القصة الكاملة.. روايات سحر وميراث في اختطاف الجزائري عميرة

بن عمران عمر، الملقب بـ"عميرة"، خرجت قضيته إلى مواقع التواصل الأسبوع الماضي، عبر منشور في "فيسبوك" لحساب مجهول تحت اسم "مشارك مجهول الهوية" داخل صفحة مجموعة مغلقة باسم "ناس القديد"، وفق ما كشفه موقع "تلفزيون النهار" الجزائري.

المثير أن صفحة المجموعة اختفت ولم تعد تظهر على فيسبوك، وفق ما رصدته بلينكس، وبحسب المنشور، فقد بدأه صاحبه بعبارة "كارثة"، قبل أن يفجر المفاجأة في منشوره.

وذكر فيه: "بن عمر ولد محداد مختفي لمدة 30 عاما، هو في القديد (قرية بولاية الجلفة) عند عطية بوفريفش ولد علي، ماذا أقول؟".

كما كشف الإعلام الجزائري عن نشر شقيقة المتهم منشوراً آخر عبر "فيسبوك" أكدت فيه اختطاف عمر، قبل أن تتراجع وتحذف منشورها.

في 12 مايو الماضي، أصدرت محكمة ولاية الجلفة بيانا -حصلت بلينكس على نسخة منه- عقب شكوى تقدم بها شقيق المختطف "ضد شخص مجهول" إلى الشرطة، وأفاد بأنه بعد تلقي الشكوى "ضد مجهول على أساس التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي بأن شقيق الشاكي المدعو (ب.ع)، المفقود قرابة 30 سنة، موجود في منزل جارهم المدعو (ع.ب) ببلدية القديد داخل زريبة أغنام".

ولفت إلى أن السلطات تحركت على الفور، وعثروا فعلاً على الشخص المفقود في منزل الجار البالغ من العمر 61 سنة.

وأمس الخميس، تبيّن وجود 6 أشخاص آخرين في القضية، وهم حالياً رهن الحبس المؤقت بينهم المتهم الرئيسي، مع إخضاع متهمين اثنين لإجراءات الرقابة القضائية.

الأكاديمي بجامعة الجلفة، الدكتور عبدالرحمن بن شريط، تحدث عن "حالة الدهشة والتعجب التي تسود المدينة"، وعن المعلومات التي ربطت قضية الاختطاف بأعمال سحر وشعوذة.

وفي حديثه لبلينكس، كشف "بن شريط" عن أن المعلومات الأولية تتحدث "عن أن المتهم كان يمارس الشعوذة، كون عميرة يملك اليد الكنز التي بها خط طويل مستقيم، والدليل على ذلك عند المشاهد الذي أظهرته بصحة جيدة، لكنه لم يحاول بأي طريقة أن يخرج من الوضعية التي كان يعيش فيها".

بينما أشار رواد "فيسبوك" من قرية "القديد" إلى "لجوء المتهم إلى استعمال أنواع خطيرة من السحر قد تكون تحت مسمى سحر الرصد أو سحر التربيع وعقد اللسان".

أما الدكتور طيبي ميلود، رئيس قسم الفلسفة وعلم النفس بجامعة الجلفة، وأحد جيران المتهم والضحية، فقد "استبعد فرضية السحر عن المتهم بحكم معرفته به".

وقال: "بحكم أنني من المنطقة أعرف المتهم، ولا تظهر عليه بوادر الشعوذة تماماً، ربما قد تكون هناك بوادر متعلقة بحالات نفسية أخرى".

الدكتور طيبي أكد أيضاً المعلومات التي ربطت فضح القضية بـ"أزمة ميراث" داخل عائلة المتهم، وأوضح بأن "الخلاف نشب بين المتهم وشقيقته بعد أن علمت بأن مبلغاً مالياً سيوضع في حساب شقيقها، وهو المبلغ الذي فجّر خلاف الميراث لتقرر فضحه بعد رفضه تقسيم الميراث معها".

وكشف مليود لبلينكس عن معلومات حصرية مرتبطة بكواليس قصة الاختطاف، أولها بأن "المجني عليه مختفٍ منذ 1997، وكان في عمر الـ17 عاماً"، كما أكد صحة المعلومة المرتبطة بكلب كان الضحية عمر صاحبه، والذي كان أول من اكتشف الاختطاف.

وفصّل هذا الجزئية بالقول: "الكلب كان يرتاد بصورة مثيرة ولافتة على منزل المتهم بعد أيام فقط من اختفاء عميرة الذي يقع على بعد شارعين فقط عن منزله العائلي".

وقال إن والدة عميرة التي تُوفيت، "كانت تقول دائما بأن قلبي والكلب هما دليلي على أن عمر ما زال على قيد الحياة ولم يغادر بلدة القديد، قبل أن يتم العثور على الكلب مقتولا بالسم من قبل الجاني ودفنه بأحد الأودية القريبة من البلدية".

وردّ طيبي ميلود على المشككين في قدرة شخص على اختطاف مراهق في الـ17 من عمره "دون أي مقاومة"، موضحاً أنه "من الناحية المنطقية نرجّح أن تكون هناك أمور حدثت بإرادة المختطَف في حد ذاته، وهذا ما يدفعنا للقول إن عملية الاختطاف لم تكن بالمعنى البوليسي، وربما كانت عملية ترغيب تبعتها عملية ترهيب فيما بعد، دفعت المتهم إلى استدراج هذا الشاب".

معلومة أخرى على لسان ميلود، إذ أكد أن "عميرة" خرج من منزل المتهم بـ"كامل صحته العقلية والنفسية والجسدية بدليل تعرفه على خاله في أثناء اكتشاف حالة الاختطاف وتعرفه على كل جيرانه ورغم ذلك يخضع للعلاج تحت إشراف طبي"، وهنا قدم فرضيتين اثنتين:

• الأولى: "إما أن المجني عليه كان يعيش حياة طبيعية مع المتهم دون أي مدعاة، وإما أنه كان غائباً عن وعيه بأفعال غيبية وميتافيزيقية مرتبطة بالسحر".
• الثانية: "لم يكن المعني يعيش في ذلك المنزل طوال هذه الفترة، لأنها لم تكن قصيرة".

الدكتور بدر الدين زواقة، المختص في الإعلام، قال إنه انطلاقاً من تحليل سيميولوجي لصورة المختطف، ندرك من "قراءة الجانب الاجتماعي والأنثربولوجي والسيميائي أن في هذه القصة ألغازا كثيرة لا يمكن تبريرها بالكهنوت، وهذا اللغز لا يمكن تفسيره إلا عن طريق القضاء، ولا يمكن تفسيره بالجانب الديني الذي أراد أن يبرر هذه الكارثة من خلال اليد السحرية".

بدوره ذكر الدكتور نورالدين بكيس، المختص في علم الاجتماع، أن "هذه القضية ليست قضية تفسير اجتماعي، بل تحتاج إلى تحقيق أمني وقضائي، لأنها قصة غير طبيعية، وهناك أمور في القضية لم تُقل بعد، وهناك جزء مغيب من حقيقة القصة".