حلم "الجنة الموعودة".. تونس تبحث عن ريان ورفاقه في البحر

تؤكد أحلام أن ظروف العائلة المادية الصعبة، حالت دون أن يواصل شقيقها تعليمه فانقطع منذ 5 سنوات، واشتغل "مساعد ميكانيكي" سيارات في إحدى الورش بمحافظة القيروان، الأكثر فقراً ضمن محافظات تونس الـ 24.

تواصل شقيقة المفقود سرد قصة ريان بتأثر، وتشدد على أن الفقر والعوز كانا السبب الأول الذي دفعه إلى جانب 8 من أصدقائه إلى الإقدام على ما تصفه بـ "عملية الانتحار".

المتحدّث الرّسمي باسم الحرس التونسي العميد حسام الجبابلي أكّد أن خفر السّواحل سخّر كلّ الإمكانيات المتاحة في عملية البحث عن 23 شابّا أبحروا منذ الليلة الفاصلة بين 3 و4 مايو الجاري.

وأضاف أن خفر السواحل طلب مساعدة الجيش التونسي الذي يقوم بعملية تمشيط جوية بدوره.

وأوضح الجبابلي لبلينكس، أنّ النّيابة العامّة فتحت تحقيقاً في الحادثة بعد أن تقدّم أهالي المفقودين للإبلاغ عن اختفاء أبنائهم.

وبعد عمليات البحث والتحري، ألقي القبض على 5 من منظّمي الهجرة والوسطاء ومن بينهم والدة أحد الضحايا، إذ أَوَتْهم وأطعمتهم قبل أيام من انطلاق الرحلة، إلى جانب شقيق أحدهم، وهو المنظم الرئيسي الذي وفّر القارب والإمكانات اللوجستية، بحسب قول المتحدث.

تؤكد أحلام أن أهالي المفقودين الـ23 نظموا قبل يومين تحركاً احتجاجياً أمام مقر محافظة القيروان، وأشعلوا العجلات المطاطية للضغط على السلطات من أجل تكثيف عمليات النجدة والبحث لكنها لم تحرك ساكنا إلا بعد مرور أيام.

أهالي المفقودين اتهموا السلطات بالتقصير والتأخير في عمليات البحث لأنها "تعتبر أولادنا مذنبين، وتتغافل عن الأسباب الحقيقية التي دفعتهم لركوب قوارب الموت".

وما زالت عائلات مئات المفقودين منذ سنة 2011، لا تعرف مصير أبنائها وتتظاهر باستمرار أمام المقرات الحكومية أو سفارة إيطاليا بالعاصمة تونس، للحصول على رفاتهم على الأقل.

وينشر الناشط والبرلماني السابق مجدي الكرباعي، باستمرار صورا تظهر علامات مميزة كالوشم على جثث بعض الغرقى الذين عُثر عليهم قبالة سواحل لمبيدوزا الإيطالية، بغاية مساعدة ذويهم على التعرف عليهم، في ظل غياب أي إرادة من الدولة التونسية في استعادتهم، وفق توصيفه.

تفيد إحصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو منظمة غير نظامية تعنى بالهجرة، بأن نحو 1313 مهاجراً لقوا مصرعهم أو فقدوا قبالة السواحل التونسية خلال عام 2023، وهو ما يمثل نحو نصف ضحايا المهاجرين غير النظاميين عبر البحر الأبيض المتوسط.

ويعتبر المنتدى أن هذه حصيلة قياسية لم تسجلها البلاد، حتى في أوّج موجة الهجرة غير القانونية عام 2011، نتيجة تدهور الوضع الأمني عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي.

وتتجاوز أعداد التونسيين المفقودين بالأراضي الإيطالية، بعد مشاركتهم في عمليات هجرة، 5 آلاف مهاجر بين 2011 و2021، حسب ما أكده رئيس جمعية الأرض للجميع عماد السلطاني لبلينكس.

وأشار السلطاني إلى أن السلطات التونسية لا تملك رقماً دقيقاً بخصوص هذه الفئة، بسبب سوء التنسيق مع الجانب الأوروبي.