سياسة

التطرف يضرب الداخل البريطاني.. الحلول غائبة والتعريف مربك

نشر
blinx
أفادت صحيفة ذا تايمز أن بريطانيا تواجه مستويات من التطرف توصف بأنها الأسرع نموا منذ عقود، في ظل غياب استراتيجية حكومية متماسكة لمعالجة الظاهرة.
وتشير الصحيفة إلى تقرير جديد لمجموعة برلمانية مشتركة بعنوان "حان وقت التحرك" اعتبر أن التطرف أصبح أحد "التهديدات الأمنية والاجتماعية الداخلية المهيمنة" في المملكة المتحدة، وأنه يضر بـ"نسيج المجتمع البريطاني"، مستشهدا بأحداث شغب صيف 2024 والهجوم على كنيس في مانشستر في أكتوبر 2025.
وبحسب الأرقام الواردة في التقرير، ارتفع عدد جرائم الكراهية المسجلة لدى الشرطة إلى 115 ألف واقعة في عام 2025، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف المستوى المسجل قبل عشر سنوات. كما سجّل مستوى معاداة السامية ارتفاعا نسبته 589٪ في 2023 مقارنة بـ2022، وفق بيانات "مجلس أمن المجتمع".
ويذكر التقرير أن واحدا من كل خمسة أشخاص في المملكة المتحدة يرى أن العنف السياسي مقبول في بعض الظروف، وأن 18٪ يقولون إنهم قد يشاركون في احتجاجات عنيفة بسبب تدهور أوضاع البلاد. كما أفاد 87٪ من الجمهور بأن لديهم ثقة ضئيلة أو معدومة بالسياسيين، في حين أبلغ نحو نصف المرشحين في الانتخابات العامة الأخيرة عن تعرضهم للتحرش أو التهديد أو التخويف.
ونقلت ذا تايمز عن النائب العمالي داميان إيغن، رئيس المجموعة البرلمانية الجديدة، قوله إن من "المثير للقلق" أن الحكومة لا تملك خطة واضحة لمواجهة التهديد المتطور للتطرف، في حين يشير التقرير إلى أن آخر خطة حكومية رسمية لمكافحة التطرف نشرت عام 2015 وألغيت عام 2021، وأن منصب مفوض مكافحة التطرف ما يزال شاغرا.

الجدل حول تعريف التطرف في المملكة المتحدة

تقول صحيفة الغارديان إن الجدل يتصاعد حول التعريف الحكومي الجديد للتطرف. فبينما كان التعريف السابق ضمن إستراتيجية "بريفنت" عام 2011 يركز على "المعارضة الفعلية للقيم البريطانية الأساسية، بما في ذلك الديمقراطية وسيادة القانون والحرية الفردية والاحترام المتبادل والتسامح بين الأديان"، يأتي التعريف الجديد، الذي قدّمه وزير المجتمعات مايكل غوف في مارس 2024، لينقل التركيز من السلوك إلى الأيديولوجيا.
وبحسب الغارديان، يعرف النص الجديد التطرف بأنه: "الترويج أو الدفع بأيديولوجيا قائمة على العنف أو الكراهية أو التعصب، وتهدف إلى نفي أو تدمير الحقوق والحريات الأساسية للآخرين، أو تقويض أو قلب أو استبدال النظام الديمقراطي البرلماني الليبرالي في المملكة المتحدة وحقوقه الديمقراطية، أو خلق بيئة متساهلة تمكن الآخرين من تحقيق هذه الأهداف".
ووفق الغارديان، تقول الحكومة إن تغيير التعريف يأتي استجابة لـ"زيادة التهديد المتطرف" بعد هجمات 7 أكتوبر في إسرائيل، وإن الهدف هو استهداف "متطرفين من اليمين المتطرف ومتطرفين" يسعون إلى "فصل المسلمين عن باقي المجتمع وخلق الانقسام داخل المجتمعات المسلمة".
وتشير الصحيفة إلى أن غوف ذكر في البرلمان مجموعات يمينية متطرفة مثل "الحركة الوطنية الاشتراكية البريطانية" و"البديل الوطني"، إلى جانب منظمات مسلمة مثل "رابطة المسلمين في بريطانيا" و"مِند" و"Cage" باعتبارها جهات ستُقيَّم وفق التعريف الجديد، بينما تذكر تقارير أخرى أسماء منظمات محتملة إضافية مثل "أصدقاء الأقصى" و"5Pillars" و"Palestine Action".

