شباب

"مشروع دمر" يضيء من جديد.. مبادرة تكسر عتمة دمشق

نشر
blinx
وسط ظلام فرضته الحرب والأزمات الاقتصادية في سوريا، قررت الشابة السورية المتطوعة نور ديركي، تحدي الواقع الأليم وأطلقت مبادرة لإنارة شوارع "مشروع دمر" الضاحية السكنية الواقعة ضمن مدينة دمشق، بالجهود الذاتية ومن خلال أجهزة ضوئية تعمل على الطاقة الشمسية.
كانت الفكرة بسيطة في البداية، لكنها سرعان ما تحولت إلى مشروع حقيقي بفضل تفاعل السكان ودعم المتطوعين، الذين انضموا بحماس لإنجاز المهمة رغم الظروف الصعبة.
تشرح نور لبلينكس، عن دوافعها لإطلاق المبادرة قائلة: "نعيش في ظلام دامس، وكل ما أردناه هو الشعور بالأمان عند السير في الشوارع، ومنح الأطفال فرصة للعب دون خوف، الفكرة بدأت برغبة بسيطة، لكنها تحولت إلى مشروع حقيقي عندما وجدنا الدعم من الأهالي والمتطوعين".

أزمة الكهرباء في سوريا.. معاناة لا تنتهي

تعاني سوريا من أزمة كهرباء خانقة، حيث أصبحت الانقطاعات المتكررة جزءا من الحياة اليومية للمواطنين، وتعتمد معظم المناطق على المولدات الخاصة التي تعمل بوقود باهظ الثمن، بينما تعاني البنية التحتية لشبكة الكهرباء من أضرار جسيمة جراء الحرب، مما جعل الحلول الرسمية بطيئة وغير كافية.
تضيف نور في حديثها لبلينكس: "الحاجة أم الاختراع كما يقال، ولا يمكننا أن نعتمد على الحكومة لحل جميع مشاكلنا، فالشبكة الكهربائية مدمرة، والانقطاع مستمر لساعات طويلة يوميا، كان لا بد من البحث عن حل بأنفسنا، وقررنا أن نبدأ بخطوة بسيطة قد تحدث فرقا في حياتنا".

الإنجاز.. 47 عمودا من النور وسط العتمة

تشير الشابة السورية إلى أن الفكرة تبلورت لديها فقررت الاستعانة بذوي التخصص، لذا قررت الاستعانة بمجلس أعيان المنطقة، كما تم الاستعانة بمهندس ليقوم بمهام دقيقة، فضلا عن اختصاصي بالطاقة الشمسية وبعض الشباب المتطوعين.
وتنوه نور إلى أن الإنجازات التي تحققت كانت بمساهمة كبيرة، من مجلس الاعيان في منطقة مشروع دمر الذين ساهموا في جمع التبرعات المالية ومساعدة المختصين في المجلس على أرض الواقع.
نجاح الفكرة وتنفيذها لم يحتج إلى وقت طويل، فبعد أسابيع من العمل المتواصل، تمكنت نور والمتطوعون من إنارة 47 عمود كهرباء على امتداد كيلومترين في اليوم الأول فقط، معتمدين بالكامل على الجهود الذاتية والتبرعات المحلية.
تنوه "نور" إلى أن الأمر لم يكن سهلا، حيث واجهوا تحديات تقنية وتمويلية، لكن إصرارهم دفعهم للاستمرار حتى رأوا الشارع مضاء من جديد، وعندما أضاء أول عمود، شعرنا أن كل التعب كان يستحق.
"لم يكن الأمر مجرد إنارة شارع، بل كان إثباتا لأنفسنا أن بإمكاننا تحسين حياتنا حتى في أصعب الظروف".

تفاعل السكان.. الحملة تكبر

لم يكن وقع المبادرة عاديا على سكان مشروع دمر، الذين سارعوا إلى دعمها بشتى الطرق، البعض ساهم ماديا، وآخرون قدموا جهدهم في التركيب والتوصيلات الكهربائية، فيما فتح بعض أصحاب المحال التجارية أبوابهم لتوفير المعدات، خاصة وأن الهدف إنارة ما بين 600 إلى 1000 عمود خلال الفترة المقبلة بحسب التبرعات.
تصف نور هذا التفاعل قائلة: "لم أتوقع هذا الحماس من الناس، كلما رأى أحدهم أعمدة مضيئة جديدة، سأل كيف يمكنه المساعدة، هناك من تبرع بالمعدات، ومن ساعد في التوصيلات، وحتى الأطفال كانوا يسألون كيف يمكنهم المشاركة، بدأنا كمجموعة صغيرة، لكن الآن هناك عشرات الأشخاص مستعدون لدعمنا في أي مشروع قادم".

ما بعد سقوط الأسد.. تحديات بناء سوريا الجديدة

بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، تواجه سوريا مرحلة صعبة من إعادة البناء وسط دمار هائل في البنية التحتية، وأزمة اقتصادية خانقة.
المواطنون، الذين عانوا طويلا من القمع والتدهور المعيشي، باتوا اليوم أمام مسؤولية النهوض ببلدهم عبر جهود فردية وجماعية لتعويض غياب الخدمات الحكومية وضعف الموارد، بدعم من الحكومة الجديدة من أجل النهوض بالوطن.
نور علّقت على ذلك بقولها: "نحن نعيش اليوم في حالة من المشكلات لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نستسلم، التغيير الحقيقي يبدأ من الناس، ونحن أثبتنا أن بإمكاننا تحسين أوضاعنا بأيدينا".

مشاريع أخرى في الطريق

بعد نجاحهم في الإنارة الأولية لمشروع دمر، بدأ المتطوعون في التفكير في مشاريع أخرى، وربما حتى المساهمة في علاج أي مشكلات في بعض المناطق المتضررة.
تختم نور حديثها قائلة: "هذا المشروع جعلني أؤمن أكثر بقوة الناس، عندما نضع أيدينا في أيدي بعض، يمكننا فعل المستحيل، نحن لا ننتظر أحدا ليأتي وينقذنا، نحن نصنع مستقبلنا بأيدينا".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة