الزفاف الجماعي في الأردن.. ظاهرة تتحدى الغلاء

يقول العريس محمد لبلينكس: "قررنا المشاركة بحفل الزفاف الذي تنظمه جمعية العفاف في عام 2020، وكان حفلا رائعا، شارك به عدد من العرسان من مناطق مختلفة".

يعتبر محمد أن الزفاف الجماعي لا يخفف فقط من أعباء الديون التي تثقل كاهل العرسان في بداية حياتهم، وإنما هنالك ميزات من بينها تقليل حجم البذخ والإنفاق غير المنطقي في حفلات الزفاف، وهو وجه من وجوه التكافل المجتمعي بين الناس.

ويلفت محمد إلى أنّ أغلب العرسان الذين يمتنعون عن الانضمام إلى مثل هذه الأعراس رغم حاجتهم المادية، يأتي من الحرج الاجتماعي وعدم القدرة على مناقشة أهل العروس على وجه التحديد، الذي يقف أمامهم بوصفه حاجزا يصدهم عن الإقدام على مثل هذه الخطوة.

في حين تعتقد العروس سندس أنّ مثل هذه البرامج تسهّل الزواج وتخفف عن العريس ماديا، إلا أن هناك من يلجأ إلى القروض من أجل إتمام الزواج، وفي النتيجة فإن استقرار أسرتهم يبقى مهددا.

وفقا لسندس، فإنّ الدعم المقدم لهما من قبل الجمعية لم يكن ماديا فقط، فقبل الوصول إلى مرحلة الزفاف يتلقى العرسان دورة تثقيفية توعوية عن الزواج.

وتشرح قائلة "حتى تُبنى هذه الأسرة الجديدة على أسس سليمة، يتم تزويدنا بالمعلومات والمهارات المهمة لذلك، وتتضمن الحقوق والواجبات وموضوعات شرعية وقانونية، من أجل توعيتنا لإنجاح حياتنا الزوجية وضمان استقرارها".

مدير جمعية العفاف الخيرية، مفيد سرحان بدوره يؤكد لبلينكس، أنّ الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمعات العربية.

يقول "من هنا جاءت ضرورة التحرك من أجل تنظيم حفل الزفاف الجماعي، فانطلقت هذه الفكرة عام 1995، وخلال هذه السنوات تم تنظيم 34 حفلا، وعدد الأزواج الذين شاركوا لغاية الآن يبلغ 1846، والهدف الجوهري هو تيسّير سبل الزواج وبناء الأسرة بالشكل الصحيح".

المجتمع الأردني مثل غيره من المجتمعات العربية والإسلامية، يعاني من ارتفاع معدلات العزوف عن الزواج، أو تأخر سن الزواج، لذا وضعت الجمعية منذ تأسيسها مجموعة من الوسائل لتحقيق هذه الأهداف الكبيرة، بحسب سرحان.

ويضيف: "عندما طرحت الجمعية فكرة الزفاف الجماعي كانت جديدة وغير مسبوقة، وأخذنا بعض الوقت في البداية من أجل إقناع الناس بها، واستجاب مع الجمعية 4 أزواج فقط، رغم أن أعدادا كبيرة أبدت قبولها، ولكنها لم تتمكن من الإكمال إلى يوم الحفل، نتيجة التخوف من الفكرة الجديدة ومن النظرة الاجتماعية".

لم تلق الفكرة استجابة المجتمع الأردني في البداية، لكن مع الوقت ازدادت أعداد المشاركين سنة بعد أخرى، وكانت الحفلات تنظّم في أماكن مفتوحة لاستيعاب المدعوين إلى الحفل.

بحسب سرحان فإن الجمعية تحرص على مساعدة العرسان في تكاليف حفلة الزفاف كاملة، وأيضا "جهاز العروس" وغرف النوم والأدوات الكهربائية، مضيفا: "التبرعات تأتي من قبل الأفراد والمؤسسات لمساندة الشباب في بداية حياتهم".

يشير سرحان: "لقد أعددنا العديد من الدراسات الاجتماعية التي أظهرت أنّ السبب الأساسي في تأخر سن الزواج والعزوف عنه، هو ارتفاع التكاليف التي تفوق قدرة الشخص، وتبدأ قبل المهر وعقد الزواج، مرورا ببيت الزوجية، وما يتضمن من استئجار المنزل وتأثيثه وغير ذلك".

ويضيف سرحان: "الزواج وتبعاته بالحد الأدنى يحتاج إلى 10 آلاف دولار، وهذه مبالغ مرتفعة مقارنة مع متوسط الدخل لدى الشريحة العظمى من الشباب، وهو يحتاج إلى سنوات لجمعها، ومن هنا فإن متوسط سن الزواج للذكور 30 عاما، أما متوسط سن الزواج للإناث فهو 29 عاما، وهي أعمار متقدمة مقارنة مع النظرة الاجتماعية" في الأردن.