سياسة

فوز ممداني مؤشر مقلق لترامب والجمهوريين.. ماذا ينتظرهم؟

نشر
blinx
في ليلة انتخابية خيبت آمال البيت الأبيض، تلقى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أول "صفعة سياسية" كبرى منذ عودته إلى الحكم، بعدما خسر الجمهوريون ٤ انتخابات كان يروج لها شخصيا على منصاته.
بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، انتزع الديمقراطيون حكومتي فرجينيا ونيوجيرسي عبر فوز أبيغيل سبانبرغر وميكي شيريل، بينما فاز جاي جونز بمنصب المدعي العام في فرجينيا، رغم فضيحة قديمة، وسجل زهران ممداني انتصارا وصف بـ"التاريخي" في نيويورك بنسبة مشاركة هي الأعلى منذ عام 1969.
في خضم هذا الفوز الديمقراطي، اختار ترامب أن يبرر الهزيمة على منصة تروث سوشال بإلقاء اللوم على "الإغلاق الحكومي" وغيابه عن ورقة الاقتراع، وهو ما وصفته وسائل إعلام أميركية بـ"قلق" داخل صفوف الجمهوريين مع بدء تراجع بريق الرئيس الجمهوري.

لماذا يخشى ترامب ممداني؟

وفقا لنقاش قدّمه الصحفيان تايا غراهام وستيفن يانس على شبكة The Real News، فإنّ ٤ أسباب رئيسية تجعل دونالد ترامب يخشى عمدة نيويورك الجديد:
1. خروج ممداني عن نموذج الديمقراطيين التقليديين المؤيدين للشركات الكبرى
لا يتبع ممداني النهج "النيوليبرالي" القائم على مصالح الشركات والتمويل السياسي، بل يركّز على قضايا مثل الرعاية الصحية والإسكان العام والمشكلات البنيوية الكبرى التي يعانيها الأميركيون. وهذا، بحسب التحليل، يهدّد نموذج السياسة الأميركية الذي يستفيد منه ترامب وحزبه.
2. رفضه الاعتماد على الشرطة كحل وحيد للجريمة
في حين يستثمر ترامب في خطاب "القانون والنظام" ويستخدم الحرس الوطني في المدن الديمقراطية، يدعو ممداني إلى حلول اجتماعية ومجتمعية لمعالجة الجريمة عبر برامج دعم وخدمات عامة. هذا النهج، المختلف عن خطاب القوة الأمنية، يسحب من ترامب ورقته السياسية المفضّلة.
3. تفنيده لما سماه التقرير "خرافة ميديكير"
يبين ممداني أنّ الحكومة قادرة على إدارة الخدمات بكفاءة تفوق القطاع الخاص، مثل نظام "ميديكير" الذي تبلغ نسبة نفقاته الإدارية 2٪ فقط مقابل 20٪ في النظام الخاص. هذا الطرح ينسف عقيدة الجمهوريين القائلة إنّ السوق وحده يحل المشكلات.
4. شعبيته وكاريزمته التي تربطه بالناس مباشرة
يتمتع ممداني بجاذبية وقدرة على التواصل مع الناخبين بطريقة تشبه أسلوب ترامب نفسه، لكن بلغة تقدمية وإنسانية. في المقابل، يبدو قادة الحزب الديمقراطي كبارا في السن ومنفصلين عن الشارع.

ترامب يعلن الحرب على عمدة نيويورك الجديد

بحسب مجلة ذا أتلانتيك، بدأت معركة بين ٢ من أبناء نيويورك، إذ أعلن ترامب بعد فوز ممداني بمنصب عمدة المدينة أنّ لديه "قناعة راسخة بأنّ نيويورك ستصبح كارثة اقتصادية واجتماعية كاملة إذا فاز ممداني"، ملوّحا بخفض التمويل الفيدرالي وإرسال الحرس الوطني إلى المدينة.
وكشف التقرير أنّ ترامب كان يترقب نتيجة الانتخابات، وقد أبلغ مستشاريه أنّه سيستخدم فوز ممداني كذريعة لنشر القوات الفيدرالية بحجة أنّ المدينة "ستغدو غير آمنة تحت الحكم الاشتراكي".
وبدأ بالفعل، حسب المجلة، بتجميد تمويل مشاريع حيوية كنفق نهر هدسون وخط المترو الجديد، ووجّه مساعديه لبحث خفض دعم مشاريع أخرى، إضافة إلى التهديد بإلغاء نظام رسوم الازدحام، بينما مثّلت مداهمة وكالة الهجرة لشارع "كانال" في مانهاتن مؤشرا لتصعيد أكبر.
وترى المجلة أنّ ترامب يسعى لتحويل نيويورك إلى ساحة صراع رمزية لتغذية قاعدته الانتخابية، مقدما ممداني كـ"الخصم المثالي" لحملته المقبلة، في حين يؤكّد الأخير أنّه مستعدّ للدفاع عن المدينة بكلّ الوسائل القانونية والإعلامية ضدّ ما وصفه بـ"الابتزاز السياسي" من البيت الأبيض.

