صور الأقمار الصناعية تعيد جدل النووي.. هل تفعلها طهران؟
أعادت صور التقطتها الأقمار الصناعية لأنشطة نووية في إيران إحياء الجدل حول برنامج طهران النووي، بعدما نشرت مجلة
نيوزويك تقريرا يؤكد أنّ السلطات الإيرانية قدّمت تحديثا رسميا جديدا بشأن منشآتها بعد رصد تحركات غير معتادة داخل مواقع حساسة.
وجاءت هذه التطورات في لحظة تتزامن مع توتر إقليمي متزايد، وعودة الخطاب الأميركي إلى ربط "الملف النووي" مباشرة بمستقبل السلام في الشرق الأوسط، في ظل تصريحات للرئيس دونالد ترامب اعتبر فيها أنّ "كبح قدرات إيران النووية شرط لأي استقرار إقليمي".
ومع ذلك، تصر طهران على أنّ برنامجها "سلمي بالكامل" وأنّ محاولات التشكيك به جزء من حملة سياسية تهدف إلى تقييد سيادتها ومكانتها العلمية.
نشاطات مرصودة وتوضيحات إيرانية
أفادت نيوزويك أنّ الأقمار الصناعية التابعة لشركة "بلانيت لابز" رصدت خلال الأسابيع الأخيرة نشاطا لافتا في بعض المنشآت النووية الإيرانية، ما دفع وكالة الطاقة الذرية الدولية إلى طلب إيضاحات عاجلة من طهران بشأن طبيعة تلك التحركات.
وردّت الحكومة الإيرانية ببيان أكدت فيه أنّ الأعمال الجارية "تندرج ضمن برامج الطاقة والبحث العلمي"، مشيرة إلى أنّها "لم تُخف أي منشأة نووية عن أعين المفتشين"، لكنها شددت في الوقت ذاته على أن التعاون مع الوكالة "سيبقى خاضعا للقانون الوطني وقرارات المجلس الأعلى للأمن القومي".
وتوضح المجلة أنّ هذا البيان لم يبدد الشكوك الغربية، إذ يرى مراقبون أنّ توقيت الأنشطة الجديدة يوحي بإعادة تنشيط البرنامج النووي في ظل تراجع مستوى الرقابة الدولية منذ الصيف الماضي.
إيران والوكالة الدولية.. تعاون محدود وإشراف مراقب
ذكرت وكالة
ترند الأذربيجانية أنّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أعلن أن عمليات التفتيش في موقعي بوشهر ومفاعل طهران للأبحاث "تجري بصورة طبيعية وبإشراف مجلس الأمن القومي"، مضيفا أنّ بلاده "تعمل ضمن معاهدة حظر الانتشار النووي".
لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أوضحت في المقابل أنها "تراجع حاليا السلوك النووي الإيراني" بعد أن رصدت تناقضا بين بعض الأنشطة الميدانية والتقارير الرسمية التي تتلقاها من طهران، مؤكدة أنّ عمليات التفتيش "تُنفذ حاليا عند الحد الأدنى من التعاون".
وتقول مصادر دبلوماسية في فيينا إنّ استمرار تقييد دخول المفتشين الأجانب إلى المواقع الحساسة قد يؤدي إلى "تجميد الاتفاقيات التقنية" ويعيد الأزمة النووية إلى مرحلة المواجهة بدلاً من المراقبة.
بزشكيان وترامب.. رسائل متقابلة
في الداخل الإيراني، أعلن الرئيس مسعود بزشكيان أنّ بلاده "لن تتراجع عن حقها في تطوير برنامج نووي سلمي يخدم الطب والطاقة"، مؤكدا أنّ الحكومة "تدعم علماؤها بالكامل وتلتزم الشفافية مع المجتمع الدولي".
وفي المقابل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع شبكة CBS إنّ "الحد من القدرات النووية الإيرانية هو مفتاح السلام في الشرق الأوسط".
وأوضح ترامب أنّ بلاده "نفذت عمليات دقيقة داخل الأراضي الإيرانية لردع طهران"، مؤكدا أنّه "توقف عندما حان وقت التوقف"، في إشارة إلى توازن بين "الردع والدبلوماسية" كما وصفه.
عودة الملف النووي إلى الواجهة
تشكل التطورات الأخيرة منعطفا في مسار العلاقة بين إيران والغرب، إذ يظهر تزامن النشاط النووي الجديد مع التصريحات المتبادلة أنّ "الملف المغلق" عاد فعلا إلى طاولة النقاش الدولي.
وبينما ترى طهران أنّ ما جرى "حملة إعلامية تستغل سياسيا"، تعتبر واشنطن أن "استقرار الشرق الأوسط" لن يتحقق ما لم تقيد قدرة إيران على استئناف تخصيبها عالي المستوى.