سياسة

فضائح BATUK.. كينيا تفتح صندوق انتهاكات بريطانيا القديم

نشر
blinx
لم تكن مقاطعتي لايكيبيا وسامبورو في وسط كينيا تتوقع أن تتحول الأراضي الواسعة، التي لطالما كانت موطنا للمجتمعات الرعوية والحياة البرية، إلى مسرح لشهادات مؤلمة تمتد عبر عقود.
لكن هذا ما كشفه تحقيق برلماني كيني أعاد فتح جراح قديمة، وجمع روايات عن انتهاكات حقوق الإنسان والتدمير البيئي والاعتداءات الجنسية ارتكبها جنود من وحدة تدريب الجيش البريطاني في كينيا، المعروفة بـ BATUK.
وتحول التقرير إلى محور اهتمام دولي بعد أن نشرته الغارديان وأكدته تغطيات من بي بي سي ومنصة كابيتال إف إم كينيا، مقدمة صورة متماسكة عن علاقة عسكرية مضطربة بين لندن ونيروبي.

انتهاكات حقوق الإنسان

تكشف الوثائق أن مناطق التدريب البريطانية في كينيا لم تكن مجرد ساحات مناورات، بل كانت أيضا مواقع لحوادث دامية.
يصف التقرير الكيني، كما نقلته الغارديان، بيئة يسودها "مقاومة مؤسسية" من جانب BATUK، ورفض حضور جلسات التحقيق، وادعاء الحصانة الدبلوماسية في وجه الأسئلة المتعلقة بحوادث قتل وإصابات خطيرة.
من أبرز القضايا التي تتكرر في الغارديان وBBC هي قضية أغنيس وانجيرو، الشابة البالغة 20 عاما، التي عُثر على جثتها عام 2012 داخل خزان للصرف الصحي في فندق كانت آخر من شوهدت فيه مع جنود بريطانيين.
أشار التحقيق البرلماني إلى أن مسار العدالة تعرض لـ"عرقلة وتدخل"، بينما ذكرت بي بي سي أن جنديا بريطانيا سابقا اعتُقل في المملكة المتحدة ويواجه إجراءات تسليم، مع إصراره على نفي التهمة.
وتتكرر روايات مشابهة، إذ هناك حادثة مقتل الراعي تيلام ليريش في العام نفسه على يد رقيب بريطاني، ولم تفض إلى أي ملاحقة قضائية سواء في كينيا أو المملكة المتحدة، وفق ما وثقته بي بي سي.
وتضيف الشهادات حالات إصابات خطيرة جراء الذخائر غير المنفجرة؛ إحداها تسببت في وفاة أحد الحراس بعد أن أخذ قذيفة إلى منزله، بينما فقد طفل ذراعيه وعينه بعد عبثه بذخيرة تركت في أرض التدريب.
وفي روايات المجتمع المحلي، كما نقلتها بي بي سي، تتحول العلاقة مع BATUK إلى ما يشبه "وجوداً احتلاليا" لا شراكة تنموية، في إشارة إلى القطيعة المتزايدة بين السكان والقوات البريطانية.

التدمير البيئي

على امتداد سنوات، لم يكن التدريب العسكري البريطاني في كينيا بلا ثمن، حيث تركت الانفجارات، وحركة المركبات الثقيلة، وحرائق المناورات أثرا موثقا في الطبيعة والإنسان.
تروي الغارديان أن شهودا في لايكيبيا وسامبورو تحدثوا عن أضرار بيئية واسعة لحقت بالنظم البيئية المحلية، من تدمير موائل الحيوانات إلى اضطراب مسارات الهجرة، بما في ذلك الفيلة والقطط البرية وحمار وحشي غريفي النادر. يؤكد التقرير أن الضوضاء، والانفجارات، وحرائق التدريب دفعت بالحيوانات نحو المزارع والقرى، متسببة بخسائر في المحاصيل والماشية.
وتبرز حادثة عام 2021 مثالا صارخا على هذه الآثار، حين تسبب تدريب عسكري في نشوب حريق هائل التهم أكثر من 10 آلاف فدان من الأراضي، وفق الغارديان. أدى الحريق إلى تهجير سكان منطقة لولدايغا وتعرضهم لأبخرة سامة ورياح حارة تنقلت فوق التلال.
وتضيف بي بي سي طبقة أخرى من التفاصيل حول الآثار الصحية: شكاوى من مشكلات تنفسية، إجهاض، ونفوق للماشية نتيجة الأبخرة ومخلفات الذخائر. كما عبّر نواب كينيون عن مخاوفهم من احتمال استخدام الفوسفور الأبيض في بعض التدريبات، وهو ما يترك إصابات بالغة الخطورة.

الاعتداءات الجنسية

لكن أكثر ما أثار الغضب الشعبي والسياسي هو سلسلة الاعتداءات الجنسية التي امتدت لعقود.
قالت الغارديان أن التحقيق البرلماني كشف "اتجاها مقلقا" لسوء السلوك الجنسي شمل الاغتصاب والاعتداء وترك أطفال دون اعتراف آبائهم من الجنود البريطانيين، مشيرة إلى أن تحقيقا داخليا بين 2003 و2004 أسقط معظم الشكاوى وصادر الأدلة دون نشر النتائج.
وتكمل بي بي سي سرد الصورة عبر شهادات مباشرة من نساء في مجتمعات السامبورو والماساي، تحدثن عن تعرضهن لاعتداءات أثناء جمع الماء والحطب أو رعي الماشية. إحدى أبشع الحوادث تعود إلى عام 1997 في منطقة Archer’s Post، حيث اغتصبت 30 امرأة تحت تهديد السكين، بعضها داخل منازلهن.
وتذكر الشبكة أنّ العديد من القضايا بقيت بلا محاسبة، وأن محاولات الضحايا لطلب العدالة كانت تصطدم بإجراءات متساهلة أو مهملة من جهات محلية.
كما يوثق التقرير أزمة اجتماعية لا تقل خطورة، إذ ولد "عشرات الأطفال" لجنود بريطانيين ثم تركوا دون أي دعم، ما أدى إلى معاناة الأمهات من الوصمة والفقر.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة