لتر من "الشباب" بـ8000 دولار.. الأثرياء يشترون الخلود قطرة قطرة
في الوقت الذي تركّز فيه الأبحاث البيولوجية على فهم آليات الشيخوخة على المستوى الجزيئي، ظهرت موجة من التجارب المثيرة للجدل تقودها شركات ناشئة وأفراد أثرياء يسعون لتأخير التقدّم في العمر عبر عمليات نقل بلازما من متبرعين شباب. هذه الممارسات، التي تُنفَّذ خارج الأطر العلمية التقليدية، تسوّق كعلاجات تجديدية رغم افتقارها لأدلة سريرية قاطعة، وتُقدَّم بأسعار تصل إلى 8000 دولار للتر الواحد، وفقا لتقرير نشرته صحيفة
لوفيغارو.
ما بين التجريب الذاتي، كما في حالة الملياردير بريان جونسون، وبين استثمارات شركات مثل "أمبروزيا" و"ألكاهست"، تتقاطع المصالح الطبية والتجارية على حدود غامضة، حيث يُستبدل التقدّم بالعلاج بالخضوع لمزيج من الأمل والتكنولوجيا غير المثبتة علمياً.

مليارديرات يشترون الشباب بـ8000 دولار للتر. أ.ب
كيف يسعى بريان جونسون إلى إيقاف الزمن؟
بريان جونسون، حسب تقرير سابق لصحيفة
لوفيغارو، هو أحد أبرز رموز هذا التوجه الغريب نحو إيقاف الشيخوخة. أنفق أكثر من مليوني يورو ليُعيد جسده إلى هيئة شاب في الثامنة عشرة من عمره.
بحسب التقرير، يخضع جونسون لنظام صارم يتضمّن أكثر من مئة إجراء يومياً تشمل علاجاً بالضوء الأحمر وجلسات مكثفة للرياضة ومئات المكمّلات الغذائية ونظاماً غذائياً شديد التقييد، إلى جانب تجارب مثيرة للجدل مثل نقل بلازما من ابنه تالمج، ومنه إلى والده، في تسلسل عائلي قلّ نظيره.
رغم الانتقادات الطبية التي تُشير إلى غياب الأدلة السريرية على فعالية هذه التجارب، يصر جونسون على أن هدفه هو "دفع حدود العلم" وتحدّي فكرة الموت، أملاً بأن يعيش فصولاً متعددة من الحياة بجانب ابنه.
وادي السيليكون يدخل اللعبة... بحقن مراهقين
في قلب وادي السيليكون، لا يخجل الأثرياء من تحويل أجسادهم إلى مختبرات تجريبية. كما ورد في تقرير
بي بي سي، بدأت شركة "أمبروزيا" بنقل بلازما من متبرعين شباب إلى زبائن تبلغ أعمارهم في المتوسط 60 عاماً، مقابل 8000 دولار للتر.
يزعم مؤسسها جيسي كارمازين، وهو خريج جامعة ستانفورد، أن هذه الإجراءات تحسّن الذاكرة والمظهر وحتى الوظائف القلبية، قائلاً إنها أقرب ما يكون إلى الخلود.
غير أن المجتمع العلمي لم يتأخر في دق ناقوس الخطر، إذ أوضح الدكتور توني ويس-كوراي من جامعة ستانفورد، أن التجارب تفتقر إلى منهجية علمية صارمة، مثل وجود مجموعة تحكم أو إثبات فاعلية واضحة، ناهيك عن المخاطر المحتملة من نقل البلازما، من التهابات إلى مضاعفات تنفسية وقلبية.
كما كشفت صحيفة
Les Echos الفرنسية أن شركة "أمبروزيا" خضعت لتحقيقات من هيئة الغذاء والدوء الأميركية، التي حذّرت من عدم وجود فائدة طبية مثبتة لهذه الإجراءات، ما أدى إلى تعليق خدمات الشركة مؤقتاً.

مليارديرات يشترون الشباب. أ.ب
شركات ناشئة على خطى الدم الذهبي
المثير أن هذه النزعة لم تقتصر على المغامرين الأفراد، بل أصبحت جزءاً من قطاع تكنولوجي صاعد.
تشير صحيفة
الغارديان إلى شركة Alkahest، التي أُسست في وادي السيليكون، وتعمل على استخراج مكوّنات بلازمية من دماء المتبرعين الشباب لصناعة "كسور بلازمية" تحتوي على 500 بروتين فقط بدل آلاف البروتينات الموجودة في الدم الطبيعي، ما يتيح استهداف الأمراض العصبية مثل الزهايمر بطريقة أكثر أماناً.
من جهتها، تسعى شركة Elevian لتطوير علاج يعتمد على بروتين نادر يُدعى GDF11 المستخرج من الدم الشبابي، لإعادة إحياء القلب والدماغ والعضلات في أجسام الكهول. وهي مدعومة من مستثمرين كبار أمثال بيتر ديامانديس، وتسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج مركبات مشابهة لتأثيرات هذا البروتين، قد تُتاح قريباً على شكل أقراص.
لكن الطموح لا يقف عند حدود العلم، بل يصل إلى تخوم الأخلاق والسوق. فبعض الشركات تبيع هذه "الجرعة الشبابية" بأسعار فلكية تصل إلى 8000 دولار للتر، وفق ما أوردته صحيفة لوفيغارو، ما يثير تساؤلات حادة حول العدالة البيولوجية وأخلاقيات المتاجرة بالدم البشري.