سياسة

خلايا صغيرة وتهديدات كبيرة.. داعش يعود بتكتيكات جديدة

نشر
blinx
في مارس 2025، كان خبات شيدي، قائد في المجلس العسكري لقوات سوريا الديمقراطية، قسد، في حاجين، يقود قافلة من أربع عربات لتفقّد الحواجز، عندما انطلقت من أحد المنازل ٣ قذائف "آر بي جي" بينما كان مقاتلو داعش يصرخون.
أصيب اثنان من جنوده بجروح خطيرة، فيما فرّ المهاجمون بعد ١٠ دقائق من الاشتباك عبر نهر الفرات إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، تلقى شيدي اتصالا من شخص ينتمي إلى قبيلته الشعيطات يهدده بالقتل، مذكّرا إياه بالمجزرة التي ارتكبها التنظيم ضد قبيلته عام 2014.
بالنسبة له، لم يكن هذا الهجوم مجرّد حادثة معزولة، بل إشارة واضحة إلى أنّ داعش عاد مجدداً، ولكن بتكتيكات مختلفة، أكثر مرونة وأصعب في الرصد، بحسب ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال.

خلايا صغيرة بلا رايات.. تنظيم يتكيّف مع الميدان

بحسب قادة قسد، تغيّرت أساليب داعش الميدانية بشكل واضح، إذ لم تعد تعتمد على الكتائب الكبيرة أو السيطرة على الأراضي كما كان في ذروة تمدده، بل بات ينشط من خلال خلايا نائمة صغيرة، أحياناً خلايا عدة في البلدة الواحدة من دون أن تعرف الواحدة بوجود الأخرى.
وتتلقى هذه الخلايا أوامر محددة لشنّ كمائن أو زرع عبوات ناسفة على الطرق، وهي طريقة منخفضة الكلفة ويصعب القضاء عليها.
قال سييمند علي، المتحدث باسم وحدات حماية الشعب، إن "كل خلية تتكون من ٤ أو ٥ أشخاص فقط.. كل واحد يملك كلاشينكوف وعبوة ناسفة"، موضحا أن التنظيم "يوفر المال ويتفادى الرصد بهذه الطريقة"، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال.
كما لم يعد مقاتلو التنظيم يرتدون زيا عسكريا أو يرفعون الرايات السوداء، بل يندمجون بسهولة داخل التجمعات المحلية، إذ إن معظمهم سوريون. هذا التخفي سمح لهم بتنفيذ اغتيالات نوعية، استهدفت كبار قادة قسد خلال العام الجاري، في تكتيك يعكس تركيز التنظيم على ضرب مراكز القيادة لا على احتلال المدن.

الابتزاز كمصدر تمويل.. وعبء أمني على قسد

في بلدات مثل ذيبان شمال حاجين، يستعيد التنظيم أدواته القديمة عبر الابتزاز والجباية.
وفقاً لشهادات محلية نقلتها وول ستريت جورنال، يقوم عناصر داعش بفرض "زكاة" إلزامية على أصحاب الأعمال، تصل إلى ألف دولار للفرد، تحت التهديد. وفي إحدى الحالات، لاحق مسلحون أحد المستثمرين حتى مصفاتِه النفطية بعد رفضه الدفع، ما أدى إلى مقتل أحد عمّاله وإغلاق منشأته.
في موازاة هذا التمدد المالي، تواجه قوات قسد عبئاً أمنياً متزايداً. فهي مطالبة ليس فقط بدوريات الحماية، بل أيضاً بحراسة معسكرات وسجون تضم نحو خمسين ألف شخص من مقاتلي التنظيم وعائلاتهم. ورغم مطالبتها المتكررة، لم تستعد معظم الدول الغربية رعاياها، مما يترك هذا العبء الأمني على عاتقها وحدها، وهو ما يوفر للتنظيم ثغرات لإعادة ترتيب صفوفه.
في هذا السياق، أشارت صحيفة أويست فرانس إلى أنّ قوات الحكومة السورية نفّذت عملية ضدّ مجموعة يقودها العنصر الفرنسي عمر ديابي، ما يعكس قلقاً أوروبياً من تحوّل المعسكرات والمناطق الخارجة عن السيطرة الكاملة إلى بؤر محتملة لإعادة بناء الشبكات.

فجوة أمنية وصراع نفوذ يسهّلان عودة التنظيم

رغم توقيع اتفاق في مارس الماضي بين الحكومة السورية وقسد لدمج الأخيرة ضمن الجيش السوري، إلا أن هذا التعاون بدأ يتآكل بسبب انعدام الثقة المتبادل، وفقاً لوول ستريت جورنال.
هذا التراجع خلق فجوة أمنية واضحة في المناطق المشتركة، حيث قال القائد الإقليمي غوران تل تمر: "المنطقة كبيرة جداً والحكومة غير قادرة على السيطرة عليها.. و(داعش) يستغل هذا الواقع".
أقرت وزارة الإعلام السورية بوجود ثغرات أمنية بسبب محدودية انتشار قواتها في بعض المناطق، لكنها شددت على إحباط هجمات للتنظيم في دمشق.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة