أتلتيك بيلباو يكسر النحس.. قصة فريق يفتخر بـ"هوية غريبة"

يقع إقليم الباسك في شمال إسبانيا وجنوب غربي فرنسا، ويتكون من 17 منطقة تتمتع بالحكم الذاتي وعاصمته هي فيتوريا.

وتصل مساحة الإقليم إلى حوالي 20 ألف كلم2، يقع 18 ألف كلم2 منها في الجانب الإسباني.

ويحد الإقليم من الشمال بحر كانتابريا، ومن الجنوب منطقة لا ريوخا، ومن الشرق منطقة نافارا، ومن الغرب ليون، ومنطقة كانتابريا ومنطقة قشتالة.

وتشمل مساحة منطقة الباسك أربعة أقاليم من الجهة الإسبانية، هي، بيسكاي وغيبوزكوا وألافا ونافار، وثلاثة أقاليم فرنسية، هي، لابور ونافار المنخفضة وسول، وهي الأقاليم التي تتكون منها منطقة البيريني الأطلسية بحسب التقسيم الفرنسي.

ويبلغ عدد سكان الإقليم 2 مليون نسمة ويتحدثون لغتهم الخاصة (الباسكية)، التي يتشددون لها.

ما أن يتحدث التاريخ عن الكرة الإسبانية حتى يطل في الواجهة نادي أتلتيك بيلباو، فهو النادي الوحيد بجانب ريال مدريد وبرشلونة الذي لم يهبط طوال تاريخه من الدوري الإسباني لكرة القدم.

ويعتبر بيلباو أيضا ثاني أكثر الأندية تتويجا بلقب كأس الملك برصيد 24 لقبا، بفارق 7 ألقاب عن برشلونة.

وعلى الرغم من كونه ليس النادي الوحيد المشهور في الإقليم، إذ يوجد غريمه ريال سوسيداد، فإن بيلباو لديه جماهيرية كبيرة، بسبب دوره في الحياة الباسكية.

وبحسب (بي بي سي) قام النادي العام الماضي بإهداء كل طفل ولد في 2023 قميصا للنادي وذلك احتفاء بالذكري 125 لتأسيسه، كما يمتلك 160 مدرسة للصغار تابعة للنادي، يفرخ منها المواهب لأكاديميته ذائعة الصيت.

ويقدم أتلتيك بيلباو دروسا مجانية لتعليم اللغة الباسكية، وهو أمر جعل غالبية سكان الإقليم من مشجعيه.

وأثار هذا الأمر دهشة لاعبه أندير هيريرا، الذي قال في تصريحات لبي بي سي: "هذا أمر فريد من نوعه في العالم، ترى أشخاصا كانوا حاملي التذاكر الموسمية طوال حياتهم ولا يشاهدون المباريات الأخرى، بل يشاهدون فقط أتلتيك".

وأردف: "في بلباو، تجد امرأة تبلغ من العمر 60 أو 70 عاما، توقفك في الشارع وتقول لك إن علينا الفوز بالكأس وعلينا التأهل لدوري أبطال أوروبا.. إنهم مهووسون بالفريق".

لعل أكثر ما يميز نادي أتلتيك بيلباو هو اعتماده على سياسة تسمح فقط للاعبين مواليد إقليم الباسك بتمثيله، وهي سياسة تم اعتمادها في عام 1912، ولا يزال الفريق يعمل بها.

ورغم أنها غير منصوص عليه في اللائحة الداخلية للنادي، فإن أي من رؤساء النادي طوال أعوامه الـ126 لم يلجأ لتغييرها، لتصبح نهجا محببا على مر القرون.

ولا يعد بيلباو هو الوحيد الذي ينتهج هذه السياسة، إذ كان جاره ريال سوسيداد يعمل بها أيضا لكنه تخلى عنها في 1989، بدوافع الرغبة في مقارعة الريال والبرسا.

وعالميا، لا توجد فرق كثيرة تنتهج مثل هذه السياسة، باستثناء نادي شيفاز دو غوادالاخارا المكسيكي، والذي يمنع على أي لاعب غير مكسيكي ارتداء قمصيه.

ويرى بيلباو في سياسته الخاصة حفاظا على الهوية الباسكية، لكنه بالمقابل أيضا يأكل منها الشهد، حيث يحظى بدعم غالبية سكان الإقليم، الذي يتمتع بنزعة نحو الاستقلال أسوة بإقليم كاتالونيا.

وفنيا أيضا، لا يجد بيلباو صعوبات في الحصول على لاعبين جيدين، إذ تقوم الفرق بتغذية نادي سي دي باسكونيا المشارك في دوري الرابعة الإسباني، والذي بدوره يغذي الفريق الأول لأتلتيك.

لا يكاد الشقيقان إنياكي ونيكو وليامز يتواريان عن غلاف الصحف الإسبانية والباسكية في الأعوام الأخيرة، وذلك بعد تألقهما بشدة مع الفريق.

وأيضا منحه دفعة قوية ضد مزاعم العنصرية تجاه سياسته المتحيزة لمواليد الباسك.

وولد إنياكي (29 عاما) وشقيقه الأصغر نيكو (21 عاما) في إقليم الباسك لأب غاني وأم ليبيرية هاجرا إلى إسبانيا في الثمانينات.

وصنع نيكو أمس هدف الفوز لزميله أويهان سانسيت.

ولا يعد إنياكي أول لاعب من أصول أفريقية بالفريق الباسكي، بل سبقه جوناس راماليو المولود لأب أنغولي وأم باسكية، لكنه يعد الأكثر شهرة في تاريخ النادي، إذ خاض أكثر من 300 مباراة في الدوري الإسباني، بما في ذلك 251 مباراة على التوالي رفقة بيلباو.