هل اكتملت ملامح "ليستر الليغا"؟

حتى عام 2007، لم يكن جيرونا في عالم كرة القدم سوى ناد صغير، يلعب ضمن دوري الدرجة الخامسة الإسباني للهواة، وينتمي لمدينة جيرونا بمقاطعة كاتالونيا، التي يستمتع سكانها البالغ عددهم نحو 103 ألف مواطن، بقمة برشلونة وإسبانيول كديربي للمدينة والمقاطعة.

ومنذ 1999 وحتى 2007، لم تتجاوز مباريات جيرونا على ملعبه مونتيليفي الـ200 مشجع فقط.

لكن تأهله في موسم 2006 ـ 2007 من دوري الدرجة الرابعة إلى دوري الدرجة الثانية غيّر الكثير في حياة النادي، إذ أعاده للمرة الأولى منذ 50 عاما إلى مسابقة للمحترفين.

وجاء هذا الإنجاز وسط الكثير من التحديات، إذ كانت طاولة كرة قدم داخل غرفة تغيير الملابس هي كل ما يمتلكه الفريق من وسائل ترفيه، بسبب فشل الإدارة في الإيفاء بالرواتب نظير أزمة مالية خانقة، فيما بقيت تلك الطاولة حتى الآن داخل غرفة الملابس.

وعن سر هذه الطاولة، قال رئيس النادي ديلفي جيلي: "إنها تذكرنا بأين كنا من قبل، وأين صرنا الآن".

كان عام 2017 بمنزلة سنة تاريخية مميزة لسكان مدينة جيرونا وناديها لكرة القدم، إذ لم ينتصف ذلك العام، حتى تحقق الحلم المنتظر من جماهير جيرونا منذ تأسيس النادي في 1930، والمقصود هنا تأهل جيرونا إلى دوري الدرجة الأولى الإسباني في 5 يونيو 2017.

وبقي جيرونا في المسابقة لمدة موسم وهبط في الموسم الذي تلاه، قبل أن يعود إليها مجدا في يونيو 2022، حيث لا يزال صامدا.

ولم تمر أكثر من 60 يوما على فرحة جيرونا بالصعود الأول التاريخي، حتى تلقى الفريق نبأ سارا آخر، تمثل في استحواذ مجموعة سيتي لكرة القدم (سيتي غروب) على 44.3% منه، في لحظة شكلت علامة فارقة.

ولم ينتظر جيرونا كثيرا ليجني ثمرة هذا الاستحواذ، إذ نجح في 29 أكتوبر في تحقيق دويا عالميا هائلا، عندما اسقط ريال مدريد بطل أوروبا وبقيادة زيدان بهدفين مقابل هدف في الليغا.

بمجرد أن أكمل ببر غوارديولا شقيق مدرب مانشستر سيتي الحالي بيب غوارديولا هندسة صفقة استحواذ سيتي غروب على نسبة 44.3%، وأصبح رئيسا تنفيذا لجيرونا، فإنه منح الأخير فرصة ذهبية للاستفادة من خبرات وحنكة إدارية كبيرة تتمتع بها هذه المجموعة الكروية.

وبات جيرونا أحد 12 ناديا لكرة قدم منضوية تحت إمبراطورية سيتي غروب البالغة قيمتها السوقية نحو 5 مليارات دولار.

وأول ما استفاده جيرونا من تواجده في هذه المجموعة، هو النظام الإداري، الذي أتاح له التبضع بسهولة، وجلب أفضل المواهب الكروية على سبيل الإعارة.

واستعار جيرونا في يوليو الماضي الجناح البرازيلي سافيو من تروا الفرنسي أحد أندية المجموعة، ويقدم الآن مستويات جيدة (سجل 4 أهداف في 16 مباراة)، وفعل نفس الأمر مع الظهير الأيمن يان كوتو، الذي استعاره من السيتي.

وهناك أيضا متوسط الميدان الكولومبي نايغل هيريرا الذي تمت استعارته أيضا من مانشستر سيتي العام الماضي، وأكُمل شرائه هذا الموسم.

هناك أيضا تأثير غير مباشر لسيتي غروب على جيرونا، يتمثل في تشرب المدير الرياضي كيكي كارسيل لثقافة المجموعة في استكشاف المواهب، إلى جانب تأثر المدرب ميشيل بمقاربة بيب غوارديولا التكتيكية، إذ يؤدي جيرونا حاليا بنفس النسق الذي يلعب به مانشستر سيتي.

وتمثل دهاء كارسيل في اكتشاف عدد من الصفقات غير المكلفة ماديا، مثل النجمين الأوكرانيين فيكتور تسيغانكوف وأرتيم دوفيبيك.

وضم كارسيل لجيرونا تسيغانكوف من دينامو كييف مقابل 5 ملايين يورو فقط، فيما تبلغ قيمته السوقية الآن 22 مليون يورو، بعد تسجيله 3 أهداف في الليغا.

أما أرتيم دوفيبيك فتم ضمه من دنبيرو الأوكراني مقابل 7.5 ملايين يورو، وسجل للفريق 8 أهداف هذا الموسم في الليغا، فيما تبلغ قيمته السوقية 15 مليون يورو.

وقام كذلك كارسيل بضم دالي بليند في صفقة مجانية من بايرن ميونيخ، فيما تعاقد مع ميغيل غوتيريز بـ5 ملايين يورو فقط من ريال مدريد.

وبعد تجهيزه الفريق، سلم كارسيل المهمة للمدرب ميشيل، الذي حول الفريق إلى قوة هجومية كاسحة.

ويعتبر جيرونا حاليا أكثر فريق سجل أهداف في الليغا بـ38 هدفا، متفوقا على ريال مدريد (34 هدفا) وأتلتيكو مدريد الثالث (32 هدفا).

وبحال استمر بهذا النهج، فإن تكرار معجزة ليستر سيتي في الديار الإسبانية، تبدو مسألة وقت فقط.