فيلادلفيا ونتساريم.. لماذا تصر عليهما إسرائيل وحماس؟

محور صلاح الدين ( ممر فيلادلفيا): عبارة عن شريط ضيق، يبلغ عرض بعض أجزائه نحو 100 متر، ويبلغ طوله 14 كيلومترا.

ويشمل المحور معبر رفح، الذي كان حتى مايو الماضي منفذ غزة الوحيد إلى العالم الخارجي، غير الخاضع لسيطرة إسرائيل.

وتقول إسرائيل إن حماس استخدمت شبكة واسعة من الأنفاق تحت الحدود لإدخال الأسلحة، ما سمح لها ببناء الآلة العسكرية التي مكّنتها من شن هجوم 7 أكتوبر، الذي أدى إلى اندلاع الحرب.

ويرى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن السيطرة على المنطقة الحدودية مع مصر ضرورية لمنع حماس من تجديد ترسانتها من الأسلحة من خلال أنفاق التهريب.

ويشير مصدر مطلع لـ"بلينكس" إلى أن نتنياهو وعد الكثيرين باستمرار الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى، وأنه يبدي تعنتا شديدا في مسألة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، خاصة محور فيلادلفيا الذي يصر على بقائه تحت سيطرة الجيش، بالإضافة إلى معبر نتساريم.

ويزعم الجيش الإسرائيلي أنه عثر على عشرات الأنفاق ودمّرها منذ سيطرته على المحور في مايو.

من جانبها، ترفض مصر هذه الاتهامات، إذ تقول إنها دمّرت مئات الأنفاق على جانبها من الحدود قبل سنوات، وأنشأت منطقة عسكرية عازلة خاصة بها لمنع التهريب.

المحور الأوسط (ممر نتساريم): يبلغ طوله نحو 6 كيلومترات من الحدود الإسرائيلية إلى الساحل جنوب مدينة غزة مباشرة، وبذلك يفصل أكبر منطقة حضرية في القطاع وباقي الشمال عن جنوبه.

وترى حماس أن أي وجود إسرائيلي دائم في غزة سيكون بمثابة احتلال عسكري.

ويبدو تمسك إسرائيل بمحوري فيلادلفيا ونتساريم، مرتبطا بفكرة المرحلة الثالثة من الحرب، بعد أن أعلن مسؤولوها انتهاء العمليات القتالية في غزة.

وكانت المرحلتان الأولى والثانية شملتا تنفيذ عملية عسكرية واسعة، ثم الاستمرار في القتال بكثافة أقل، لتدمير الفصائل الفلسطينية وتفكيك الهيكل العسكري لها.

وفق بيانات إسرائيلية سابقة، فإن المرحلة الثالثة في حرب غزة عبارة عن "إنشاء نظام أمني جديد في القطاع"، ومن ناحية إجرائية، يعني ذلك انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا من غزة، مع خلق منطقة أو مناطق عازلة في القطاع، بحسب ما يشير رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الدكتور سيد غنيم، في مقالٍ له على الموقع الرسمي للمعهد في يناير 2024.

ويتوقع غنيم، في تصريحات لـ"بلينكس"، تركيز إسرائيل على وسط وجنوب القطاع، مع استمرار السيطرة على طريق صلاح الدين الواصل بين شمال القطاع وجنوبه، وذلك لتنفيذ خطتها بفرض السيطرة العسكرية.

ويشير إلى أن ذلك يأتي مع احتمالية تركيز إسرائيل على إنشاء منطقة عازلة عند "ممر فيلادلفيا"، المتاخم للحدود المصرية.

ويعدّد غنيم المكاسب الأمنية التي تبحث عنها إسرائيل من وراء ذلك، من بينها حصار الفصائل الفلسطينية وعدم إعطائها الفرصة لالتقاط أنفاسها واستعادة كفاءة قواتها، فضلا عن عزلها عن أي منافذ خارجية برا تجاه مصر وبحرا، وبما يضمن تماما عدم وصول أي مساعدات لها.

كما أن الوجود الإسرائيلي في المحورين يضمن عزل الفصائل الفلسطينية عن أي اتصال مع إيران، كجزء مما تطلق عليه طهران "محور المقاومة"، بحسب غنيم.

تتطلب سيطرة إسرائيل على أي من المحورين إغلاق الطرق والأسوار وأبراج الحراسة، وغيرها من المنشآت العسكرية.

وتعتبر نقاط التفتيش من أبرز مظاهر الحكم العسكري الإسرائيلي بالضفة الغربية، وفي قطاع غزة قبل انسحاب إسرائيل منه عام 2005.

تقول إسرائيل إن نقاط التفتيش هذه ضرورية للأمن، لكنّ الفلسطينيين يعتبرونها انتهاكا مهينا لحياتهم اليومية. كما ينظر إليها العديد من الفلسطينيين على أنها مقدِّمة لاحتلال عسكري دائم وعودة المستوطنات اليهودية، وهو ما دعا إليه علنا شركاء نتنياهو اليمينيون المتطرفون في الائتلاف.

وتطالب حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع كله، وتتهم نتنياهو بوضع شروط جديدة من أجل إفساد المفاوضات.

أما مصر فتقول إن العمليات الإسرائيلية على طول الحدود تنتهك معاهدة سلام عام 1979 بين البلدين، ورفضت فتح الجانب الخاص بها من معبر رفح حتى تعيد إسرائيل جانب غزة إلى السيطرة الفلسطينية.