تسليح وشراء يورانيوم.. كيف توسع إيران نفوذها في أفريقيا؟
في السنوات الأخيرة، تزايدت المؤشرات على تنامي حضور إيران في القارة الأفريقية سواء على المستوى الاقتصادي أو العسكري، حيث كشفت تقارير إعلامية غربية عن صفقات وعمليات أثارت قلق المجتمع الدولي لما تحمله من أبعاد استراتيجية تتجاوز المصالح الثنائية.
صفقة اليورانيوم بين إيران والنيجر
في أبريل 2024، كشف موقع
آفريكا إنتيليجنس الفرنسي ومن بعده
معهد العلوم والأمن الدولي أن النيجر تفاوضت مع إيران لبيعها 300 طن من أكسيد اليورانيوم المعروف بـ "الكعكة الصفراء" بقيمة 56 مليون دولار أميركي. وأوضحت المصادر أن جزءاً من هذه الكميات ربما تم تسليمه بالفعل، وأن هذه الكمية تكفي نظرياً لصناعة ما يقارب 30 سلاحاً نووياً .
وأوضح محللون أن النيجر ربما تستعد لبيع المزيد من الكعكة الصفراء لطهران في المستقبل. فحتى وقت قريب، كان اليورانيوم في النيجر يُستخرج من قبل شركات فرنسية مثل "أورانو"، غير أن القادة العسكريين الذين وصلوا إلى السلطة عقب الانقلاب عام 2023 أعلنوا نيتهم إلغاء تراخيص التعدين.
وتشير تقارير إلى أن إيران تسعى لإبرام اتفاق لبدء عمليات التعدين بنفسها في منطقة "إيمورارن"، التي يُقدر أنها تحتوي على 200 ألف طن من المعدن، وفقاً لتقرير
آفريكا إنتيليجنس.
في هذا الشأن، قال بهنام بن طالبلو، مدير برنامج إيران في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" (FDD) إن هناك اتفاقاً سرياً بين إيران والنيجر لتبادل اليورانيوم مقابل طائرات مسيرة، مضيفاً أن "طهران لاعب انتهازي في الشرق الأوسط وخارجه،" وفقاً لتصريحات أدلى بها لموقع قناة
فوكس نيوز.
الدور الإيراني في السودان وأفريقيا
في هذا الصدد، قالت القيادة الأميركية في أفريقيا إن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات مسيرة من طراز مهاجر-6، استُخدمت بفعالية مؤخراً في استعادة العاصمة الخرطوم والقصر الرئاسي. وأكد بن طالبلو أن الطائرات الإيرانية تنشط اليوم في أربع قارات، من بينها القارة الأفريقية، خصوصاً في النزاعات الدائرة في السودان وإثيوبيا.
استراتيجية إيران الأفريقية
أوضح فرانس كرونيه، رئيس مؤسسة "يوركتاون" في واشنطن، لموقع فوكس نيوز أن الاستراتيجية الأفريقية لإيران تقوم على ثلاثة مكونات:
- تقديم التدريب والدعم المادي للجماعات المتطرفة في أفريقيا للمساهمة في تصدير الإرهاب عالمياً
- استهداف المجتمعات المؤيدة للغرب في القارة
- خلق بيئة عالية المخاطر للمستثمرين الغربيين
كما أشار تقرير نشرته صحيفة
طهران تايمز في أبريل 2025 إلى أن أكثر من 700 تاجر ومسؤول من 38 دولة أفريقية شاركوا في قمة إيران-أفريقيا والمعرض التجاري الأكبر في البلاد "إيران إكسبو" في طهران وأصفهان. وقال مصدر في وزارة الخارجية الإيرانية للصحيفة إن الإعداد للقمة استمر نحو عام كامل، ما يعكس الأهمية التي توليها طهران لعلاقاتها مع أفريقيا .
الإرث التاريخي للعلاقات الإيرانية-الأفريقية
تاريخياً، حرصت القيادة الإيرانية منذ الثورة عام 1979 على دعم حركات التحرر في أفريقيا. فقد كان الخميني من أبرز المناصرين لهذه الحركات، بينما تحدث خلفه المرشد الأعلى علي خامنئي بإيجابية عن الأفارقة في عدة خطابات، مشيداً بتاريخهم في "مقاومة الاستعمار".
أكد جواد دهقان حقيقي، مدير إدارة إفريقيا في وزارة الخارجية الإيرانية، في مقابلة مع طهران تايمز أن العلاقة بين إيران وأفريقيا قائمة على "الاحترام المتبادل"، مشيراً إلى أن طهران يمكن أن تقدم خبراتها التكنولوجية والصناعية لأفريقيا مقابل فرص التعاون في مجالات الزراعة والموارد المعدنية والأسواق الاستهلاكية الكبيرة في القارة.
بدورها، أفادت وكالة
مهر في مايو 2025 أن وزير العمل الإيراني أحمد ميداري أعلن استعداد وزارته لتوسيع التعاون مع زيمبابوي في جميع المجالات.
وأوضح أن الاجتماع التاسع للجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران وزيمبابوي سيعقد في طهران لتعزيز العلاقات الثنائية، مشيراً إلى أن البلدين يتقاسمان مواقف متقاربة في المحافل الدولية، وأن هناك فرصاً كبيرة للتعاون في مجالات الصناعات الدوائية والتعدين والزراعة والصحة.
وتعكس التطورات الأخيرة اهتمام إيران المتزايد بتعزيز وجودها في أفريقيا من خلال مسارات اقتصادية واتفاقيات متعلقة بالموارد الطبيعية وأوجه تعاون مختلفة، فيما تظل الاتهامات الدولية بشأن أنشطتها في النيجر والسودان محل نقاش ومتابعة، مما يجعل القارة الأفريقية ساحة ذات أهمية متزايدة في تحركات طهران الإقليمية والدولية.