في وقت يواصل الذهب تسجيل أرقاما قياسية غير مسبوقة، ويخضع أداء البيتكوين لتقلبات حادة وسط مشهد نقدي مضطرب، تُسلّط الأضواء مجددا على الفضة كمعدن استثماري يتقدّم بثبات نحو واجهة الخيارات المالية العالمية.
اللافت أن التحوّل الأبرز جاء من روبرت كيوساكي، مؤلف كتاب "الأب الغني الأب الفقير"، الذي أعاد ترتيب أولوياته الاستثمارية واضعا الفضة في صدارة اهتماماته، بدلا من الذهب أو البيتكوين، مستندا إلى ثلاثة عوامل رئيسية: ارتفاع الطلب الصناعي، تراجع المعروض، وسعرها المتدنّي مقارنة بقيمتها المحتملة.
وفي منشور حديث، وصف كيوساكي الانهيار الجاري في سوق الأسهم بأنه "أكبر انهيار في التاريخ"، معتبرا أن الاقتصاد الأميركي دخل في حالة ركود، وقد يتجه نحو كساد فعلي. وحذّر من أن جيل "البايبي بومرز" لم يعد يملك الوقت لتعويض الخسائر، داعيا إلى الابتعاد عن الأصول الورقية التقليدية، والتركيز بدلا منها على ما وصفه بـ"الأموال الحقيقية": الذهب، والفضة، والبيتكوين.
تقارير متتالية من بلومبرغ وcoinfomania دعمت هذه المقاربة، مشيرة إلى أن الطلب العالمي على الفضة بات يتجاوز الإنتاج السنوي، فيما يتوسع استخدامها في قطاعات محورية تشمل الطاقة الشمسية، السيارات الكهربائية، الإلكترونيات، والقطاع الصحي.
في المقابل، نقلت رويترز أن الذهب لامس 3167 دولارا للأونصة قبل أن يتراجع سريعا عقب إعلان مفاجئ لرسوم جمركية أميركية، في ظل ترقّب الأسواق لقرارات سياسية ومالية قد تؤثر على سعر الفائدة.
أما خبير الأسواق المالية نديم السبع، فقد شدّد في تصريح خاص لبلينكس على أهمية شراء الذهب بشكل منتظم على المدى الطويل، داعيا إلى توزيع شهري منظم بين الذهب والفضة بنسبة تصل إلى 15% من الدخل، وفق استراتيجية "متوسط كلفة الدولار" التي تحمي المستثمر من تقلّبات السوق.
وفي خضم هذه التحوّلات المتسارعة، يبرز سؤالان محوريان: هل تُقدِم الفضة على اختراق استثماري فعلي في 2025؟ وهل يعيد الذهب والبيتكوين صياغة دورهما في معادلة التحوّط والمخاطر؟
اعرف أكثر
رأى روبرت كيوساكي، مؤلف كتاب "الأب الغني الأب الفقير"، أن الفضة قد تكون أكثر قيمة من الذهب أو البيتكوين، مشيرا إلى أن الطلب عليها يتزايد لاستخدامها في الألواح الشمسية، السيارات الكهربائية، أجهزة الكمبيوتر، المنتجات الإلكترونية، أنظمة الأسلحة، الطب، وتنقية المياه.
وبحسب كيوساكي، فإن "إمدادات الذهب والبيتكوين لا تنخفض، أما الفضة فإمداداتها في تراجع".
وأضاف أن "الفضة هي الأرخص مقارنة بالذهب والبيتكوين"، لافتا إلى أن "سعرها اليوم أقل بـ60٪ من أعلى مستوى تاريخي لها".
وفي تقرير نشره موقع coinfomania، عزا كيوساكي تحوّله إلى الفضة إلى ارتفاع الطلب الصناعي عليها، خاصة في الطاقة الشمسية، المركبات الكهربائية، الإلكترونيات، والقطاع الطبي، مؤكدا أن هذه العوامل "تشكّل أساسا قويا للطلب على الفضة على المدى الطويل".
وأشار إلى أن سعر الفضة الحالي يبلغ 32.41 دولارا للأونصة، وهو أقل بكثير من أعلى مستوى تاريخي بلغ 49.45 دولارا، ما يشير إلى أنها "مقوّمة بأقل من قيمتها".
وقد توقّع أن يصل سعرها إلى 70 دولارا للأونصة بحلول عام 2025.
في منشور له على منصة إكس، قال كيوساكي إن "الذهب تجاوز لتوّه أعلى مستوى تاريخي له عند 3115 دولارا للأونصة".
وفي تقرير لوكالة رويترز، انخفضت أسعار الذهب في المعاملات الفورية الجمعة 0.9% إلى 3086.32 دولارا للأوقية، بعدما لامس في الجلسة السابقة ارتفاعا قياسيا عند 3167.57 دولارا، قبل أن يهبط بأكثر من 2% بفعل موجة بيع واسعة لجني الأرباح عقب إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن رسوم جمركية جديدة.
وأشارت رويترز إلى أن الذهب لا يزال يُعتبر أداة تحوّط في أوقات الغموض الجيوسياسي وارتفاع التضخم، لكن "أسعار الفائدة المرتفعة تقلل جاذبيته".
أما عن البيتكوين، فإن كيوساكي لم يتخلَّ عنها، بل أعاد ترتيب أولوياته، واضعا الفضة في المقدمة مؤقتا.
تقرير بلومبرغ وصف الفضة بأنها "أقرب إلى صفقة تداول قصيرة أو متوسطة الأجل" بسبب تقلباتها العالية، مضيفا أن "من لا يؤمن بانهيار العملات الورقية أو تضخّم مفرط، عليه وضع خطة للخروج قبل الدخول".
وأشار التقرير إلى أن الفضة تميل إلى تتبع ما يفعله الذهب، لكنها قد ترتفع بسرعة في حال تسارع الطلب الصناعي أو استمرار الاتجاه الصاعد للذهب.
واستنادا إلى نسبة الذهب إلى الفضة، ذكرت بلومبرغ أن أونصة واحدة من الذهب تساوي نحو 88 أونصة من الفضة، في حين أن المتوسط على مدى 30 عاما هو نحو 67، ما يجعل الفضة "رخيصة نسبيا".
كيوساكي دعا إلى اعتماد استراتيجية استثمار متنوّعة تشمل "الفضة، الذهب، العقارات، البيتكوين، والمشاريع الخاصة"، معتبرا أن تنويع المحفظة يساعد على توزيع المخاطر وتوفير مصادر دخل متعددة.
وفي منشور آخر، حذّر كيوساكي من أن "الانهيار الكبير في سوق الأسهم قد بدأ"، مؤكدا أن الولايات المتحدة "دخلت في ركود، وقد تكون في بداية كساد". واعتبر أن جيل البايبي بومرز "لم يعد يملك رفاهية الاستثمار طويل الأجل"، مشددا على أهمية التوجّه نحو أصول حقيقية خارج النظام المالي التقليدي مثل الذهب والفضة والبيتكوين، وذلك قبل أن "تقوم الحكومة بطباعة تريليونات إضافية من الأموال الورقية المزيّفة، ما يزيد من وتيرة التضخّم".
وفي مداخلة خاصة مع بلينكس، أكد خبير الأسواق المالية، نديم السبع، أن "أفضل وقت لشراء الذهب هو كل يوم"، بشرط أن يتم ذلك "بشكل منتظم" ومن خلال تخصيص نسبة من الدخل الشهري تتراوح بين 5% و15% للاستثمار في المعادن الثمينة، مقسّمة بين الذهب والفضة.
وقال السبع إن "تراكم الذهب والفضة بشكل منتظم يقلّل من أثر تقلبات السوق"، مشيرا إلى أن بعض "الفرص الذهبية" تأتي في لحظات انهيار الأسواق، لكنه شدد على أن الشراء يجب أن يتم عبر ما يعرف باستراتيجية متوسط كلفة الدولار Dollar-Cost Averaging – DCA.
كما ختم بالقول إن "أسعار الذهب بعد 5 سنوات ستكون أعلى بكثير من مستواها الحالي".