الكرة السودانية في الحرب.. نزوح وخسائر بملايين الدولارات

لم تسلم غالبية المؤسسات في العاصمة الخرطوم من عمليات نهب وتخريب طوال عام الحرب، بما في ذلك ملاعب كرة القدم.

ويعد نادي الهلال الأكثر تضررا، وذلك بعد تعرض ملعبه بأم درمان للنهب والتخريب.

وبحسب صحيفة الزرقاء السودانية، تم نهب حاويات على متنها نظام إضاءة حديثة تم استيراده من إسبانيا قبل الحرب، بجانب حرق أرض الملعب، وتهشيم زجاج حافلة الفريق، وقدرت كلفة ذلك بـ4 ملايين دولار.

وطال التخريب أيضا ملعب المريخ على بعد مسافة قليلة جنوب ملعب الهلال، وتناقلت مقاطع فيديو وصور لأعمال تخريب كبيرة طالته.

كما تم سرقة كأس الكؤوس الأفريقية (كأس مانديلا) الذي توج به المريخ في 1989، وهو اللقب الخارجي الأهم للأندية السودانية، لكن تم استعادته في مارس الماضي.

بعد اندلاع بأيام ظهر لاعب المريخ السوداني أحمد أدم الشهير بـ"بيبو" مرتديا زي الجيش السوداني ويحمل سلاحا.

ومع مرور الحرب باتت ظهور مع الجيش لاعبين حاليين وقدامى أمرا عاديا.

وشهدت الحرب رحيل عدد من اللاعبين والمدربين، لكن الرحيل المفجع للاعب ومدرب الهلال السوداني السابق فوزي المرضي في 5 مايو 2023 كان أكثر إيلاما، إذ حدث ذلك بسبب حزنه على وفاة ابنته الوحيدة وتدعي آلاء.

وتوفت ابنة المرضي، أو "الأسد" كما تحلو لجماهير الهلال مناداته، بعد إصابتها بمقذوف داخل منزلها وأمام أعين والدها، قبل أن يلحق بها بعد أيام فقط بسبب حزنه على رحيلها، فيما أبكت طريقة رحيله الشعب السوداني والجمهور الكروي، ليترك زوجته وحيدة متأثرة أيضا بجراح جراء القذيفة.

تعد الفترة من 2005 وحتى 2012 من أنجح الفترات للكرة السودانية، فخلالها نافس الهلال والمريخ بشدة على الأدوار النهائية أفريقيا، كما عاد منتخب صقور الجديان إلى أمم أفريقيا في نسخة غانا 2007 بعد 32 عاما من الغياب.

وساهمت تلك الفترة في ترسيخ عدد من نجوم الهلال والمريخ والمنتخب في ذاكرة الجماهير السودانية.

وكان عدد منهم يتوق لوداع لائق في عام 2023، لكن ذلك تبخر بفعل الحرب.

وأبرز هؤلاء علاء الدين يوسف "فييرا" لاعب الهلال والمريخ سابقا، والذي كان يلعب لفريق هلال المناقل بعمر 42 عاما.

ومنهم أيضا نصر الدين الشغيل، لاعب المريخ والهلال أيضا، وقائد منتخب صقور الجديان سابقا، وأول لاعب سوداني يتجاوز 100 مباراة أفريقيا.

وعاد الشغيل من الاعتزال وهو بعمر 39 عاما، لينضم لفريق الناصر أمدرمان قبل الحرب.

ومنهم أيضا بكري عبد القادر الشهير بـ"بكري المدينة" الذي لعب أيضا لفريقي القمة الهلال والمريخ، وعاد لفريقه الأول الأهلي مدني قبل مدة قليلة قبل الحرب، وهو بعمر 36 عاما، لتتوقف مسيرته، ويصبح أحد الداعمين للجيش.

في مارس الماضي قال نائب رئيس اتحاد كرة القدم السوداني أسامة عطا المنان إن اتحاده تلقى موافقة 5 اتحادات عربية وافريقية لاحتضان الأندية السودانية في بطولاتها، وهي تنزانيا وليبيا وغانا وكينيا وأوغندا.

وأشار عطا المنان وقتها أن اتحاده يدرس الكيفية المناسبة لضمان مشاركة عدد من الفرق السودانية في هذه الدوريات من أجل أن ينعكس ذلك على المنتخب.

ويمنع الفيفا مثل هذه المشاركات في الظروف الطبيعية، لكنه قد يستثني ذلك بسبب الحرب، وبعض الحالات الأخرى مثل مشاركة الأندية الكندية في الدوري الأميركي والويلزية الإسكتلندية في إنكلترا.

أكد مصدر مقرب من اتحاد الكرة السوداني لـ"بلينكس" أن الاتحاد غيّر رأيه بشأن مشاركة أنديته في الدوري التنزاني، وذلك بسبب التكلفة الباهظة "جدا"، وذلك رغم حماس الاتحاد التنزاني.

وبحسب المصدر، فإن اتحاد الكرة السوداني بات قريبا من إرسال أنديته للعب في الدوري الموريتاني، بحكم العلاقات بين الشعبين، وكذا التسهيلات التي وجدها هناك.

وأكد المصدر لبلينكس بأن الهلال والمريخ قررا تنظيم بطولة شرق ووسط أفريقيا (سيكافا) للأندية، هذا الصيف، لتدشن عودتها لأجواء التنافس.

وأشار المصدر إلى أن المشاورات لا تزال مستمرة بشأن مكانها، ورجّح أن تكون مصر أو ليبيا أو موريتانيا هي المستضيف.

وفي السياق، رأى المحلل الفني مصطفى عيدروس أن قرار مشاركة الهلال والمريخ في أي دوري سيكون قرارا موفقا لهما وله فوائد على المنتخب الوطني السوداني، حيث يمثل الهلال والمريخ عموده الفقري.

وأضاف عيدروس في تصريحات لبلينكس: "المشاركة في دوري خارجي ستوفر جاهزية فنية لكليهما وبالتأكيد يستطيع الجهاز الفني لكل فريق أن يبدأ ترتيب الأوراق قبل انطلاق الموسم الأفريقي الجديد ورسم ملامح المشاركة كما أن ذلك يعتبر أفضل الحلول المتاحة في ظل ما تمر به الكرة السودانية من صعوبات بالغة بتوقف النشاط الكروي حتى الآن لمدة عام".

ويلعب السودان حاليا في المجموعة الثانية بتصفيات أفريقيا لكأس العالم 2026، ويحتل المركز الثاني برصيد 4 نقاط وبفارق الأهداف عن السنغال المتصدر، وتضم المجموعة بجانبهما كل من الكونغو وجنوب السودان وموريتانيا وتوغو.