أمن‎

خليفة البغدادي؟.. الشبح الذي أفلت من MI5 ليعيد ترميم داعش

نشر
blinx
كان يومًا عاديًا بين جبال شمال الصومال في فبراير ٢٠٢٥، حتى وصل خبر من غرفة الاستجواب قلب الموازين، أحد مقاتلي داعش المعتقلين كشف عن مكان عبد القادر مؤمن، الرجل الأول في التنظيم الإرهابي، مختبئًا في كهف مرتفع بين صخور وجبال كال مسكات القاحلة. هذه اللحظة كانت بداية مطاردة محفوفة بالمخاطر، حيث كل خطوة قد تغيّر مجرى الأحداث.
لم تمض ساعات حتى كانت الطائرات الأميركية تحلق في السماء، مطلقة صواريخها على الموقع، وفق تقرير كشفته صحيفة "ذا تايمز" البريطانية.
لكن عند تفقد الحطام، وجد الجنود جثثًا محترقة، لكنها لم تكن أي منها لمؤمن. مرة أخرى، الرجل الذي يُعتقد أنه الزعيم العالمي لتنظيم داعش نجح في الهروب.

فروع جديدة للتنظيم

عندما فقد داعش سيطرته في سوريا والعراق عام 2019، لم يمت التنظيم، بحسب التقرير، بل ظهرت فروع جديدة له في أفريقيا، مستغلة الاضطرابات السياسية وضعف الحكم.
من جبال كال مسكات الصومالية، بدأ مؤمن يخطط لإعادة بناء التنظيم، حيث بدأ بمرافقة أقل من 30 مقاتلاً، وفي نهاية 2024، جمع جيشًا يقدر بـ1200 مقاتل، ورفع فرع التنظيم في الصومال إلى مركز قوة ضمن شبكة داعش العالمية.
ويُعتقد أن فرع داعش-الصومال، كان مركز التمويل للعديد من الهجمات الإرهابية حول العالم، بما في ذلك تفجير مطار كابل عام 2021 الذي أسفر عن مقتل 169 أفغانيًا و13 جنديًا أميركيًا.
وفي أبريل 2025، أكد الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأميركية في أفريقيا، أمام الكونغرس أن "داعش يسيطر على شبكته العالمية من الصومال"، وأكد المسؤولون الأميركيون أن مؤمن، هو الزعيم الجديد للتنظيم الإرهابي.

مؤمن.. من لندن إلى جبال الصومال

مؤمن صومالي الأصل، عاش وعمل في بريطانيا لمدة عقد، وكان له تأثير على شبكات التطرف هناك قبل أن يفرّ إلى الصومال أثناء التحقيق معه من قبل MI5 (جهاز الأمن البريطاني الداخلي) قبل خمسة عشر عامًا.
وMI5 هو المسؤول عن حماية المملكة المتحدة من التهديدات الداخلية، يركز الجهاز على مكافحة الإرهاب، مراقبة الجماعات المتطرفة، وكشف أي أنشطة تجسسية أو محاولات تهديد الأمن القومي.
ولد مؤمن في ولاية بونتلاند بالصومال في أوائل الخمسينيات، وغادر البلاد خلال الحرب الأهلية في التسعينيات، مستقرًا أولًا في السويد، قبل أن ينتقل إلى إنكلترا حيث أصبح واعظًا في مسجد قباء بليستر، ولاحقًا زائرًا في مسجد غرينتش في لندن.
هناك التقى متطرفين بريطانيين لاحقًا، منهم محمد إموازي المعروف بـ"جون"، وأيضًا مايكل أديبولاجو، قاتل الجندي لي ريغبي.
وكان مؤمن جزءًا من شبكة تجنيد نشطة أرسلت عشرات الشباب البريطانيين إلى الصومال، مستخدمًا مقاهي ومجمعات شبابية لتجنيدهم، قبل أن يضطر للفرار من بريطانيا في 2010 والعودة للصومال، حيث انضم لحركة الشباب المرتبطة بالقاعدة، ثم انشق والتحق بداعش في 2015.

العيش في الظل.. كهوف كال مسكات

في جبال كال مسكات الصومالية، يعيش مؤمن حياة متجولة، متنقلاً من كهف إلى آخر في الظلام، غالبًا متنكراً، ويكتفي بالتواصل مع مستشاريه عبر الرسائل المكتوبة.
وبطريقة مشابهة لما فعله أسامة بن لادن في تورا بورا، استخدم التضاريس الطبيعية لصالحه.
القوات المحلية تقول إن مؤمن يواصل "حربه حتى الموت"، مؤكدًا بعد وفاة بن لادن عام 2011: "سنستمر حتى نتذوق الموت مثل أخينا أسامة، أو حتى ننتصر ونحكم العالم".

"شبح" يصعب الوصول إليه

بحسب التقرير، أصبح مؤمن قائدا للتنظيم بفضل ما يتمتع به من كاريزما وخبرته الطويلة في الجماعات المتطرفة.
وكان نشاطه في بريطانيا يتركز على تجنيد الشباب وإرسالهم إلى الصومال، باستخدام أساليب مجتمعية شبه سرية، قبل أن يغادر إلى الصومال حيث بايع الجماعات المحلية المتطرفة، ثم أعلن ولاءه لداعش.
الوديان المحيطة بمواقع داعش في بونتلاند الصومالية مليئة بالمقاتلين الجرحى والموتى، والكمائن والتضاريس الوعرة تجعل من الصعب على القوات الحكومية تأمين الإمدادات إلا باستخدام الحمير.
تشير التقارير إلى أن مقاتلي داعش عاشوا مع عائلاتهم في كهوف مجهزة بالكامل، شملت مستشفيات صغيرة، معدات طبية، آلات خياطة، وأماكن للطعام والنوم والصلاة.

متطرفون من حول العالم في الصومال

يقول المسؤولون في بونتلاند إن إرهابيين من أكثر من 30 دولة انضموا إلى مؤمن، بينهم من تنزانيا واليمن وكندا والأرجنتين وألمانيا.
جاء البعض بدافع إيديولوجي، والبعض الآخر بدافع الطمع، مستغلين وعوداً بالحياة الجيدة وراتب جيد. كل مجند جديد يخضع لتدريب مكثف لمدة ستة أشهر، ومن ثم يظهر في فيديوهات دعائية يتدرب ويؤدي تدريبات عسكرية تحت إشراف مؤمن.

صراع مستمر ضد التطرف

لبونتلاند تاريخ طويل في محاربة التطرف، يعود إلى أكثر من 30 عامًا منذ سيطرة "جماعة الاتحاد" على بوصاصو عام 1992. لكن تهديد داعش مختلف؛ فقد استقطب مقاتلين وأسلحة من الخارج، ما جعل الوضع أشبه بغزو أجنبي على أرضهم.
يقول الرائد الصومالي برهان سعيد علي: "لقد جاؤوا إلى أرضنا واستخدموا الدين لقتل الناس. مؤمن هو من جلبهم، ولن نتوقف حتى نمسك به".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة