الزبداني تستعيد بريقها.. قصة شباب أعادوا الحياة إلى مدينتهم
على مدار سنوات الحرب السورية، كانت السواتر الترابية شاهدة على المعاناة، بقاياها لم تكن مجرد أكوام تراب، بل حملت قصص الخوف. وأمام هذه السواتر قرر شباب سوري إعادة الحياة إلى مدينتهم بمبادرة إنسانية أطلقوا عليها اسم "همة".
بـ"همة وإصرار" وقفوا أمام سواتر مدينة الزبداني ليس لإزالتها فقط، بل "إزاحة كل الحواجز النفسية التي تركتها الحرب محوّلين رمزية الخراب إلى
بداية جديدة"، حسب ما يقول ربيع برهان، أحد الشباب المشاركين في الحملة.
يشرح الشاب الهدف من المبادرة، بالقول: "هدفنا هو التحرك السريع لإزالة آثار الحرب عن مدينتنا وإعادتها إلى ما كانت عليه.. وأفضل".
رسالة أمل رغم الواقع المرير
الزبداني، المدينة التي تقع في ريف دمشق، كانت ساحة لاشتباكات دموية خلّفت مئات القتلى، ودمارا هائلا لأبنية المدينة وشوارعها.
وتشير تقارير حديثة صادرة عن مكتب
الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، إلى أنه رغم سقوط النظام السوري في الثامن من ديسمبر، لا يزال الوضع في سوريا يشهد تحديات هائلة بسبب انعدام الأمن والأزمة الاقتصادية الخانقة.
بحسب تقديرات
البنك الدولي، تراجع الاقتصاد السوري بنسبة 85% منذ بداية الحرب عام 2011، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي من 67.5 مليار دولار في 2011 إلى 8.98 مليار دولار في 2023. وفي عام 2022، طال الفقر 69% من السكان، أي نحو 14.5 مليون سوري.
وسط هذا الوضع الصعب، يقول ربيع برهان: "أردنا إرسال رسالة مفادها أن الزبداني، رغم دمارها، لا تزال قادرة على النهوض والعودة إلى الحياة مجددا. لم تكن إزالة السواتر الترابية مجرد عمل ميداني، بل كانت بداية لرسالة أكبر عن الأمل والصمود".
لا يقتصر إزالة السواتر الترابية على الأثر المادي فقط، بل يمتد إلى أثر نفسي لدى شبان المبادرة، الذين تجاوز عددهم في يومهم الأول الـ50، حسب ما يقول برهان.
لاقت حملات شباب الزبداني قبولا ورواجا كبيرا في عدة مدن سورية، وذلك بعد دعمها من الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، وبمشاركة فرق تطوعية شبابية أخرى.
الدفاع المدني السوري، قال في بيان إن مبادرة "همة" تأتي لإعادة إحياء الأمل وتحسين الواقع الخدماتي في مدينة الزبداني، مضيفا: "نهدف من خلال هذه المبادرة إلى إحياء روح العمل الجماعي والتعاون لتحسين واقع المدينة وإزالة السواتر وصيانة ودهان الأرصفة، وتنظيف المنشآت التعليمية".
منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، شهدت سوريا عدة مبادرات شبابية تهدف إلى إعادة تأهيل المدن، بالتوازي مع حملات لترتيب أروقة المباني الحكومية.
"من حلب إلى دمشق وحماة"، انطلق شباب للمشاركة في حملة "إعادة تأهيل" البلاد، حسب ما يقول يمان السابق، المدير التنفيذي لفريق "سند التنموي" وأحد منظمي الحملات الأهلية في تصريحات سابقة
لبلينكس.
وفي دمشق، أطلقت الشابة نور السقا
مبادرة "دفا"، التي تهدف إلى توفير الثياب للمحتاجين في فصل الشتاء.