في نهاية أسبوع حافل بالتوترات والبيانات الاقتصادية المتضاربة، وجد العالم نفسه أمام مواجهة جمركية جديدة بين الولايات المتحدة والصين، تلامس جوهر العولمة وتعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي.
تداولات الأسواق، تصريحات ترامب، ردود بكين، حركة المعادن، تغيرات مسارات التوريد، كلّها فصول في هذا المشهد المترنّح.
في منشور صادم على منصته "تروث سوشال"، كتب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب: "رسوم 80% على الصين تبدو مناسبة! القرار بيد سكوت"، مشيرًا إلى وزير الخزانة سكوت بيسنت. وفي منشور آخر، حثّ الصين على فتح أسواقها، قائلاً: "الأسواق المغلقة لم تعد تنجح!!!".
تتجه الأنظار إلى جنيف حيث من المقرر أن يلتقي بيسنت وممثل التجارة الأميركي جيميسون غرير، بنائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ، في أول محادثات علنية منذ تصاعد الحرب التجارية.
وعلى وقع هذه اللقاءات، يترقّب العالم نتائج قد تعيد تشكيل مستقبل الاقتصاد الدولي.
اعرف أكثر
في تصريحاته الأخيرة، لوّح ترامب بإمكانية اعتماد رسوم جمركية بنسبة 80% على الواردات الصينية، في خطوة اعتُبرت تراجعًا عن النسبة الحالية البالغة 145%، لكنها لا تزال بعيدة عن النسبة الأساسية المعتمدة في الاتفاق الأميركي- البريطاني التي بلغت 10%، بحسب سي إن بي سي.
ولم يتضح بعد ما إذا كان ترامب يهدف إلى تثبيت هذه النسبة كإجراء دائم أو يستخدمها كورقة تفاوضية، خاصة في ظل عدم توقّع التوصّل إلى اتفاق شامل خلال اجتماع جنيف، بحسب ممثل التجارة الأميركي جيميسون غرير.
كما أشار تقرير بلومبرغ إلى أن الصين ردت سابقًا برفع الرسوم على السلع الأميركية إلى 125%، مما يشير إلى استمرار حالة الجمود الجمركي.
تأثرت الصين مباشرة بالرسوم المفروضة، حيث أظهرت بيانات الإدارة العامة للجمارك تراجع الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 21% في أبريل، وفق وول ستريت جورنال، مقابل ارتفاع كبير نحو آسيان (21%) وأفريقيا (25%) وأميركا اللاتينية (17٪).
شركات صينية بدأت تنقل مصانعها إلى فيتنام مثل Dongguan City Jiaheng Toys وSanmei Group، فيما شحنات الصين إلى دول مثل تايلاند وفيتنام تشهد ارتفاعًا متسارعًا، بحسب ما أفادت به نيويورك تايمز.
مع تصاعد التوترات، ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 1% ليبلغ 3332.88 دولارا للأوقية، في حين تراجع الدولار بنسبة 0.3%، وفق رويترز.
المستثمرون اتجهوا إلى الذهب كملاذ آمن، خاصة بعد أن وصفت الأسواق تصريحات ترامب حول الرسوم بـ"المفاجئة"، ما أدى إلى تقلبات مؤقتة، بحسب موجز الأسواق من بلومبرغ.
من جهته، حذّر بنك الاحتياطي الفيدرالي من ارتفاع محتمل في معدلات التضخم والبطالة، وأبقى أسعار الفائدة ثابتة، بينما أشار تقرير بلومبرغ إلى أن أحد مؤشرات الأسهم دخل مرحلة تُعرف تاريخيًا بأنها تنذر بعوائد ضعيفة.
على خطّ التفاوض، يُتوقع أن تعرض الصين تعزيز جهود مكافحة تهريب الفنتانيل مقابل إعفاءات جمركية، وفق تقرير سي إن بي سي.
في المقابل، تعمل بكين على تشديد سيطرتها على صادرات المعادن الاستراتيجية، مثل الغاليوم والجرمانيوم والعناصر الأرضية النادرة، وقد أطلقت حملة خاصة لمكافحة تهريبها.
ووفق ستيفن أولسون، زميل معهد دراسات جنوب شرق آسيا، فإن تقييد وصول أميركا إلى هذه المعادن الحيوية يُعد أقوى أوراق الضغط الصينية.
كما أشارت بلومبرغ إلى أن من بين أهداف واشنطن إزالة القيود على تصدير العناصر المستخدمة في تصنيع المغناطيسات، في حين ترى الصين أن حيازتها لما يقارب 800 مليار دولار من سندات الخزينة الأميركية تمثل ورقة ضغط إضافية رغم أخطار استخدامها.