سياسة

بين السلام والمصالح.. تعقيدات تحاصر خطة ترامب لغزّة

نشر
blinx
في شرم الشيخ، تبدو المباحثات التي تُعقد بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة مصرية وبدفعٍ مباشر من واشنطن، في ظاهرها محاولة تقنية لترتيب تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لكنها في جوهرها صراع على النفوذ وإعادة رسمٍ لمعادلات السلطة في القطاع.
فبينما تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتقديم ما تسميه "خطة سلام"، تُظهر الوقائع الميدانية والسياسية أنّ كل طرف يدخل المفاوضات وفي ذهنه موازين القوى لا الحلول، كما ذكرت صحيفة لوموند. أما صحيفة واشنطن بوست فوصفتها بأنها "مفاوضات عالية المخاطر" وسط استمرار القصف الإسرائيلي وتزايد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب.

الانقسام الإسرائيلي ومأزق نتنياهو

بحسب لوموند، توصف الجلسات الأولى في مصر بأنها "تقنية"، لكن خلف هذا الوصف تختبئ معارك سياسية داخل إسرائيل تتمثل في إزاحة بنيامين نتنياهو رئيس الموساد دافيد برنيا من رئاسة الوفد المفاوض بعد اعتراضه على قصف الدوحة، وعيّن بدلاً منه رون ديرمر، أحد أكثر المقربين إليه، في خطوة تعكس رغبته في السيطرة المباشرة على الملف.
وتشير الصحيفة إلى أنّ نتنياهو وافق مبدئياً على ما سمّاه ترامب "الخط الأصفر"، الذي يُبقي الجيش الإسرائيلي مسيطراً على نصف القطاع والحدود مع مصر، لكنه يثير انقساماً داخل حكومته بين من يراه ضرورة لإنهاء الحرب ومن يعتبره تنازلاً خطيراً يمس العقيدة الأمنية الإسرائيلية.

حماس.. مخاوف من الفخ

من جهة أخرى، تدخل حركة حماس المفاوضات وسط ضغوط متناقضة. فبحسب واشنطن بوست، تطالب الحركة بضمانات واضحة من الولايات المتحدة بعدم استئناف الهجمات بعد إطلاق الأسرى، وتخشى أن "تسلّم الرهائن ثم يعلن الإسرائيليون أنهم لن ينسحبوا". كما تصرّ على جدول زمني محدد للانسحاب الكامل من غزة.
أما الإذاعة الوطنية العامة الأميركية فذكرت أن حماس وافقت جزئياً على الخطة المؤلفة من عشرين بنداً التي طرحتها واشنطن، لكنها طالبت بتعديلات على خط الانسحاب المقترح وبإطالة المدة الزمنية لتبادل الأسرى إلى سبعة أيام بدلاً من 72 ساعة، نظراً للدمار الواسع وصعوبة تحديد مواقع الرهائن.
وتشير المصادر نفسها إلى أن الحركة تعتبر الخطة "فخاً سياسياً"، خشية أن تستخدمها إسرائيل لتثبيت وجودٍ عسكري طويل الأمد داخل غزة تحت غطاءٍ أمني دولي.

خطة ترامب.. سلام مشروط بنزع السلاح

تقول لوموند إنّ الخطة الأميركية تجعل الانسحاب الإسرائيلي مشروطاً بـ"تفكيك الأسلحة" داخل غزة، وهو تعبير جديد يتضمن تدمير الأنفاق، ووقف تصنيع الصواريخ، وإخراج المتفجرات إلى خارج القطاع. وقد ناقشت حماس هذه التفاصيل مع الوسيط المصري، مطالبةً بأن تكون إدارة القطاع فلسطينية مستقلة ومدعومة عربياً.
أما واشنطن بوست فذكرت أن الخطة تنص على تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لإدارة غزة بإشراف دولي، فيما يُمنح عناصر حماس الذين يسلّمون سلاحهم "عفواً عاماً"، ومن يرغب بالمغادرة يُمنح ممراً آمناً.
إلا أن هذه البنود، كما توضح الصحيفة، لا تتطرق إلى المسائل الجوهرية مثل السيادة أو مستقبل الدولة الفلسطينية، ما يجعلها أقرب إلى "ترتيبات أمنية مؤقتة" منها إلى اتفاق سلام دائم.

دور مصر والولايات المتحدة

في خضم هذه المعادلة المعقدة، تلعب القاهرة دوراً محورياً في ضبط إيقاع المفاوضات. فقد قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في حديث إلى لوموند إن بلاده "تسعى أولاً لوقف النار وإطلاق الأسرى، ثم لعقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار"، مؤكداً أن نجاح الخطة مرهون بقدرة واشنطن على إلزام إسرائيل بخطة انسحابٍ واضحة.
من جانب آخر، يواصل ترامب ضغطه لتحقيق ما يسميه "إنجازاً سريعاً"، إذ نشر خريطة الانسحاب على منصته تروث سوشيال، ووجّه صهره جاريد كوشنر ومستشاره ستيف ويتكوف لقيادة الفريق الأميركي في المفاوضات، كما نقلت صحيفة ذا تايمز البريطانية. ويرى مراقبون أن البيت الأبيض يتعامل مع الملف باعتباره فرصة سياسية داخلية أكثر من كونه سعياً لحلّ جذري.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة