سياسة

ترامب وتاكايشي.. شراكة عاطفية أم تحالف ضد الصين؟

نشر
blinx
تبدو صور العناق والابتسامات بين دونالد ترامب ورئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايشي في طوكيو وكأنها إعادة بثّ لمشاهد من عهد شينزو آبي. لكن خلف هذه الكيمياء العاطفية التي تثير الحنين في اليابان وواشنطن، يتكوّن تحالف جديد بملامح استراتيجية أكثر من رمزية.
فما بدا في الوهلة الأولى مجرّد "دفء دبلوماسي" بين زعيمين محافظين، سرعان ما تحوّل إلى رسالة سياسية موجهة إلى بكين، في وقت تتبدل خرائط النفوذ الآسيوي وتتحوّل المعادن النادرة وسلاسل الإمداد إلى أدوات ضغط ونفوذ.
فهل تعود "روح آبي" فعلا لتعيد هندسة محور واشنطن- طوكيو؟ أم أن هذا التقارب بين ترامب وتاكايشي ليس سوى تحالف مصلحي مؤقت توحده المصالح وتختبره التحديات الصينية؟

اعرف أكثر

طوكيو.. كيمياء جديدة بروح قديمة

في أوّل لقاء جمع ترامب وتاكايشي في طوكيو، ساد مشهد أقرب إلى لقاء أصدقاء قدامى منه إلى قمة بين زعيمين. تبادل المزاح عن البيسبول، ربت على الأكتاف، وعناق أمام الكاميرات.
تلقّى ترامب مضرب غولف من مقتنيات الراحل شينزو آبي، وعبّر عن إعجابه بـ"شخصية تاكايشي الممتعة"، بينما ردّت الأخيرة بحركة يدّ حماسية انتشرت سريعا على وسائل التواصل في اليابان، حسب تقرير لـ"سي إن إن".
الرسالة كانت واضحة: الكيمياء السياسية التي ميّزت عهد آبي، رمز الثقة الشخصية بين واشنطن وطوكيو، عادت للحياة من جديد.

تحالف بالمصالح.. وعدوّ مشترك

وراء الأجواء الودية، يختبئ تقاطع استراتيجي بين زعيمين يمينيين محافظين يواجهان الخصم ذاته في بكين.
فكلاهما يدعم تعزيز القدرات الدفاعية واتباع نهج أكثر صرامة تجاه الصين.
وأعلن الطرفان عن إطار جديد للتعاون في المعادن النادرة لتقليل الاعتماد على الهيمنة الصينية في الموارد الحيوية، خطوة تذكّر اليابانيين بـ"صدمة 2010" حين أوقفت بكين صادراتها إثر نزاع إقليمي.
أما اقتصاديا، فتعهدت طوكيو بضخ 490 مليار دولار في استثمارات بالولايات المتحدة، يقودها قطاعا الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والدفاع.

بين إرث آبي ودهاء التوقيت

ترامب الذي لا ينسى ولاء حلفائه، وجد في تاكايشي استمرارا لصداقة آبي التي شكّلت إحدى ركائز سياسته الآسيوية.
أما تاكايشي، فقد وجدت في الدعم الأميركي وسيلة لرفع شعبيتها بعد خسائر انتخابية واستعادة الثقة داخل حزبها.
تزامن اللقاء مع تحضير ترمب لقمة مرتقبة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، ما جعل ظهوره إلى جانب حليفة يابانية قوية بمثابة ورقة ضغط رمزية على بكين ورسالة إلى الداخل الأميركي بأنه ما زال يمتلك نفوذا آسيويا.

من طوكيو إلى غيونغجو.. غياب ترامب وحضور سياساته

بعد ساعات من مغادرته طوكيو، برز ترامب مجددا، هذه المرة بغيابه، عن قمة أبيك في كوريا الجنوبية، حيث تصدّر شي جينبينغ المشهد بدعوته إلى "الوحدة والتعاون" وإطلاق مبادرة لتنظيم الذكاء الاصطناعي.
لكنّ روح المواجهة الأميركية بقيت تخيّم على القمة: قرارات "إعلان غيونغجو" عن سلاسل الإمداد والتعاون الاقتصادي جاءت على وقع تداعيات الرسوم الأميركية الحمائية التي فرضها ترامب سابقا، لتؤكد أن بصمته في الاقتصاد العالمي ما زالت حاضرة رغم انسحابه من المنصات المتعددة الأطراف.

تاكايشي بين واشنطن وبكين

على هامش القمة نفسها، جلست تاكايشي مع شي جينبينغ في لقاء اتّسم بالحذر والتوازن.
أكّدت رغبتها في بناء "علاقة استراتيجية متبادلة المنفعة" مع الصين، لكنها لم تتردد في إثارة القضايا الحساسة: القيود الصينية على المعادن النادرة، الأنشطة العسكرية في بحر الصين الشرقي، واحتجاز اليابانيين في بكين.
تلك النبرة المزدوجة، بين الانفتاح والحزم، تعكس التوازن الدقيق الذي تحاول رئيسة الوزراء الجديدة إدارته بين الحليف الأميركي والشريك التجاري الصيني.

كيمياء سياسية أم معادلة استراتيجية؟

بين حفاوة طوكيو وحذر غيونغجو، يتّضح أن العلاقة بين ترامب وتاكايشي تتجاوز الرمزية الشخصية.
فهي تمزج بين العاطفة السياسية والمصلحة الاستراتيجية، وتعيد إحياء تحالف قديم في زمنٍ تتبدّل فيه موازين القوة.
تاكايشي تكسب دعما داخليا وثقة أميركية ترفع مكانتها، بينما يحصد ترامب زخما دبلوماسيا يعيد تقديمه كزعيم قادر على استعادة النظام الدولي بشبكة حلفاء في وجه الصين.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة