هل خذلت الكرة الأوروبية غزة؟

أحد أكثر الأسباب التي وضعت يويفا في دائرة الحدث حاليا، هو الاختلاف الكبير بين موقفه من الحرب الروسية في العام الماضي، ومواقفه من الحرب الدائرة في غزة حاليا.

وكان يويفا قد عاقب روسيا باستبعادها من جميع منافساته، إلى جانب سماحه للاعبين باستغلال المباريات وإرسال رسائل تضامن مع أوكرانيا

وبالنسبة للحرب على غزة، ربما لم يكن مطلوبا من يويفا أكثر من إبراز الوجه الإنساني والهدف السامي لكرة القدم، حيث التضامن مع الضحايا المدنيين، واللذين غالبيتهم الآن من الجانب الفلسطيني.

وحتى الأربعاء، أكدت وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى ارتفع إلى 10569 قتيلا، من بينهم 4324 طفلا، منذ السابع من أكتوبر الماضي، موعد الهجوم المباغت من حماس على غزة.

وبشكل مماثل لدعمه الأحادي لأوكرانيا، أكدت الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، أن يويفا وافق على طلبه بالوقوف دقيقة صمت حدادا على ضحايا إسرائيل في الحرب الحالية، وذلك عندما يعود المنتخب الإسرائيلي للعب مجددا في التصفيات الأوروبية أمام كل من سويسرا ورومانيا.

بعد جدل اعتزامه إضاءة ملعب ويمبلي بألوان علم إسرائيل، والتراجع عنه تحت الضغوط، أصدر الاتحاد الإنكليزي بيانا الشهر الماضي، أعلن فيه الوقوف دقيقة صمت حدادا على ضحايا الحرب في غزة من الطرفين.

وحدد الاتحاد الإنكليزي جولة 21 و23 من أكتوبر الماضي لذلك، على أن يرتدى الجميع (لاعبون، مدربون وحكام) شارات سوداء.

وبدورها، لم تعلن الدوريات الأخرى مبادرات ملموسة في اتجاه التضامن العدد المرتفع من الضحايا المدنيين في الحرب الدائرة حاليا، بينما كانت أكثر فاعلية في دعم أوكرانيا.

ولمدة طويلة تصدرت جملة "أوقفوا الاجتياح" الشاشات الناقلة للدوريات الخمس الكبرى.

كان الأسبوع الثاني للحرب بين حماس وإسرائيل، حافلا بالإثارة في أجواء الأندية الأوروبية، إذ تحرك أكثر من ناد تجاه لاعب فيه تضامن مع الفلسطينيين.

وكانت البداية مع الجزائري يوسف عطال الذي أوقفه ناديه نيس الفرنسي عن المباريات، بسبب منشور على صفحته تضامن خلاله مع غزة.

ثم جاء الدور على لاعب ماينز الألماني أنور الغازي، الذي أوقفه ناديه أيضا بسبب منشور حذفه بعد دقائق.

ولاحقا أعاد ماينز اللاعب الهولندي من أصل مغربي للتدريبات، بعد أن أكد بيان للنادي أسفه عن المنشور، قبل أن يكذب الغازي محتوى البيان، ويقوم لاحقا النادي بإنهاء التعاقد معه، بعد أسابيع من ضمه.

وفي ألمانيا، أيضا ظل النجم المغربي نصير مزراوي تحت ضغوط قانونية بسبب تضامنه مع الفلسطينيين، إذ تقدّم رئيس الرابطة الألمانية الإسرائيلية، فولكر بيك، بدعوى جنائية ضد مزراوي، بسبب منشوره التضامني.

كثيرا ما اشتهرت الأندية الأوروبية بمواقفها تجاه أي حالات إنسانية أو ضحايا، وهو أمر ظلت تجنى من وراءه الكثير من التعاطف والجماهيرية.

والآن في ظل تحول ضدها إلى ملاحقة لاعبيها على منشورات ذات طابع تضامني، خارج الملعب وعلى وسائل التواصل، فإنها تجد نفسها في اختبار صعب للغاية.

وربما نجت بعض أندية الدوري الإنكليزي، مثل أرسنال وليفربول، إذ لم يلاحق أرسنال لاعبه المصري محمد النني، الذي غير صورة الشخصية على حساباته على "سوشيال ميديا" للمسجد الأقصى مع تضامن مع الفلسطينيين.

وكذلك لم يفعل ليفربول الأمر مع صلاح، في بيانه المتزن عن إدانة العنف، والتضامن مع الضحايا من الجانبين.

وفي وقت بدا، سلتيك الاسكتلندي الاستثناء الوحيد، حيث ضجت مدرجاته بالإعلام الفلسطينية، فإن تقارير أكدت تحركه أخيرا ضدهم.

وبحسب بي بي سي، سحب النادي التذاكر الموسمية من المشجعين التابعين لمجموعة "اللواء الأخضر"، وهم مجموعة من مشجعي سيلتك المتفانين، الذين أظهروا دعمهم لفلسطين، وخاصة خلال مباراة الفريق أمام أتلتيكو مدريد بدوري أبطال أوروبا، الأسبوع الماضي.

لكنها البعض الآخر تحدى القرار، وظهرت الأعلام الفلسطينية ترفرف في المدرجات.