ممداني وتحدي النظام السياسي في نيويورك

ذكرت مجلة ذا نيويوركر أنّ فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك يمثّل تحولا في المشهد السياسي للمدينة، ويضع حدّا لهيمنة "الآلات الحزبية" القديمة التي حكمت لعقود بأسلوب المحسوبيات والصفقات.
يشير التقرير إلى أنّ ممداني، الذي واجه حملة تشويه تستهدف عمره وأفكاره اليسارية، استطاع أن يقنع الناخبين بأنّهم لا يحتاجون إلى "سياسي مخضرم" بل إلى من يمثّل قيما جديدة ونزاهة حقيقية.
بينما ركز خصومه على الخوف من الاشتراكية، قدم ممداني رؤية مختلفة لمدينة "ثرية لكنها غير عادلة"، ووعد بسياسات تقدمية تشمل النقل المجاني، وتجميد الإيجارات، ورعاية الأطفال منذ الأسابيع الأولى بعد الولادة.
وتؤكد المجلة أنّ صعود ممداني لا يرمز فقط إلى جيل سياسي جديد، بل إلى دخول المسلمين والجنوب آسيويين قلب الحياة العامة في نيويورك للمرة الأولى. فحملته الانتخابية، بحسب التقرير، غيّرت موازين التحالفات التقليدية، وأظهرت أنّ المدينة باتت أكثر انفتاحا على هويات متعددة وتوجهات يسارية لا تخشى تحدي السلطة الفيدرالية.
وفي الوقت نفسه، حذّرت ذا نيويوركر من أنّ اختبار ممداني الحقيقي لم يبدأ بعد، إذ أن التاريخ السياسي للمدينة، من عهد لا غوارديا إلى دي بلاسيو، يظهر أنّ أي إصلاحي في نيويورك يواجه سريعا منظومة مقاومة متجذرة في المصالح والفساد.

دعم غير متوقع رغم تهديدات ترامب

ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أنّ زهران ممداني بدأ يتلقى إشارات دعم غير مسبوقة حتى من بعض أبرز منتقديه في وول ستريت، في وقت يواصل ترامب التلويح بالانتقام من مدينة نيويورك بعد فوز العمدة الجديد.
فقد كتب الملياردير بيل أكمان، الذي كان من أكثر الأصوات انتقادا لممداني خلال الحملة بسبب دعوته لفرض ضرائب أعلى على الأثرياء، منشورا على منصة إكس قال فيه: "مبروك على الفوز.. وإذا كان بإمكاني المساعدة في نيويورك، فأخبرني بما أستطيع فعله"، في إشارة إلى استعداد مفاجئ للتعاون بعد الخسارة الانتخابية لمعسكره.
أما رالف شلوسستاين، الرئيس الفخري لشركة Evercore وأحد أبرز الديمقراطيين في وول ستريت، فدعا سكان نيويورك إلى "الالتفاف حول العمدة الجديد لمساعدته على النجاح"، مشيدا بنسبة المشاركة القياسية التي حققها ممداني والتي اعتبرها "إشارة إلى طاقة جديدة في الحياة السياسية للمدينة".
وترى الصحيفة أنّ هذه المواقف، الصادرة من قلب المؤسسة المالية التي حاربت صعوده، تعبّر عن بداية تقبّل واقعي لفوزه، وعن إدراك بأنّ استقرار نيويورك يتقدّم على الخلافات الأيديولوجية، حتى في ظلّ ضغوط البيت الأبيض ورغبة ترامب في معاقبة المدينة سياسيا واقتصاديا.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة