مصدر عسكري لبناني لبلينكس: إجراءات قاسية لضبط المطار
في قلب الجدل السياسي والأمني الذي يعصف بلبنان، يعود مطار بيروت الدولي إلى الواجهة، ليس كمرفق حيوي يربط البلاد بالعالم الخارجي فحسب، بل كمحور تتقاطع فيه الأسئلة حول استعادة هيبة الدولة من جهة، واتهامات بوجود حملات إدارية ذات أبعاد سياسية من جهة أخرى.
فبينما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن الحكومة اللبنانية الجديدة، بدعم من الولايات المتحدة، تعمل على تفكيك قبضة حزب الله على المطار، أكّد مصدر حكومي لبناني في حديث خاص لبلينكس أن الإقالات الإدارية الأخيرة لا تمت بصلة للحزب، بل تأتي في إطار ضبط الفوضى وتحسين الخدمات.
المفارقة أن هذه الروايتين المتقابلتين تطرحان إشكالية مركزية: هل ما يحصل في مطار بيروت هو تحوّل فعلي نحو تعزيز سلطة الدولة؟ أم أن العملية محصورة بإصلاح إداري تضخّم إعلاميًا لأهداف سياسية أو إقليمية؟
وبين المراقبة المشددة، وضبط التهريب، والحديث عن مشروع مطار بديل في الشمال، تتقاطع الروايات الرسمية والإعلامية، لتكشف عن مشهد أكثر تعقيدًا مما يبدو للوهلة الأولى.
مصادر رسمية لبنانية تنفي لبلينكس استهداف حزب الله بالإقالات
في حديث خاص لبلينكس، نفى مصدر حكومي لبناني أن تكون التغييرات الإدارية في مطار بيروت، وعلى رأسها الإقالات التي طالت بعض الموظفين، مرتبطة بأي دور لحزب الله.
وأوضح أن هؤلاء الأشخاص لا يتبعون لفئة سياسية واحدة، بل ينتمون إلى مختلف الأطياف الحزبية.
وأشار المصدر إلى أن وزير الأشغال العامة والنقل، المسؤول المباشر عن المطار، رصد في وقت سابق وجود تقصير إداري وخدمي واضح، لاسيما في النظافة داخل المرافق، والحمامات بشكل خاص، إضافة إلى شكاوى متكررة بشأن أداء بعض العاملين.
وأكد أن التغييرات تهدف إلى ضبط الفوضى القائمة وتحسين صورة المطار أمام الزوار القادمين من الخارج، في ظل شكاوى مزمنة من الفوضى وسوء الإدارة، مشيرًا إلى أن التراخي في الإدارة جعل بعض الموظفين يتأقلمون مع بيئة غير منظمة.
من مكافحة الفوضى إلى ضبط التهريب.. ماذا يجري داخل مطار بيروت؟
وفق ما أفاد به مصدر عسكري لبناني لبلينكس، فإن السلطات اللبنانية المختصة تتخذ "إجراءات قاسية جداً" وكثيرة لضبط أمن المطار.
ويأتي ذلك في سياق إجراءات أعلنت عنها الحكومة اللبنانية الجديدة بدعم أميركي، كما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال، وشملت إبعاد عشرات الموظفين المشتبه بارتباطهم بحزب الله، توقيف مهربين، وتعليق الرحلات القادمة من إيران منذ فبراير، إلى جانب بدء تركيب تقنيات مراقبة جديدة تعتمد الذكاء الاصطناعي.
وفيما تحدث تقرير وول ستريت عن إحباط محاولة تهريب أكثر من 50 رطلاً من الذهب لصالح حزب الله، أوضح المصدر الحكومي اللبناني لبلينكس أن القضية تتعلق بشخص كان يحمل كمية كبيرة من الذهب من دون أن يصرّح عنها للجمارك، فتم حجز الذهب ودفع الغرامات القانونية، نافياً وجود أي دلائل على ارتباط الحادثة بأي جهة سياسية أو أمنية.
مطار القليعات والدعم الأميركي.. من يرسم مستقبل المعابر اللبنانية؟
في موازاة الحديث عن تعزيز الدولة لسيطرتها على مطار بيروت، يروّج رئيس الحكومة نواف سلام لافتتاح مطار ثانٍ شمالي البلاد، في منطقة تقع خارج نفوذ حزب الله، كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال.
لكن المصدر الحكومي اللبناني أوضح لبلينكس أن مشروع مطار القليعات لا يزال في مرحلة الدراسة الأولية، وهو يُطرح ضمن رؤية تنموية لتفعيل المطار القديم في الشمال، ولا يمكن اعتباره بديلًا لمطار بيروت نظراً لبُعده الجغرافي عن العاصمة، بل هو مكمّل ضمن سياسة التنمية المتوازنة.
في سياق متصل، يرى مسؤولون أميركيون، وفق ما نقلت الصحيفة، أن ما يحصل في مطار بيروت يمثل فرصة لتعزيز سلطة الدولة المركزية، خاصة مع تراجع قوة حزب الله وتصاعد المعارضة الشعبية له، مؤكدين أنهم متفائلون بحذر تجاه ما تحقّق خلال الأشهر الستة الماضية.