تكنولوجيا
بينما يطوي عام ٢٠٢٣ صفحته الأخيرة، يسترجع الجميع ما جرى خلال ٣٦٥ يوما مُلئت بالأحداث التكنولوجية والاقتصادية حول العالم.
فبعد عامين من التضخم الناجم عن فيروس كورونا وآثاره الاقتصادية كانت البنوك المركزية حول العالم تعبر عن غضبها عبر رفع معدلات الفائدة للحد من الآثار التضخمية، في حين حاولت النقابات العمالية الحصول على مزيد من المكاسب لا سيما فيما يخص الأجور.
أما تكنولوجيا فكان الحديث ولا يزال عن إيلون ماسك الذي أعاد تسمية منصة التواصل الاجتماعي تويتر لتصبح "إكس" التي أزال عنها القيود في وقت فر فيه المعلنون، في حين كانت الضجة الأهم حول تشات جي بي تي وما يرتبط بالذكاء الاصطناعي.
اندلعت أزمة تضخم عامي 2021 و2022 خلال خروج الاقتصاد العالمي من الجائحة، التي أدت إلى نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار، ليقضي الاحتياطي الفيدرالي وأغلب البنوك المركزية الكبرى الأخرى معظم العام في استخدام سلاح أسعار الفائدة في مواجهة أسوأ موجة من التضخم يواجهها العالم منذ أربعة عقود.
فبحلول نهاية عام 2023، بدأ الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا التقاط أنفاسها. وأدت الزيادات الشرسة في أسعار الفائدة إلى انخفاض التضخم عن الذروة التي بلغها عام 2022، عندما أدت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب بسرعة بالغة مع زيادة حادة في الأسعار.
ووجد مجلس العلاقات الخارجية، الذي يتتبع أسعار الفائدة في 54 دولة، أن البنوك المركزية تحولت بقوة نحو التضخم في ربيع عام 2022، ووجد المجلس أن السياسات لا تزال متشددة، لكن الموقف العام لمكافحة التضخم تراجع.
وفي الولايات المتحدة، أسعد صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي مستثمري وول ستريت عندما أشاروا في ديسمبر إلى أن عام 2024 سيكون على الأرجح عام خفض أسعار الفائدة، وليس رفع أسعارها، وتحدث بنك إنكلترا والبنك المركزي الأوروبي بنبرة أكثر حذرا، في إشارة إلى أن التضخم سيظل، على الرغم من اتجاهه نحو الانخفاض، أعلى من هدفه.
خلال السنوات الثلاث الماضية، تلقى الاقتصاد العالمي ضربة تلو الأخرى: جائحة مدمرة، وارتباك أسواق الطاقة والحبوب نتيجة لعملية روسيا العسكرية في أوكرانيا، وعودة التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة.
ورغم ذلك استمر الناتج الاقتصادي في النمو عام 2023، ولو بشكل متواضع. وتزايد التفاؤل بشأن "تراجع سلس"، وهو السيناريو الذي تسعى فيه أسعار الفائدة المرتفعة إلى ترويض التضخم دون التسبب في ركود، وأشادت مديرة صندوق النقد الدولي بالاقتصاد العالمي، لما يتمتع به من "مرونة ملحوظة".
وقادت الولايات المتحدة الطريق. ففي تحد للتوقعات بتسبب ارتفاع أسعار الفائدة في حالة من الركود بالولايات المتحدة، واصل أضخم اقتصاد في العالم نموه. وحافظ أصحاب الشركات، مدعومين بإنفاق استهلاكي قوي، على توفير فرص العمل بمعدلات جيدة.
ورغم ذلك، تفرض الصدمات المتتالية قيودا على النمو. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع نمو الاقتصاد العالمي من 3% كانت متوقعة لهذا العام إلى 2.9% فقط في 2024.
مصدر القلق الرئيسي هو ضعف الصين، ثاني أضخم اقتصاد في العالم، التي يواجه نموها عوائق بسبب انهيار سوق العقارات، وتراجع ثقة المستهلك وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.
إذا كان 2022 هو العام الذي انهارت فيه صناعة العملات المشفرة، يبدو أن نظيره 2023 سيكون امتدادا لذلك، إذ هيمنت الإدانات والتسويات القانونية على عناوين الأخبار الرئيسية لهذا العام، إذ تبنّى المنظمون في واشنطن موقفا أكثر عدوانية تجاه هذا المجال.
فقد أدانت هيئة محلفين سام بانكمان فرايد، المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لبورصة العملات المشفرة إف تي إكس، بتهمة الاحتيال عبر الإنترنت و6 تهم أخرى. وبعد أسابيع، وافق مؤسس منصة بينانس، تشنغ بنغ تشاو، على الإقرار بالذنب في تهم غسل الأموال في إطار تسوية بين السلطات الأميركية والبورصة.
ومن بين شركات العملات المشفرة الأخرى ذات الوزن الثقيل التي واجهت مشكلات قانونية كانت شركات كوين بيز وجيمني وغينيس.
لكن التكهنات بشأن إمكانية اكتساب العملات المشفرة المزيد من الشرعية بين المستثمرين ساعدت في مضاعفة سعر البيتكوين بجنون. وبعد سنوات من التأخير، يتوقع أن يوافق المنظمون في النهاية على إنشاء صندوق للتداول في البورصة بالبيتكوين. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا كافيا للحفاظ على ارتفاع أسعار العملة على المدى الطويل.
قبل أكثر من عام بقليل، دخل إيلون ماسك إلى المقر الرئيسي لشركة تويتر في سان فرانسيسكو، ليقيل الرئيس التنفيذي للشركة وغيره من كبار المسؤولين التنفيذيين، وبدأ في تحويل منصة التواصل الاجتماعي إلى ما يُعرف الآن باسم إكس.
ومنذ ذلك الحين، تعرضت الشركة لوابل من مزاعم المعلومات المضللة، وتكبدت خسائر إعلانية كبيرة، وعانت من تراجع عدد مستخدميها.
توقفت ديزني وكومكاست وغيرها من كبريات الشركات عن الإعلان على تويتر، بعد أن أصدرت المجموعة الحقوقية الليبرالية ميديا ماترز تقريرا يشير إلى أن إعلاناتها كانت تظهر إلى جانب مواد تشيد بالنازيين. ورفعت شركة إكس دعوى قضائية ضد المجموعة، مدعية أنها "زوّرت" التقرير من أجل "إبعاد المعلنين عن المنصة وتدمير شركة إكس".
بلغت المشكلات ذروتها عندما أدلى ماسك بحديث مليء بالألفاظ البذيئة في مقابلة حول الشركات التي أوقفت إعلاناتها على منصة إكس. وأكد ماسك "أن المعلنين الذين انسحبوا يسعون إلى (ابتزاز) الشركة"، وباستخدام لغة نابية قال لهم "اغربوا عن وجهي".
دخل الذكاء الاصطناعي إلى الوعي العام هذا العام، ولكن رغم قدرة هذه التكنولوجيا المبهرة على استرجاع المعلومات أو إنتاج نصوص قابلة للقراءة، إلا انها لم تضاه بعد الخيال العلمي في أذهان الناس عن الآلات الشبيهة بالبشر.
وكان تشات جي بي تي هو العامل الذي حفّز عاما من ضجة الذكاء الاصطناعي. فقد منح برنامج الدردشة الآلي العالم لمحة عن التقدم في علوم الحاسبات، حتى وإن لم يتعلم الجميع كيفية عمله أو الاستفادة منه على أفضل وجه.
تصاعدت المخاوف عندما هددت هذه المجموعة الجديدة من أدوات الذكاء الاصطناعي سبل عيش الكتاب أو الرسامين أو العازفين أو المبرمجين. وساعدت قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج محتوى أصيل في تأجيج الإضرابات التي قام بها كتاب وممثلو هوليوود، ودعاوى قانونية رفعها المؤلفون أصحاب الكتب الأكثر مبيعا.
وبحلول نهاية العام، انتقلت أزمات الذكاء الاصطناعي إلى شركة أوبن إيه آي، مبتكرة تشات جي بي تي، وإلى غرفة اجتماعات في بلجيكا، إذ خرج قادة الاتحاد الأوروبي بعد أيام من المحادثات للتوصل إلى اتفاق ضمانات قانونية رئيسية للذكاء الاصطناعي.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة