"تسجيلات 85" تكذّب 4 روايات عاشت عليها إسرائيل

مَن الذي بادر بطلب السلام بعد حرب 1973؟ تسجيلات بيغن أشارت إلى أنه من بادر بطلب السلام من مصر ومحاولة التودد لها.

ويروي الرئيس التنفيذي لمركز تراث بيغن، هرتزل ماكوف، أن رئيس وزراء إسرائيل حينها أرسل إلى السادات رسائل عبر إيران، التي كانت على علاقات طيبة مع إسرائيل في ذلك الوقت.

وتودد أيضا للقاهرة عبر رومانيا التي نقلت للرئيس المصري رغبة بيغن في السلام.

الدبلوماسي، يوسي بيلين، الذي عمل مديرا عاما لوزارة الخارجية الإسرائيلية، زعم في عام 2018، أن رئيس الوزراء بيغن عرض في كامب ديفيد على الرئيس المصري أنور السادات، أن تحصل مصر على غزة وتضمها لها، مقابل ضم إسرائيل لبلدة ياميت في سيناء.

وأضاف بيلين، الذي عمل بصفته رأس حربة مفاوضات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، أن السادات رد بضحكة رنانة قال "هل تعتقد أنني غبي؟ يمكنك الاحتفاظ بهذا المكان الملعون لنفسك".

لكن تسجيلات بيغن تكشف عكس ذلك تماما، إذ يشير رئيس الوزراء الليكودي السابق إلى أن الوفد المصري طلب استعادة قطاع غزة، وأنه من عارض ذلك.

وحاول بيغن تعطيل أي فرصة للفلسطينيين في الحصول على أي شيء في كامب ديفيد، عبر إصراره أن أي وفد فلسطيني يجب ألا يكون لهم أي صلة بمنظمة التحرير الفلسطينية من قريب أو بعيد.

في التسجيل، سُئل بيغن عن الفلسطينيين الذين كان يمكن أن يتم ضمهم للوفد في المحادثات بشأن الحكم الذاتي التي كان من المفترض أن تتم بعد كامب ديفيد. وقال له مستشاره باتير "كيف يمكن إثبات أنهم ليسوا أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية؟".

ورد بيغن: "لقد قلت هذا قبل فترة طويلة من كامب ديفيد.. إذا كان عليهم الحصول على موافقة منظمة التحرير الفلسطينية، فهذا يعني أنهم من أفرادها".

كشفت تسجيلات بيغن أن الرئيس الأميركي السابق، جيمي كارتر، كان معارضا، في أثناء وجوده بالبيت الأبيض، لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وأن اتفاق كامب ديفيد احتوى فقط على "حكم ذاتي" للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

بيغن قال في أحد التسجيلات: "كان كارتر ضد الدولة الفلسطينية، وقد أخبرنا بذلك صراحة في مناسبات مختلفة"، في إشارة إلى المناقشات التي دارت حول اتفاقيات كامب ديفيد.

الإدارة الأميركية زعمت أيضا أن بيغن أبدى التزاما في أعقاب كامب ديفيد، بتجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، لكن في التسجيلات المنشورة في "يديعوت"، ينفي بيغن ذلك، ويقول "لم يتم تقديم مثل هذا الطلب الصريح أبدا".

ومن المعروف أن كارتر كان من أبرز المدافعين الشرسين عن القضية الفلسطينية بعد تركه البيت الأبيض، ومن بين المؤيدين لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

كارتر ألّف كتابا بعنوان "فلسطين السلام بدلا من الفصل العنصري" في عام 2006، واتهم فيه إسرائيل بممارسة جريمة "الأبارتاهيد"، وهي التهمة التي كررتها منظمات حقوقية دولية ضد إسرائيل، بعد نحو 14 عاما في 2020.

وكان كارتر أحد مراقبي انتخابات البرلمان الفلسطيني عام 2006، وشهد بنزاهتها واستقلالية وسلامة العملية الانتخابية.

كما كسر العرف الأميركي السائد بمقاطعة حركة حماس وعزلها، بعدما اجتمع مع قادتها عام 2008، للتعبير عن تأييد العملية الفلسطينية الديمقراطية.

في المحادثة الثانية من عام 1989، يثير باتير قضية علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة، ويتساءل عن كيفية التعامل مع الخلافات العميقة، فأجابه بيغن: "لا، لا. لقد تم الاتفاق منذ فترة طويلة على أن بين الأصدقاء توجد أيضا اختلافات في الرأي، والصداقة مستمرة، وهذا هو الحال بالفعل. لقد ثبت ذلك على مر السنين".

وأضاف "كانت لدينا اختلافات في الرأي، على سبيل المثال، في توريد الأسلحة إلى بعض الدول، ما يعرّض إسرائيل وأمنها للخطر. في بعض الأحيان، كانوا يفكرون في هذا الموقف، وأحيانا لم يفعلوا ذلك. لم يؤثروا على الصداقة الأساسية بين البلدين".

وأضاف هرتزل ماكوف، الرئيس التنفيذي لمركز تراث بيغن، أنه "بعد زيارة أنور السادات للقدس، اتصل بيغن ليشكر كارتر، على الرغم من أن الزيارة تمت دون أي مساعدة أميركية".

وأضاف ماكوف "لقد سأله صديق يهودي أميركي، جمهوري عارض كارتر الديمقراطي، عن سبب إغداقه عليه بهذه المجاملات، ليجيبه بيغن: إن الإطراء لا يكلف مالا، وسوف نحتاج إلى الأميركيين في المستقبل القريب".

بيغن كان من أبرز المتطرفين بشدة في الحركة الصهيونية، وكان أحد الإرهابيين المطلوبين لحكومة الانتداب البريطاني في فلسطين عام 1939.

ولشدة مواقفه، تبرّأ البروفيسور اليهودي الألماني-الأميركي الشهير، ألبرت آينشتاين، منه ومن حزبه هيروت في عام 1948، ووصفهم بـ"الفاشية والنازية"، في رسالة لصحيفة "نيويورك تايمز".

ويعد رئيس الوزراء الحالي، خليفة بيغن، الذي تزعم حزب "هيروت" أو الحرية الذي شكّل لاحقا حزب الليكود الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو.