رهائن غزة بين التوبيخ والضغوط.. و"أكبر اجتياح" يقترب
.. "Good morning sunshine"
أو ما يقاربها بالعربية: "صباح الخير .. أخيرا استيقظتم"، بهذه العبارة، التي وصفتها صحيفة
تايمز أوف إسرائيل بـ"الساخرة والمحمّلة بالاستياء"، خاطب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أعضاء المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية مساء الأحد 31 أغسطس. وأضاف قائلا: "كنتم أنتم الحكومة يوم 7 أكتوبر، والآن فقط تتذكرون الحديث عن هزيمة حماس؟ أين كنتم في السابع؟ في الثامن؟ في التاسع؟ تتذكرون الآن، بعد عامين؟".
وبحسب ما نقلته قناة 13 الإسرائيلية، فقد وبّخ زامير رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وعدداً من الوزراء خلال الاجتماع، متهماً إياهم بأنهم لم يقرّروا يوما بجدية مواجهة حركة حماس إلا الآن، لتبرير توسيع الحملة العسكرية والتملّص من صفقة تبادل محتملة قد تفضي إلى إطلاق سراح نصف الرهائن المتبقين على الأقلّ.
ورغم الانقسام الذي يعصف بالمجلس الوزاري المصغّر، يواصل الجيش الإسرائيلي استعداداته، الثلاثاء، لاستدعاء 60 ألف جندي احتياط، في خطوة تمهّد لأضخم عملية عسكرية على مدينة غزة منذ ما يقارب عامين من الحرب المتواصلة.
منذ اندلاع الحرب في غزة، ظلّ نتنياهو يعد بالنصر و يؤكّد أنّ الحسم وشيك. ويعود هذه المّة ليضيف أنّه يجب إنهاء ما وصفه بـ"آخر معاقل حماس"، إشارة إلى مدينة غزة.
وقال الشهر الماضي: "نحن ماضون حتى النهاية.. اللحظة التي ينهار فيها مركز الثقل، ستنهار حماس".
هذا القرار أثار موجة إدانات دولية وانتقادات من عائلات الرهائن، وكشف عن خلاف علني بين نتنياهو والجيش، حيث عارض زامير الخطة.
رئيس الأركان يعارض تنفيذ أكبر عملية عسكرية على غزة
أشار تقرير نشرته صحيفة
تايمز أوف إسرائيل إلى أنّ اجتماع، الأحد، كان من أكثر الاجتماعات توتراً منذ بداية الحرب. فقد ألحّ زامير على الوزراء بضرورة دراسة صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن المطروحة حالياً، محذراً من أنّ اجتياح غزة قد يغرق إسرائيل في "مستنقع احتلال عسكري طويل الأمد".
وقال خلال الاجتماع، بحسب
يديعوت أحرونوت: "أنتم تتجهون نحو حكومة عسكرية. خطتكم ستقودنا إليها. افهموا العواقب".
وأكّد أنّ تجاهل البدائل سيجعل الجيش عالقاً في إدارة غزة سنوات طويلة، ما يرهق القوات ويفقد القيادة السياسية مصداقيتها.
التحضيرات الميدانية.. تطويق غزة وفتح ممر إنساني
يتحرك الجيش الإسرائيلي نحو مرحلة العمليات الميدانية، وفقا لصحيفة
معاريف، إذ بدأت الألوية بالتمركز في مناطق تجمع حول القطاع استعداداً لدخول واسع يهدف إلى تطويق مدينة غزة من قبل فرقتين:
- الفرقة 162 تضغط من الشمال
- الفرقة 99 تستعد لإنهاء السيطرة على أحياء الزيتون والصبرة خلال الأيام المقبلة
وتتضمن الخطة فتح ممر إنساني في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، للسماح للمدنيين بالخروج نحو منطقة المواسي وجنوب القطاع. وبعد الإخلاء، سينتقل الجيش إلى مرحلة ما تسمى بـ"التطهير"، التي تشمل هدم مبانٍ بشكل واسع لتفكيك بنية حماس.
في الوقت نفسه، صعّدت القوات الإسرائيلية من الضربات الجوية والمدفعية وبدأت بالتمركز على أطراف غزة، خاصة في أحياء مثل الزيتون والصبرة، مع إصدار تعليمات للسكان بمغادرتها باتجاه الجنوب.
معركة مختلفة.. قواعد إطلاق نار مشددة
بحسب صحيفة
معاريف، ستختلف العملية المقبلة عن الحملات السابقة بطرق أساسية عدة، حيث أن مدينة غزة أكثر تعقيداً وكثافة عمرانية من أي منطقة أخرى.
وبحسب معاريف، شدّد الجيش من إجراءات الموافقة على إطلاق النار:
• في السابق، كان يُسمح بالهجوم إذا لم تتوفر معلومات بوجود رهائن
• الآن، لا يُعتمد أي هجوم إلا إذا ثبت بشكل مؤكد خلو المنطقة من رهائن
في المقابل، يرى بعض المسؤولين والمحللين الإسرائيليين أن هذا الحشد العسكري قد يكون ورقة ضغط على حماس للقبول بشروط نتنياهو القصوى لإنهاء الحرب من خلال الاستسلام الكامل، نزع السلاح، والإفراج عن جميع الرهائن البالغ عددهم 48، 20 منهم على قيد الحياة وفق التقديرات، وفقا لما نقلته صحيفة
فايننشال تايمز.
ويؤكّد محللون عسكريون لفايننشال تايمز أن السيطرة على مدينة غزة قد لا تكون صعبة من الناحية التكتيكية، لكنها ستسير ببطء شديد مع استخدام كثيف للنيران لتقليل خسائر الجيش. ويصف المؤرخ العسكري غاي أفيعاد المعركة بأنّها "ساحة قتال بـ٤ طبقات" تضمّ:
- الأسطح المكشوفة
- الشقق الداخلية
- الأزقة المليئة بالأنقاض
- والأنفاق تحت الأرض
ترامب يشجع نتنياهو على الهجوم "بالقوة الكاملة"
كشف نتنياهو أمام الوزراء أنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حثّه على رفض أي صفقة جزئية مع حماس، معتبراً أن مثل هذه الصفقات ستتحول إلى سلسلة من "الاتفاقات" الصغيرة. وبدلاً من ذلك، دعا ترامب إلى مواصلة الحرب "بالقوة الكاملة" حتى إنهاء حماس، وفقا لصحيفة
تلغراف.
وبحسب القناة 12، فقد خسر ترامب الثقة بجدوى المفاوضات، ويضغط حالياً على نتنياهو للتحرك بسرعة أكبر نحو الحسم العسكري.
حكومة عسكرية أم غزة بلا فلسطينيين؟
لم يقتصر الجدل في المجلس الوزاري على الجوانب العسكرية، بل امتد إلى تصورات متناقضة لمستقبل غزة. فقد اقترح وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير: "بدلاً من حكومة عسكرية، شجعوا الهجرة الطوعية".
وبذلك أيّد طرحاً سبق أن تداولته إدارة ترامب في وثيقة من 38 صفحة، تقضي بإعادة توطين الغزيين خارج القطاع وتحويله إلى مركز تجاري وسياحي أميركي.
وكما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية، فإنّ هذا الخلاف بين زامير من جهة والوزراء وترامب من جهة أخرى يكشف عن فجوة واسعة بشأن اليوم التالي في غزة.