التطرف والديمقراطية في تقييم "كارنيغي المملكة المتحدة"

في تقرير نشرته كارنيغي المملكة المتحدة ، تعرض سارة ديفيدسون صورة قاتمة عن الثقة في المؤسسات الديمقراطية في اسكتلندا والمملكة المتحدة.
وتشير الكاتبة، استنادا إلى استطلاعات أجراها المركز، إلى أن أربعة من كل خمسة اسكتلنديين، 80٪، يشعرون بالعجز عن التأثير في القرارات على مستوى المملكة المتحدة، وأن ثلاثة من كل خمسة، 60٪، يقولون الشيء نفسه بشأن القرارات داخل اسكتلندا، بينما "نصفهم تقريبا" فقط يعتقدون أنهم قادرون على التأثير في ما يحدث داخل مجتمعاتهم المحلية.
وتوضح ديفيدسون أن 52٪ من المستطلعين يقولون إنهم يثقون بدرجة ضئيلة في أعضاء البرلمان، وأن "أكثر من ثلث" لديهم المستوى نفسه من انعدام الثقة تجاه أعضاء البرلمان الاسكتلندي.
وتشير ديفيدسون إلى أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وجدت أن مستوى الرضا عن التفاعل اليومي مع الخدمات العامة يؤثر مباشرة في الثقة بالنظام ككل، وفي قدرة الحكومات على تنفيذ السياسات في مجالات مثل الصحة العامة أو السلامة على الطرق.
وبحسب كارنيغي المملكة المتحدة، لا يقتصر تراجع الثقة على السياسيين، بل يمتد إلى مؤسسات مثل المجالس المحلية أو هيئة الصحة الوطنية، وتدعو إلى أن تبني كل أجهزة الدولة "علاقات أقوى" مع المواطنين والمجتمعات.
وتشير ديفيدسون إلى أن الضغوط المالية المتزايدة على الخدمات العامة تجعل مهمة بناء الثقة أكثر صعوبة، لكنها تشدد على ضرورة أن تجد الهيئات العامة "طرقا جديدة وأفضل لخدمة الناس" إذا أرادت استعادة هذه الثقة.

خطط الحكومة البريطانية لمواجهة التطرف

تشير صحيفة ذا تايمز إلى أن الحكومة البريطانية تؤكد أنها تمتلك "بعضا من أقوى القوانين في العالم" لمواجهة خطاب الكراهية والتهديدات الإرهابية. وبحسب ما تنقله الصحيفة عن وزارة الداخلية، فإن الحكومة ستأخذ توصيات المجموعة البرلمانية المشتركة بعين الاعتبار، وهي التوصيات التي دعت إلى تبني خطة متكاملة لمواجهة ما وصفه التقرير بأنه "تهديد داخلي متسارع".
وتوضح ذا تايمز أن الحكومة تعتمد حاليا على إطار تشريعي قائم يشمل قوانين مكافحة الإرهاب والكراهية، لكنها لم تُصدر منذ عام 2015 أي إستراتيجية حكومية شاملة لمكافحة التطرف، بعد إلغاء آخر خطة رسمية في عام 2021. وتشير الصحيفة أيضا إلى أن منصب مفوض مكافحة التطرف ما يزال شاغرا، وهو منصب يُفترض أن يكون مسؤولا عن تنسيق الجهود وتقديم المشورة للسلطات المحلية والوزارات المعنية.
وتفيد الصحيفة بأن الحكومة تقول إنها تعمل على "تعزيز الشراكات" مع الأجهزة الأمنية والمجتمع المدني والسلطات المحلية، إلا أن التقرير البرلماني الذي استندت إليه ذا تايمز يؤكد وجود فجوة كبيرة في التنسيق وفي الاستجابة للتهديدات الجديدة، خصوصا في ظل الارتفاع الحاد في جرائم الكراهية ومعاداة السامية وتراجع ثقة الجمهور في المؤسسات السياسية.
وتضيف ذا تايمز أن وزارة الداخلية أشارت إلى أنها ستواصل مراجعة الأدوات المتاحة للتعامل مع "التهديدات المتطورة"، من دون الإعلان عن جدول زمني أو إطار واضح لخطة جديدة، مكتفية بالتأكيد على التزامها باستخدام التشريعات الحالية وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة