هل تغيّر "بيانات اللاعبين" أعراف الميركاتو؟

مثّل 1992 عاما مهما لكرة القدم، خصوصا الأوروبية، إذ تحولت البطولة الإنكليزية إلى شكلها الحالي المعروف بـ"البريمييرليغ"، كما تم اعتماد الهيكل الحالي لدوري أبطال أوروبا، بدلا من الكأس الأوروبية.

وفي نفس الفترة انطلقت الجينات الأولى للإحصاء الرياضي، إذ بدأت الأندية تهتم بتحليل مقاطع لكرة القدم.

وفي 1998 عيّن فريق ديربي كاونتي الإنكليزي محلل أداء لرصد حركة اللاعبين بناء على لقطات الفيديو، بحسب مقال على موقع ميديام دوت كوم.

وفي 2001 انتبه مدرب مانشستر يونايتد الأسطوري السير أليكس فيرغسون لأهمية وظيفة محلل الأداء، وفي مقابل ذلك بدأت بعض الأرقام تظهر عن عدد التمريرات ودقتها والتمريرات على المرمى.

أما الإحصاء بشكله الاحترافي الحالي فيرجع إلى 2010، عندما ظهر مصطلح "الأهداف المتوقعة" إلى العلن، وهو مفهوم عميق وأكثر علمية. وفي 2011 بدأت أوبتا البريطانية للإحصاء عملها رسميا من مكاتبها في لندن.

مع وصول يورغن كلوب إلى ليفربول الإنكليزي في 2015، حرص على تعيين موظفين مهمين في النادي، أحدهما مسؤول عن تغذية اللاعبين، والآخر عن تحليل أدائهم.

وطوال الأعوام العشرة الأخيرة، بات الإحصاء وتحليل البيانات وظيفة أساسية في أندية كرة القدم.

وتحولت الأرقام والإحصاءات كذلك إلى مادة جاذبة للقراء، لتظهر عدد من المنصات المتخصصة فقط في الأرقام على غرار "أوبتا"، مثل (StatsBomb)، و(Wyscout)، و(FBref) وبشكل أو بآخر ترانسفير ماركت، وغيرها من المواقع.

وفي العامين الماضيين، بدا لمحلل الأداء في الفرق كلمة فصل في ضم الصفقات، مثله مثل المدرب، وهذا استفاد منه النرويجي مارتن أوديغارد، إذ جعله أرسنال صاحب أعلى راتب في الفريق، عندما جدد له في سبتمبر الماضي حتى 2028.

وكانت أرقام أوديغارد شهدت طفرة في الموسم الماضي، إذ تضاعفت نسبة تسجيله للأهداف المتوقعة بنحو 5 مرات، كما زاد كذلك معدل ودقة تمريراته.

وحدث الأمر ذاته مع ماركوس راشفورد، الذي جدد عقده مع الشياطين الحمر لمدة مماثلة الصيف الماضي، بعد مستوى مبهر حطم فيه الكثير من الأرقام، أبرزها تسجيله 30 هدفا للفريق بجميع المسابقات ليصبح أو لاعب يسجل هذا الرقم منذ رحيل فيرغسون في 2013.

عندما حان موعد جلوس البلجيكي كيفين دي بروين مع إدارة السيتي في 2021 للتفاوض بشأن عقده، لم يستعن بأي وكيل، لكن بدلا عنه ذهب للتعاقد مع شركة (Analytics FC) المختصة في جمع وتحليل بيانات اللاعبين، ودفع مقابل ذلك مبلغا كبيرا.

وبحسب ملفها الشخصي، أُسست هذه الشركة في 2014 من قبل طلاب باحثين، وتهتم بالكثير من التفاصيل حول اللاعب أو اللاعبة أو الفريق، حيث تتعامل الآن مع عدة أندية إنكليزية.

ولم تزود الشركة دي بروين بمعلومات عنه كلاعب فقط، وإنما منحته ملفا يقارن بينه وبين كبار الأسماء في نفس الخانة.

وكان ذلك الملف قد كشف عن تفوق كبير لدي بروين على جميع منافسيه، بل صنفّه الأفضل في العالم في مركزه بدون منازع، ما جعل السيتي يجدد له لمدة أطول، ويزيد راتبه رغم اقترابه وقتها من سن الـ30 عاما.

وبحسب تصريح للمؤسس المشارك لـ(Analytics FC) جيرمي استيلي فإن الشركة عندما تجد لاعبا بحجم دي بروين وفي نفس حالته يمكنها أن تلعب دورا أكبر، تجاه النادي، وذلك بتمليك النادي صورة كاملة عن الضرر الذي يمكن أن يسببه رحيله عن النادي، وحجم الخسائر التي يمكن أن يسببها له.

وشدد استيلي في حديثه لموقع ذا أثلتيك بأن هذا لا يعني أنهم يقومون بالتفاوض والضغط على النادي، بقدر تقديمهم خدمة علمية بلغة الأرقام والاحتمالات.

في عام 2021، وبعد تأكد رغبة أرسنال في إرسال ظهيره الأيمن هيكتور بيليرين في إعارة، لجأ النجم الإسباني إلى شركة (Analytics FC)، وطلب منهم ترشيح ناد يناسب إمكاناته الفنية، لكي يضمن عبره العودة سريعا إلى المنتخب الإسباني والمشاركة مع في مونديال قطر 2022.

وبعد تحليل الشركة لبيانات اللاعب، وطرق لعب الأندية، نصحت بيليرين بالعودة إلى بلده والانضمام إلى ريال بيتيس، وهو ما حدث بالفعل، على الرغم من فشله في إقناع مدرب الماتادور وقتها لويس إنريكي بضمه للمنتخب.

والآن بعد عدة إعارات وانتقالات، انتهى به المقام في ريال بيتيس الذي رشحته له الشركة.

وقد تبدو مثل هذه الشركة أو نهجها بشكل عام، مفيدة لنجم ليفربول وقائد منتخب مصر محمد صلاح، والذي تبقت له سنة ونصف من نهاية عقده مع النادي الإنكليزي، إذ يمكن أن يستغل تألقه الحالي والحصول على نسخة مماثلة لدي بروين، وهو أمر ربما يبدو له أكثر فائدة من حنكة وكيله رامي عباس.