هجمات بلا بشر.. الذكاء الاصطناعي يفتح أبواب إسرائيل للمخترقين
في وقت تكافح المؤسسات العسكرية والمالية والأكاديمية بإسرائيل لاحتواء ضربات سيبرانية متكررة، كشفت تقارير أمنية حديثة عن صورة مقلقة:
- اختراقات موقعة من مجموعات قرصنة يُعتقد بصلتها بإيران
- وأدوات هجومية تعمل ذاتيًا بلا إشراف بشري.
شركة malanta.ai الإسرائيلية الناشئة دقّت ناقوس الخطر حين أجرت مسحًا شاملًا لعناوين IP داخل البلاد، لتكشف ما وصفه خبراؤها بـ"الكأس المقدسة" للقراصنة.
لكن الخطورة لا تكمن فقط في حجم الثغرات، بل في الجهات التي تتقن استغلالها، وفي القدرات التقنية التي تتيح تكرار هذه العمليات على نطاق واسع باستخدام الذكاء الاصطناعي.
فهل باتت إسرائيل مكشوفة رقميًا؟
ما الذي كشفته malanta.ai عن حجم الثغرات داخل المؤسسات الإسرائيلية؟
كشفت شركة "malanta.ai"، في تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" في 4 يوليو، عن وجود نحو 600 جهاز تعمل ببرمجيات قديمة تفتقر إلى قدرات الحماية، ما يجعل الوصول إلى الشبكات الداخلية للمؤسسات الإسرائيلية ممكنًا من الإنترنت العام.
وشمل المسح أيضًا 3,476 جهازًا آخر في 98 مؤسسة مختلفة، يمكن الدخول إليها باستخدام كلمات مرور افتراضية.
ووفقًا للشركة، فإن المؤسسات المتأثرة تضمّ كيانات مالية كبرى، وجامعات، ومزودي خدمات إنترنت، وشركات تكنولوجيا وطاقة.
وقالت دانا تورين، رئيسة وحدة الاستجابة للطوارئ السيبرانية في مديرية السايبر الوطنية: "بفضل التعاون مع malanta.ai تمكّنا من اكتشاف ومعالجة مئات الثغرات الحرجة التي شكّلت تهديدًا حقيقيًا للمجال السيبراني الإسرائيلي".
كيف وصف الخبراء هذه الثغرة، وما أهميتها بالنسبة للمهاجمين؟
وصف شريك مؤسس في "malanta.ai"، الثغرة بأنها "الكأس المقدسة" للمهاجمين، مؤكدًا أنها تتيح نقطة دخول واحدة للسيطرة على الشبكة بأكملها، سواء في الشركات أو في البنى التحتية.
وأضاف في التصريحات ذاتها ليديعوت أحرونوت: "نقوم حاليًا بتطوير وكلاء ذكاء اصطناعي يمكنهم التفكير كالقراصنة، لاكتشاف ومنع الثغرات قبل أن تُستغل".
وأشار إلى أن "خصوم إسرائيل لا ينامون"، وأن هدفهم في هذه المرحلة "إلحاق أكبر قدر من الضرر"، مستخدمين أدوات ذكاء اصطناعي "تعمل كمضاعف قوة" يتيح الرصد والمسح والاستغلال على نطاق يتجاوز قدرات البشر.
من هم أبرز الفاعلين الذين يتقنون استغلال هذه الثغرات، وما علاقتهم بإيران؟
بحسب تقرير صادر عن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) في 2 يوليو، فقد أعلنت مجموعة هاكتيفيست تُدعى "الجبهة الإسناد السيبرانية" عن اختراقها مؤسسات تابعة للحكومة والجيش الإسرائيلي وشركات خاصة.
ورغم أن المجموعة تنشر محتواها بالعربية وتزعم الاستقلال، فإن سلوكها يتطابق مع أساليب مجموعة "ASA" الإيرانية، المعروفة سابقًا باسم "إمنّت باسارغاد".
وقد دعمت "الجبهة" ادعاءاتها بنشر بيانات حساسة وصور من كاميرات مراقبة لمكاتب ومصانع إسرائيلية. وتزامن نشاطها مع اندلاع الحرب في يونيو، حين استهدفت مقاولين دفاعيين ومزودي بنية تحتية، مستخدمة رموزًا مرئية مستوحاة من "كتائب القسام"، بحسب المؤسسة.
كما ذكرت وكالة رويترز في 30 يونيو أن أجهزة أميركية، منها FBI وNSA، حذّرت من أن مجموعات مرتبطة بإيران قد تستغل الثغرات القديمة وكلمات المرور الافتراضية لاستهداف مؤسسات دفاعية ترتبط بعلاقات تعاون مع إسرائيل.
ما الدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في نطاق الهجمات؟
في تقرير موسّع نُشر على منصة CyberDefense Magazine بتاريخ 15 يونيو، تبيّن أن البرمجيات الخبيثة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي باتت قادرة على تنفيذ هجمات من دون إشراف بشري.
هذه البرمجيات تتعلّم، وتتكيف، وتخترق، وتنسخ سلوكها أفقيًا داخل الشبكات بسرعة، ما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة ويضاعف من فاعليتها التدميرية.
ويشير التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم لتصميم رسائل تصيّد دقيقة وشخصية، وتحليل سلوك الشبكات لاستهداف الملفات الأكثر حساسية، بما في ذلك السجلات المالية والملكية الفكرية.
كما أن هذه الأدوات يمكنها محاكاة السلوك الشرعي داخل الأنظمة، ما يسمح لها بتفادي أنظمة الكشف التقليدية، وتنفيذ الهجمات خارج ساعات العمل لتجنّب الرصد.
وأكّد شريك مؤسس في "malanta.ai"، في تقرير يديعوت أحرونوت أن الذكاء الاصطناعي أصبح سلاحًا هجوميًا بحد ذاته، يسمح للمهاجمين بالعمل بسرعة تفوق قدرة الفرق البشرية على الاستجابة، مشيرًا إلى أن "من لا يواكب التكنولوجيا، يخسر حتى في زمن الحرب".