هالر "فيل" لا يستسلم.. عاد من "الموت" إلى "التتويج"

بدا الـ18 من يوليو 2022 يوما عاديا لسيباستيان هالر، إذ ذهب وفق الخطة إلى تدريبات صباحية كان يجريها فريقه بروسيا دورتموند الألماني في معسكره الصيفي بسويسرا.

وكان النجم الإيفواري لا يزال فرحا بانتقاله قبل أسبوع فقط إلى الفريق الألماني، قادما من أياكس الهولندي، في صفقة ضخمة كلفت ناديه الجديد نحو 33 ملايين يورو، لكنه خلال التدريبات شعر بأنه ليس كما يُرام، لتبدأ زياراته للأطباء، إذ اكتشف إصابته بسرطان الخصية.

الخبر أثار صدمة كبيرة في الوسط الرياضي العالمي، وفي اليوم الثاني تضامن معه زملاؤه في أياكس بارتداء قمصان تحمل رقمه، خلال مباراة ودية لهم مع سالزبورغ النمساوي، وطالبوه فيها بالصمود والقتال في وجه داء العصر.

لكن يبدو أن هالر لم يكن بحاجة إلى تلك المواساة، إذ أظهر منذ اللحظة الأولى إرادة واضحة على قهر المرض.

وبعد إكماله أول جلسة علاج كيميائي، كتب هالر منشورا على تويتر (إكس حاليا): "أحيطكم علما بأن الخطوة رقم 1 في المهمة قد اكتملت بنجاح".

صمود هالر في غرفة العلاج الإشعاعي انهار لحظة لقائه بأقرانه في أياكس، عندما دُعي لتسلم جائزة الحذاء الذهبي لأفضل هداف في الدوري الهولندي مع أياكس، إذ لم ينجح في حبس دموعه لحظة إلقاء كلمة عن المناسبة، مكتفيا بشكر الجميع وكذا زوجته على دعمه.

بعد إجراء عمليتين جراحيتين، والخضوع لعدد من جلسات العلاج الإشعاعي والكيميائي، أعلن هالر في يناير 2023 قهره للسرطان، واستعادة حياته الطبيعية بصفته لاعب كرة قدم محترفا.

وزاول هالر تدريباته مع دورتموند بعد عودة الفريق من العطلة الشتوية في يناير، وظهر في التدريبات والمباريات الداخلية أنه لم يضل طريق الشباك أبدا.

وشكّل يوم 4 فبراير 2023 تاريخا جديدا لهالر، إذ سجل فيه هدفه الرسمي الأول بعد قهره للسرطان، وكان ذلك في مرمى فرايبورغ في البوندسليغا.

وبدا الهدف ملهما للغاية، إذ صادف يوم 4 فبراير احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمي للسرطان، وكان قد ارتدى هالر حذاء كُتبت عليه رسالة تتحدى المرض وتلعنه.

شكّلت عودته القوية في فبراير خبرا سارا لمدرب بروسيا دورتموند إدين تيرزيك، الذي كان يقاتل بشراسة رفقة دورتموند على لقب البوندسلغيا.

وبالفعل كان هالر في الموعد، إذ سجل 9 أهداف في 19 مباراة خاضها مع فريقه في الموسم الماضي، لكن خيبة كبيرة حدثت، عندما أضاع ركلة جزاء أمام ماينز في اليوم الختامي للبوندسليغا.

وكان لإهدار الركلة الدور الحاسم في ضياع اللقب وذهابه إلى المنافس التقليدي بايرن ميونخ، إذ كان دورتموند يحتاج إلى الفوز بدل التعادل 2-2 الذي انتهت إليه المباراة.

وأُصيب هالر بخيبة كبيرة، إذ صرح بعد المباراة، بأن إضاعة الركلة كانت أكثر صعوبة عليه من سماعه خبر إصابته بالسرطان، لكنه أبدى تصميما على تعويض اللحظة التاريخية مع منتخب بلاده كوت ديفوار.

في أمم أفريقيا لم يكن الوضع مثاليا لهالر، إذ كان يعاني من إصابة في الركبة أبعدته عن دورتموند منذ نهاية العام الماضي، إلى جانب الأداء السيئ لمنتخب بلاده.

وتمثل الخبر السيئ الثالث في إقالة المدرب الفرنسي جان لوي غاسيه الذي آمن به، وضمه للمنتخب رغم إصابته.

لكن بعد انقلاب الموازين وتأهل كوت ديفوار، عاد هالر للمشاركة بصورة تدريجية أمام السنغال ومالي، قبل أن يستعيد مستواه في أفضل توقيت، إذ خاض مباراة الكونغو الديمقراطية في نصف النهائي كاملة، وسجل هدف الفوز الوحيد.

وفي النهائي أكمل القصة والمعجزة ليسجل هدف الفوز، ويمنح الأفيال اللقب الثالث في تاريخها، والأول له قاريا.

في دورتموند، وقبل السفر إلى كوت ديفوار لم يكن هالر يمر بأفضل حالاته، إذ لم يسجل أي هدف في الدوري الألماني طوال 11 مباراة، في حين بلغ مجموع أهدافه اثنين فقط في 14 مباراة.

ودفع مستواه المتذبذب وإصابته فريقه دورتموند إلى التفكير في إعارته في ميركاتو الشهر الماضي إلى فولهام الإنكليزي.

وبحسب الصحفي الإيطالي فابريزيو رومانو فإن هالر رفض الإعارة رغم توصل الفريقين لاتفاق، ويبدو أنه كان يراهن على مقدرته على العودة، وهو رهان يبدو الآن منطقيا للغاية، إذ يتوقع أن يمنحه دوره في أمم أفريقيا دافعا كبيرا لإثبات وجوده مع دورتموند.