بوست".
وتطالب الحركة بضمانات حقيقية لوقف دائم لإطلاق النار، وتصرّ على أن يتم إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية عبر وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية.
هذا المطلب يصطدم، وفقاً لتقارير "جيروزاليم بوست" وقناة "كان"، بالرغبة الإسرائيلية في أن يتمّ توزيع المساعدات من خلال ما يُعرف بـ"الصندوق الإنساني لغزة".
وتبرز قضية الانسحاب العسكري الإسرائيلي من غزة كأحد أبرز الملفات الخلافية التي لم تُحسم بعد. فبينما قدمت إسرائيل عرضاً يتضمن مرونة في انتشار قواتها، أفاد مصدران فلسطينيان لوكالة "فرانس برس"، كما نقلت القناة ١٣، أن العقبة الأساسية كانت إصرار إسرائيل على عدم تقديم خريطة انسحاب واضحة.
وأوضح المصدران أن ما قُدم بدا كإعادة انتشار للقوات وليس انسحاباً، مع بقاء الجيش في أكثر من 40% من أراضي القطاع.
وتضيف شبكة "بي بي سي" في تقريرها الذي استندت إليه قناة "كان"، تفاصيل دقيقة حول هذه النقطة، فبعد أن قدمت إسرائيل مقترحاً بمنطقة عازلة بعمق 1 إلى 1.5 كيلومتر، أظهرت الخرائط التفصيلية التي طالبت بها حماس مناطق عازلة تصل إلى 3 كيلومترات، ما اعتبره الجانب الفلسطيني محاولة "مراوغة وسوء نية" قوضت الثقة بين الطرفين.
الوفد الإسرائيلي "منزوع الصلاحيات"؟
تنقل مصادر فلسطينية شكوكًا بشأن مدى التزام إسرائيل بالتفاوض الجادّ، متهمةً إياها بالمماطلة وتضييع الوقت.
فقد نقلت "بي بي سي" عن مسؤولين فلسطينيين مطلعين على المحادثات، وهو ما ورد في تقارير "جيروزاليم بوست" و"كان" والقناة ١٣، قولهم إن المفاوضات على وشك الانهيار.
ويزعم أحد المسؤولين الفلسطينيين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أرسل وفداً إلى الدوحة من دون صلاحيات حقيقية في النقاط الخلافية الجوهرية.
وبحسب مصدر فلسطيني بارز تحدث لـ"بي بي سي"، فإن إسرائيل "كسبت وقتاً" خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن وعمدت إلى تعطيل المفاوضات.
ويتهم مسؤول كبير في وفد حماس، في حديثه للشبكة البريطانية، الجانب الإسرائيلي باستغلال جولات التفاوض "لتقديم صورة وهمية عن التقدم"، مضيفاً: "لم يكونوا جادين في هذه المحادثات أبدًا".
وبحسب مصدر فلسطيني تحدث لـ"بي بي سي"، فإن إسرائيل رفضت مقترحات حماس التي وُصفت بـ"الشروط الأساسية"، معتبرة إياها "غير مقبولة"، ما أعاد التشكيك في قدرة الوفد الإسرائيلي على اتخاذ قرارات حاسمة.
غضب عائلات الرهائن.. نتنياهو يُضيّع الفرصة بدوافع ائتلافية
في ظل تصاعد التوترات، عبّرت عائلات الرهائن الإسرائيليين عن استيائها من أداء الحكومة، محمّلةً إياها مسؤولية تعثّر المفاوضات.
ففي بيان حادّ اللهجة لهيئة عائلات الرهائن، ورد في تقرير القناة ١٣ الإسرائيلية، أنّ "هذا الجمود ناجم عن اعتبارات سياسية لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية، ويتعارض مع إرادة الشعب".
ووجه البيان سؤالاً مباشراً لنتنياهو: "هل سيختار الشعب، أم محور سموتريتش-بن غفير؟ هل يختار الحياة والرهائن الـ50، أم بقاء الائتلاف واستمرار التورط الدموي في وحل غزة؟".
ويحذر مقر عائلات الرهائن، في تصريحات نقلتها قناة "كان"، من تفويت الفرصة، متهماً نتنياهو بالتحرك "بدوافع سياسية غير مبررة".
وفي رسالة مباشرة لرئيس الوزراء نقلتها القناة ١٣، ذكرت العائلات أن "75% لن يغفروا تفضيلك للمصالح السياسية على المصلحة الوطنية، الأخلاقية، والإنسانية".
وفي المقابل، حاولت إدارة شؤون الرهائن والمفقودين طمأنة العائلات في بيان رسمي، ورد ذكره في تقرير القناة ١٣، مؤكدة أن المحادثات مستمرة، وأن حماس هي من تضع العراقيل وتنشر "رسائل دعائية منهجية" كجزء من حربها النفسية، داعية إياهم للاعتماد على المعلومات الرسمية فقط.