كيف تحول "المشجع ترزيتش" إلى أمل دورتموند في ويمبلي؟

ولد إدين ترزيتش في 30 أكتوبر 1982 بمدينة ميندن الألمانية، لأسرة مهاجرة من يوغوسلافيا، الأب من البوسنة والأم من كرواتيا، ويحمل الجنسيتين الألمانية والكرواتية.

عُرف عن ترزيتش تشجيعه لدورتموند منذ سن التاسعة، في مدينته ميندن التي تبعد عن دورتموند 40 كيلومتر. ولم تكن لترزيتش مسيرة كروية تذكر كلاعب، إذ لعب كمهاجم لأندية الدرجة الرابعة في ألمانيا.

وفي العام 2010 بعد حصوله على شهادة في العلوم الرياضية من جامعة الرور في بوخوم، تم تعيينه كشافا ومساعدا للمدرب في أكاديمية دورتموند، وعمل تحت إشراف المدرب يورغن كلوب حتى 2013.

وخلال هذه الفترة، وجد فرصة للعمل كمحلل أداء للمنتخب الكرواتي خلال بطولة "يورو 2012"، وأبهر مدرب كرواتيا، وقتها، سلافين بيليتش بإعداد دراسة لطريقة لعب جمهورية إيرلندا، ما ساعد بيليتش على الفوز عليها 3 ـ 1.

ودفع ذلك بيليتش لضمه كمساعد له، لينتقلا معا للعمل في لوكوموتيف الروسي. وبعد ذلك، رافق ترزيتش سلافين بيليتش أيضا إلى بشكتاش التركي (2013 ـ 2015)، قبل أن ينتقل معه إلى وستهام في الفترة من 2015 وحتى 2017.

وفي 2018 حصل ترزيتش على رخصة يويفا للمدربين المحترفين، بعدما أمضى فترة تدريب طويلة لمدة 18 شهرا، وتخرج رفقة مدرب تشيلسي السابق جراهام بوتر والنجم الصربي السابق نيمانيا فيديتش.

بعد الحصول على الرخصة، عُيّن ترزيتش مساعدا لمدرب دورتموند لوسيان فافر. وفي ديسمبر 2020، وبعد تعرض دورتموند لهزيمة ساحقة من شتوتغارت 5ـ1، تمت إقالة فافر وعُيّن ترزيتش مدربا مؤقتا.

لم ينتظر كثيرا، وقاد ترزيتش أسود وستفاليا إلى الفوز بلقب كأس ألمانيا في 21 مايو 2021، على حساب لايبزيغ، في ملعب فارغ بسبب كورونا.

لكن ذلك لم يشفع له، إذ أعاد النادي لوسيان فافر مجددا بنهاية الموسم.

وتحول ترزيتش للعمل مديرا رياضيا بدلا من مساعدة فافر، الذي أكمل موسمه وغادر، ما مهد لترزيتش بتولي تدريب الفريق بشكل رسمي في صيف 2022، وبعقد يمتد حتى 2025.

في يناير 2023، جلس ترزيتش إلى مجموعة من الصحافيين، وتحدث عن رؤيته للفريق.

وتجسدت أكبر ملاحظاته في أن أكبر مشاكل دورتموند كانت تتمثل في افتقاده لإرث كلوب، وأرجع ذلك إلى الفترة الانتقالية الطويلة، وتغيير النادي باستمرار للمدربين.

وعن استراتيجيته لتعديل ذلك، قال ترزيتش في تصريح لموقع ذي أثلتيك: "باختصار نريد أن نجعل من كل مباراة تجربة قائمة بذاتها، بتفاصيلها بمستجداتها، وبنتيجتها كذلك".

وأضاف: "هذا ما خبره جمهور دورتموند مع كلوب في الفترة بين 2010 و2013، وهو ما يرغب فيه دائما. أن يكون هناك شغف وحماس. نريد أن نرى المدرجات تشتعل في كل مباراة، وبأن تشعر الجماهير بملل انتظار المباراة التالية للفريق".

وتابع: "أدرك أن ذلك يحتاج لوقت، كلوب أيضا عمل منذ 2008 وبدأ الحصاد بعد عامين".

لكن ترزيتش لم يحتاج وقتا، إذ أدخل الرعب في قلب منافسه المهيمن على البطولة بايرن ميونخ، إذ خسر دورتموند لقب البوندسليغا بفارق هدف وحيد وفي آخر جولة، بعد تعثره بالتعادل 2 ـ 2 أمام ماينز.

ورغم خسارة اللقب، وجد ترزيتش دعما غير مسبوق من جماهير دورتموند، التي بادلته دموعه الحسرة، وألهبت الملعب بالتصفيق احتراما للمدرب.

الآن، وبعد أن بات دورتموند أول طرف في نهائي ويمبلي مطلع يونيو، تضاعف احترام جماهير الفريق الملقب بالجراد الأصفر لترزيتش، ولرؤيته البراغماتية التي ظهرت منذ مطلع هذا الموسم.

وبدا واضحا أن ترزيتش غير راغب في المنافسة على الدوري بسبب صدمة الموسم الماضي، وقرر خوض مغامرة أخرى تتناسب مع فلسفته، إذ نصب شراكه على دوري الأبطال.

ويحتل دورتموند المركز الخامس برصيد 60 نقطة.

وطوال مشواره في البطولة هذا الموسم، لم يتلق دورتموند سوى هزيمتين كانت الأولى أمام باريس سان جيرمان بدور المجموعات، والثانية أمام أتلتيكو مدريد 2ـ1 في ذهاب ربع النهائي، لكنه قلبها إلى ريمونتادا 4ـ2.

وأشعلت هذه النتائج المبهرة أوروبيا حماس الجماهير، التي كانت حديث العالم في مباراة الذهاب أمام سان جيرمان.

تتشابه قصة ترزيتش، 41 عاما، إلى حد ما مع قصة نجاح أخرى لمواطنه الألماني جوليان ناغلسمان (36 عاما)، الذي ولج التدريب بعد مسيرة كروية مغمورة، قبل أن يتولى مهمة الكشاف والتدريب في أكاديمية هوفنهايم، ثم مساعدا للمدرب ثم مدربا لهوفنهايم، لينطلق بعدها لتدريب الكبار، حيث يستعد حاليا لقيادة ألمانيا في يورو 2024.

ويبدو أن كلاهما استفاد من تعرفه عن قرب على سيرورة اللاعب من الصغر وحتى اكتمال نجوميته، وهذا ما ملكهم أدوات خاصة في التعامل الذهني والنفسي مع اللاعبين، وخصوصا الصغار.

وزاد ترزيتش على ذلك بعمله كمحلل للأداء ومعايشته مع يورغن كلوب، وانعكس عمله كمحلل أداء على طريقة لعب دورتموند، الذي دافع بدون أخطاء أمام سان جيرمان، وبدا أن الفريق يتوقع كل حركة لاعبي الفريق الباريسي.

لكن رغم ذلك، ربما استفاد ترزيتش من الحظ، إذ تصدت الخشبات الـ3 لأربع كرات من لاعبي سان جيرمان، جعلت رئيسه القطري ناصر الخليفي يندب حظ فريقه الذي حرمه من النهائي.