سياسة

ماستر شيف على حدود المكسيك.. كيف يحول ترامب "الغايمز" إلى سياسة؟

نشر
blinx
هل يمكن أن تتحول الألعاب التي صنعت خيال جيل كامل إلى أداة سياسية لتعبئة الرأي العام؟
في واشنطن اليوم، لم تعد ثقافة الألعاب مجرّد ترفيه أو مجتمعٍ رقمي مغلق، بل أصبحت جزءا من آلة البيت الأبيض الدعائية في عهد ترامب، حيث تُستخدم شخصيات الأبطال والأعداء والميمات لترويج سياسات الهجرة، وتغليف حملات وكالة ICE بطلاء بصري جذاب يُخاطب الشباب ويستدرجهم إلى عالم تفاعليّ جديد: عالم السياسة عبر لغة الألعاب.

اعرف أكثر

الدرع الإلكتروني.. من "ماستر شيف" إلى ICE

نشر البيت الأبيض صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي تُظهر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بزيّ بطل لعبة Halo ماستر شيف، ممسكا بسيف الطاقة أمام علم أميركي ناقص النجوم. الصورة التي نُشرت ردا على تغريدة من متجر الألعاب GameStop، جاءت ممهورة بشعار Power to the Players شعارٍ تجاريٍ تحوّل فجأة إلى رمزٍ سياسيّ.
بعدها بأيام، انضم الحساب الرسمي لوزارة الأمن الداخلي إلى الحملة بصورة من اللعبة نفسها، كتب عليها: "أوقفوا الفيضان"، في تشبيه مباشر للمهاجرين بالكائنات الطفيلية التي يقاتلها بطل اللعبة. ومع أن مايكروسوفت التزمت الصمت، فإن رمزية الرسالة كانت أوضح من أن تُخفى: الهجرة تُروج كمعركة كونية ضد "الغزو".
تقول "الغارديان" إنّ حملة البيت الأبيض هذه ليست استثناء بل امتداد لنهجٍ بدأ منذ انتخابات 2016، عندما استخدم ترامب ومستشاره ستيف بانون رموز ثقافة الألعاب والميمات لتفعيل "جيش إلكتروني" من اللاعبين الساخطين على الإنترنت.
هذه الثقافة الفرعية، التي ولدت من ظاهرة "غيمرغيت"، تحوّلت إلى رافعة سياسية استخدمت ضد الخصوم، تماما كما استخدمت الميمات الساخرة في حرب رقمية استهدفت هيلاري كلينتون آنذاك.

الميمات كأداة دولة.. كيف ذلك؟

منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، انتقلت هذه الأساليب من الحملات الانتخابية إلى مؤسسات الدولة نفسها.
ففي إحدى المرات، نشرت وزارة الأمن الداخلي مقطعا ترويجيا لعمليات ICE على أنغام أغنية Pokémon، مع الشعار الشهير Gotta catch ’em all أمسكهم جميعا. الفيديو حصد تفاعلا واسعا رغم اعتراض شركة Pokémon على استخدام ملكيتها الفكرية.
لم يُحذف المقطع، بل أصبح جزءا من موجة "ميمات رسمية" تتبنّاها حسابات البيت الأبيض ووزارة الأمن الداخلي على إكس وتيك توك.
ورغم أن هذه المقاربة الرقمية جعلت الخطاب الحكومي أكثر انتشارا بين فئات شابة، فإنها، كما تذكر التقارير، حملت في طياتها تبسيطا للسياسات المعقدة، وربما تزييفا لواقعٍ أكثر تعقيدا مما تصوره الميمات والأغاني.

فيديوهات "النصر" مضللة؟ تحقيق يكشف التفاصيل

في موازاة ذلك، كشفت واشنطن بوست في تحقيق أنّ وزارة الأمن الداخلي نشرت مقاطع دعائية تم تركيبها من لقطات قديمة أو من مدن بعيدة عن مواقع الأحداث الأصلية.
أحد الفيديوهات ادّعى "السيطرة على العاصمة واشنطن"، بينما التُقطت مشاهده في لوس أنجلوس وفلوريدا وماساتشوستس.
تحليل الصحيفة أظهر أنّ ما لا يقل عن ٦ فيديوهات خلال ٣ أشهر استخدمت موادّ مضللة، بعضها يعود إلى عام 2019 في عهد ترامب نفسه، وبعضها الآخر جرى تصويره في ولايات مختلفة كإلينوي وأريزونا وكاليفورنيا، ثم أعيد تقديمها كمشاهد من "معركة من أجل روح الأمة".
بل إن أحد الفيديوهات الذي ادّعى أن "شيكاغو في فوضى" تبيّن أنه مزيج من لقطات متفرقة من ولايات عدة، بينها فلوريدا وتكساس ونبراسكا.
ورغم انتقادات صحافيين وخبراء، اكتفى البيت الأبيض بالقول إن "الإدارة ستواصل نشر ميمات قوية ومحتوى جذّاب".

من الشاشة إلى الميدان ICE تُعاد هيكلتها

في الخلفية، كانت إدارة ترامب، كما تكشف "سي بي إس"، تُعيد تشكيل وكالة ICE ميدانيا لتحقيق أهداف أكثر طموحا.
فقد تقرّر نقل أو استبدال 12 قائدا محليا من أصل 25، مع تعزيز الدور الميداني لعناصر الجمارك وحرس الحدود داخل مدن مثل شيكاغو ولوس أنجلوس، بعيدا عن الحدود الجنوبية.
هذا الانتشار أثار انتقادات محلية وداخلية على حدّ سواء، إذ اعتبر بعض مسؤولي الوكالة أن الهدف المعلن، 3000 اعتقال يوميا، غير واقعي، بينما تُظهر البيانات أنّ المعدل الفعلي لا يتجاوز الألف يوميا. ومع كل ذلك، واصلت الإدارة تصوير هذه العمليات وترويجها في مقاطع "لامعة" تحمل موسيقى بطولية وصورا رمزية من عالم الألعاب.

كيف تذوب السياسة في الميم؟

بين درع "ماستر شيف" وأغنية Pokémon، يتقاطع العالم الافتراضي مع السلطة الحقيقية في واشنطن.
فالبيت الأبيض، عبر لغته البصرية الجديدة، لا يقدّم مجرّد دعاية للهجرة، بل يعيد تشكيل السرد الحكومي بوسائل ترفيهية تستهدف جيلا تربّى على الشاشات.
غير أن الإفراط في هذا التداخل، كما تحذر التقارير، قد يُحوّل السياسات إلى "لعبة" يُصعب فيها التمييز بين الواقع والدعاية، وبين الحقيقة والميم.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة