"طريق الموت" بين السويداء ودمشق.. من يحمي المدنيين؟
من سريرها في المستشفى، تروي السورية لميس إصابتها في إطلاق نار طال حافلة، الثلاثاء، على "طريق الموت" كما تصفه، بين السويداء ودمشق، في حادثة أجّجت مخاوف سكان المنطقة التي شهدت أعمال عنف دامية قبل أشهر.
وشهدت المحافظة بدءا من 13 يوليو ولمدّة أسبوع اشتباكات بين مسلحين من الدروز وآخرين من البدو تحوّلت إلى مواجهات دامية بعد تدخل القوات الحكومية ثمّ مسلحين من العشائر.
ومنذ المواجهات الدامية، لم تعد دورة الحياة إلى طبيعتها بعد بالنسبة إلى سكان السويداء ذات الغالبية الدرزية، الذين يخشون مغادرة منطقتهم وسلوك الطريق نحو العاصمة. فماذا في روايات الناجين؟
في المستشفى الواقع في مدينة السويداء، تقول لميس، 32 عاما، التي فضّلت عدم إعطاء اسمها كاملا "ذهبنا إلى دمشق أخي وابنتاي وأنا لكي نصدر جوازات سفر" بهدف السفر.
وتضيف لوكالة فرانس برس أنّه في طريق العودة "رأيت شخصا مسلحا على دراجة نارية.. وقف على باب الحافلة وسأل السائق عن وجهتنا، فقال له السائق: إلى السويداء(..) فأشار (المسلّح) بيده وانهال علينا الرصاص من كلّ صوب".
وتروي المرأة "أصيبت ابنتي إصابة بالغة بيدها، وأنا مصابة"، متابعة "أكملت الحافلة سيرها، وواصلوا إطلاق النار علينا. بقينا ننزف طوال الطريق والحافلة ممتلئة بالدماء.. هناك من قُتل وهناك من يصرخ.. كلّ الطريق كانت عبارة عن صراخ وموت ودماء".
وقتل شخصان، بحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا"، بإطلاق النار على الحافلة التي كانت تقلّ مدنيين على طريق السويداء الثلاثاء، ونسبت الوكالة الهجوم إلى "مسلحين مجهولين".
وقالت منصة السويداء 24 الإخبارية المحلية إنّ القتيلين هما امرأة اسمها آية سلام وشاب اسمه كمال عبد الباقي، مشيرة إلى أنّ الحافلة استُهدفت خلال عودتها من دمشق وفي منطقة "ضمن مناطق انتشار حواجز الأمن العام". وأفادت المنصة عن وقوع ٦ جرحى بينهم طفلان.
وتتابع لميس "يتملّكني الرعب الآن طبعا أن أسلك هذا الطريق. ما حصل معنا صعب. لن نتمكّن من سلوك هذا الطريق بعد اليوم.. أصبح اسمه طريق الموت".
ويقول المرصد إنّ من بين قتلى أعمال العنف التي اندلعت في يوليو 789 مدنيا درزيا "أعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية".
ورغم إعلان وقف إطلاق نار، لا تزال المحافظة تشهد توترا. وبقيت مدينة السويداء تحت سيطرة المقاتلين الدروز، بينما تسيطر القوات الحكومية على المناطق المحيطة بها.
وفي سبتمبر، أعلنت دمشق عن خريطة طريق بدعم من الولايات المتحدة والأردن لإرساء المصالحة في محافظة السويداء، تقوم على محاسبة "كلّ من تلطّخت يداه بالاعتداء على المدنيين".
وعيّنت السلطات السورية كذلك زعيما محليا درزيا قائدا للأمن الداخلي في مدينة السويداء، مركز المحافظة.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وقعت حوادث عدّة على الطريق بين دمشق والسويداء تخللتها عمليات خطف وإطلاق نار على سيارات. وكانت حادثة الثلاثاء "الأكثر خطورة"، مشيرا إلى وجود "حواجز لمسلحين مرتبطين بالسلطة لكن غير تابعين لقوات الأمن الرسمية".
ويقول سكان من السويداء إنّهم لا يزالون يشعرون بالخوف إزاء الوضع الأمني المتوتر رغم توقف أعمال العنف على نطاق واسع.
ومنذ أشهر، لم يتمكّن مضر، 25 عاما، الطالب الجامعي في اللاذقية من العودة إلى السويداء، بسبب توتر الوضع الأمني.
وقال لفرانس برس "قصة أمس كانت من أسوأ القصص التي مرّت في الفترة الأخيرة.. لم أعد أفكّر في الذهاب" إلى السويداء، "إلى حين انتهاء العام الدراسي".
وتابع "هذا الأمر ينعكس على الطلاب بالمقام الأول، له أثر نفسي عظيم وصعب جدا، الشخص يشعر أنّه بغربة وهو في وطنه".
في محافظة السويداء، يخشى صفوان عبيد، 40 عاما، بدوره أن يفوّت موعدا له في سفارة في بيروت لإصدار تأشيرة سفر الى إحدى الدول، لأنّ الطريق إلى دمشق بات معقدا.
ويقول الرجل "الطريق لم يعد آمنا أبدا، مع استهداف حافلات النقل على طريق دمشق السويداء، الطريق غير مؤمنة أبدا، وليست هناك طريقة أصل فيها إلى دمشق وأسافر إلى بيروت".