بين أزهار اليمن.. قصة حلاوة العسل ومرارة الإنتاج

يحكي الشباب في القرى والمدن اليمنية قصصا عن أجدادهم الذين كانوا يربون النحل بنفس الطريقة منذ قرون، وكأنهم يحافظون على جزء من روح الماضي داخل كل خلية نحل.

علي، نحال يمني من صنعاء، يعمل في تربية النحل منذ أن كان طفلا، تعلم الحرفة من والده وجده من قبله. يقول علي بابتسامة فخر لرويترز: "العسل ليس مجرد عمل نعيش منه، بل هو حياتنا. أستيقظ كل يوم لأتفقد خلايا النحل، وكأنني أعتني بأطفالي الصغار. نحن هنا لا ننتج العسل فقط، بل ننتج إرثا يمتد عبر الأجيال".

ساعد الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد في دفع المزيد من الناس إلى تربية النحل، سواء كانوا من سكان الريف أو المدينة، لكن مع حلاوة العسل تأتي مرارة التحديات حيث انخفض إنتاج العسل، بسبب شكل التدهور البيئي الناتج عن قطع الأشجار الجائر ما يشكل تهديدا حقيقيا لاستدامة هذه المهنة.

يقول أحمد، وهو نحال من مدينة تعز: "التحديات التي نواجهها كبيرة جدا. لقد كان النحل جزءا من حياتنا لسنوات، لكننا الآن نكافح من أجل الحفاظ على خلايانا على قيد الحياة. شجرة السدر التي نعتمد عليها لتغذية النحل تتعرض للتحطيب الجائر، والمبيدات الزراعية تقتل النحل".

غير فوائده الصحية الكبيرة، تستخدم الأمهات اليمنيات اللاتي ولدن حديثا العسل، للعناصر الغذائية الكبيرة فيه، ويطعم اليمنيون العسل للرضع الصغار كجزء مما يأكلونه مع حليب الأم. وهذا ما جعل أكاديميين يمنيين يعملون على تحليل العسل اليمني لتدوين فوائده.

يقول جماح الجماح أستاذ تربية النحل والباحث الأكاديمي بجامعة ذمار "نجمع ونبحث في النحل ولا يزال النحل يحتاج إلى أبحاث علمية أكثر وأكثر من أجل الوصول إلى إنتاج أعسال دوائية طبية عالية الجودة. وفي الأيام القادمة سوف يكون العسل اليمني هو أفضل أنواع العسل الدوائية عالميا".

وجمع الجماح مع زملائه أنواعا من العسل خُزنت لأكثر من 50 سنة. وعن هذه المدة قال الجماح: "طبعا العسل ليس له تاريخ انتهاء نهائيا، لو بقي حتى 1000 عام. تظل الرائحة موجودة".