عقود مفخخة.. مجندون سوريون بين الموت والسجن في كورسك

"ما حداش بيلم حدا جوه.. نحنا مش عارفين كيف بدنا نفك حالنا".. بهذا النداء يناشد أحد المقاتلين السوريين، وهو من مدينة السويداء في جنوب سوريا، ويقاتل إلى جانب روسيا في كورسك، أبناء مدينته عدم الانجرار لتوقيع عقود تجنيد روسية والقتال في كورسك.

الرسالة الصوتية للمقاتل، الذي لم يذكر اسمه، بثها حساب إخباري على فيسبوك ضمن مقطع فيديو يعرض صورا لجثث جنود روس على الجبهة في سيدوزا في كورسك، التقطها مقاتلون سوريون هناك.

يقول المقاتل السوري إن روسيا تعرض رواتب عالية لتوقيع عقود التجنيد للقتال على جبهة كورسك، محذرا "هذه العقود بس مشان توقعوا وتفوتوا ومشان ما حدا يطالب فيكن بس تموتوا جوا.. سعرك بسعر المرتزقة.. وهذه العقود تتجدد بشكل تلقائي".

وأضاف "زادوا الراتب بعقود الـ6 شهور وهنا عارفين إنو مش رح يدفعوا شي، لأن ما رح يبقى حدا عايش.. مارح تحصل عشي رح تموت جوا".

يقول مقاتل سوري آخر إن احتمال الموت على الجبهة في كورسك 99%، واصفا الوضع هناك بـ"أسوأ مما تتخيل"، مضيفا "الشباب مش قادرين يوصلوا على منطقة أمان من التعب والإرهاق. نفسيا وجسديا مرهقين. مش قادرين يعملوا شي. لا في أكل، لا في مي".

ويضيف: "أنا صارلي 12-13 كيلومترا عم أمشي لوصلت لنقطة أمان".

وكشف أنه ملزم بمواصلة القتال على خطوط الجبهة بضغط روسي، مشيرا "إذا ما فتت عندي 8 سنين حبس ومتهدد بالقتل. إذا ما بفوت بيقتلوني وبيعتبروني خاين".

وختم في رسالة لأهالي مدينته السورية السويداء "خليكن عند أهاليكن وعيالكن".

كشفت وسائل إعلام عديدة عن تجنيد روسيا مقاتلين أجانب للانضمام لحربها على أوكرانيا، بينهم سوريون.

ويشير تقييم أميركي إلى أن روسيا جندت في مارس مقاتلين من سوريا للاستفادة من مهاراتهم القتالية في المناطق الحضرية، بحسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن 4 مسؤولين أميركيين.

ويتحدث تقرير الصحيفة عن أن روسيا عرضت على متطوعين سوريين راتبا شهريا يتراوح بين 200 و300 دولار أميركي للسفر إلى أوكرانيا لمدة 6 أشهر.

لكن في الوقت نفسه، تفعل أوكرانيا الأمر نفسه، إذ نقلت الصحيفة عن الرئيس الأوكراني قوله في مارس، أن 16 ألف أجنبي تطوعوا للقتال في صفوف أوكرانيا.

وتجنيد روسيا للسوريين أمر أعلنته الاستخبارات الأوكرانية في فبراير، إذ نشرت قائمة بأسماء أكثر من 100 سوري جندتهم موسكو للقتال في صفوفها ضد أوكرانيا، بحسب موقع كييف إندبندنت.

وفي فبراير أيضا، قالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن روسيا دربت 1000 سوري قرب مدينة حلب السورية على القتال في مناطق حضرية.

وقالت الوزارة إنه بعد التدريب، يتم إرسال المقاتلين الأجانب إلى روسيا، ومنحهم جوازات سفر روسية، وتعبئتهم في الجيش الروسي.

شنت أوكرانيا هجوما على منطقة كورسك الروسية في السادس من أغسطس، وأعلنت كييف سيطرتها على أكثر من 90 تجمعا سكنيا ودشنت مكتب قيادة عسكرية.

ورغم أن التوغل في كورسك يشكل إحراجا لروسيا، أحرزت قوات موسكو تقدما طفيفا في الأشهر القليلة الماضية على حساب القوات الأوكرانية في منطقة دونيتسك الشرقية.

وتشهد كورسك معارك عنيفة، ويعد الهجوم الأوكراني عليها الأكبر ضد روسيا منذ شن الأخيرة حربها على أوكرانيا.

والأحد، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "تحدّثت مع قائد الجيش أولكسندر سيرسكي، وقد أحرزت قواتنا تقدما في منطقة كورسك. ما بين كيلومتر واحد وثلاثة كيلومترات. تمت السيطرة على بلدتين إضافيتين"، مشيرا إلى "عمليات لا تزال جارية" في بلدة أخرى.

ويتوعد زيلينسكي بردود انتقامية أخرى ضد روسيا ووقع قانونا، السبت، يحظر الكنيسة الأرثوذكسية المرتبطة بموسكو في أوكرانيا، فيما تحيي كييف ذكرى استقلالها عن الاتحاد السوفياتي مع دخول الحرب الروسية عامها الثالث.

ومنذ أيام، هددت موسكو بكارثة نووية في حال شن الجيش الأوكراني هجوما على محطة كورسك النووية الواقعة في المنطقة التي تشن فيها كييف هجوما منذ أسبوعين.

وذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء الجمعة، نقلا عن مصدر لم تذكر هويته، أن طائرة مسيرة أوكرانية حاولت مهاجمة محطة كورسك النووية الروسية في أثناء الليل.