الجادة الخامسة في نيويورك محظورة على "وفد إيران".. التسوق ممنوع
في خطوة مثيرة تحمل رسائل سياسية واقتصادية، صعّدت الولايات المتحدة هذا الأسبوع ضغوطها على النظام الإيراني بقرار يمنع وفد طهران المشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك من "رحلات التسوق" الفاخرة.
وجاء في
بيان لوزارة الخارجية الأميركية أنّ هذه الإجراءات الجديدة تستهدف تقييد وصول أعضاء الوفد وعائلاتهم إلى المتاجر الكبرى الخاصة بالأعضاء ومنعهم من شراء البضائع الفاخرة، في وقت يعاني فيه الإيرانيون داخل بلادهم من الفقر وتداعي البنية التحتية ونقص المياه والكهرباء.
وقال نائب المتحدث باسم الوزارة تومي بيجوت إن الهدف هو "زيادة الضغط" على المؤسسة الدينية الإيرانية، بينما شدّد وزير الخارجية روبيو على أنّ تحركات الوفد ستقتصر على المسارات الضرورية للتنقّل بين مقر الأمم المتحدة وأماكن الإقامة والمطار، مؤكداً أنّ "أمن الأميركيين يظل أولوية"، وأن واشنطن لن تسمح لإيران باستغلال المنبر الأممي لتمرير أجندتها أو التمتع بامتيازات يفتقدها شعبه.
الموافقات المسبقة ووجهات التسوق المفضلة
ذكرت صحيفة
واشنطن بوست أنّ مكتب البعثات الأجنبية التابع لوزارة الخارجية الأميركية أصدر إشعارات جديدة تُلزم الدبلوماسيين الإيرانيين وأفراد عائلاتهم بالحصول على موافقة مسبقة قبل الحصول على عضوية في المتاجر الضخمة الخاصة بالأعضاء مثل Costco وSam’s Club وBJ’s Wholesale Club.
كما يجب الحصول على موافقة لشراء السلع الفاخرة كالساعة والمجوهرات والعطور، وكذلك أي سلعة تتجاوز قيمتها ألف دولار أو مركبة يزيد سعرها على 60 ألف دولار.
وأوضح كليفتون سيغروفز، مدير المكتب، أنّ هذه المتاجر الفاخرة، التي يتواجد معظمها في الجادة الخامسة في نيويورك (Fifth Avenue) كانت منذ سنوات وجهة مفضلة للدبلوماسيين الإيرانيين، إذ وفّرت لهم فرصة اقتناء كميات كبيرة من السلع غير المتاحة في إيران المعزولة اقتصادياً وبأسعار منخفضة نسبياً، ثم شحنها إلى بلادهم.
وأكدت شبكة
سي إن إن أنّ هذه الإجراءات تعني أنّ الوفد الإيراني لم يعد قادراً على ارتياد هذه المتاجر إلا بموافقة خاصة، في وقت تظل قيود الحركة المفروضة منذ 2019 قائمة، بحيث يقتصر تنقلهم على مقر الأمم المتحدة والبعثة الإيرانية ومقر السفير ومطار JFK.
ما الذي يشتريه الدبلوماسيون؟
بحسب
Economic Times و
Connecticut Post، تُصنَّف السلع الفاخرة على نطاق واسع لتشمل الساعات والملابس الجلدية والحريرية، والأحذية، والفراء الطبيعي أو الصناعي، والحقائب والمحافظ، وأقلام الحبر الفاخرة، ومستحضرات التجميل والعطور، والأعمال الفنية والتحف والسجاد واللوحات، إلى جانب الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة والإلكترونيات والأجهزة المنزلية والآلات الموسيقية والمنتجات الرياضية وحتى السجائر والمشروبات الكحولية.
ماذا أنفق رؤساء إيران السابقين في نيويورك؟
في سبتمبر 2022، رصد موقع
إيران إنترناشونال أنّ الرئيس إبراهيم رئيسي غادر نيويورك بعد مشاركته الأولى في الجمعية العامة محاطاً بانتقادات واسعة، لكن وفده ترك الفندق الفاخر Millennium Hilton محمّلاً بصناديق وأكياس كبيرة من البضائع.
انتشرت مشاهد على مواقع التواصل الإجتماعي تظهر شراء أجهزة منزلية ومكمّلات غذائية وحتى حفاضات أطفال وعربات أطفال، في وقت كانت إيران تشهد احتجاجات عنيفة ضد الغلاء والقمع.
أما خلال فترة الرئيس محمود أحمدي نجاد، فقد نقلت
راديو ليبرتي عن صحيفة ديلي ميل البريطانية أنّ أكثر من 140 شخصاً رافقوه إلى نيويورك، وأن عدداً كبيراً منهم أمضى وقتاً طويلاً في شراء الملابس الرخيصة والأحذية والفيتامينات من متاجر مثل Costco وWalgreens. وفي الوقت نفسه، استأجر نجاد طابقين كاملين في فندق فاخر، حيث بلغت تكلفة الجناح 1600 دولار لليلة الواحدة، واستعان بثلاثة طهاة شخصيين.
ماذا يعني تسوق المسؤولين للإيرانيين؟
خلال تغطية تسوق وفد أحمدي نجاد، نقلت ديلي ميل عن أحد العاملين مع الوفد قوله: "بسبب العقوبات لا يستطيعون الحصول على هذه الأشياء، كما أن عملتهم ضعيفة مقارنة بالدولار".
هذه المفارقة بين عجز المواطنين وحياة البذخ الدبلوماسيين زادت من النقمة الشعبية. إذ يمثل الاقتصاد التحدي الأكبر للنظام الإيراني الذي يواجه منذ احتجاجات 2017 غضب الطبقات الفقيرة والمتوسطة من الفقر والبطالة والتضخم، وفقا لرويترز.
وترى طهران أنّ هذا الغضب الشعبي هو الخطر الحقيقي الذي قد يقوّض شرعية المؤسسة الحاكمة، خاصة مع إصرار واشنطن في عهد الرئيس دونالد ترامب على إعادة تفعيل سياسة "الضغط الأقصى" وخنق صادرات النفط.