عملية إسرائيل في الضفة.. ما خيارات الأردن أمام "التهجير"؟

رغم تصعيد اللهجة الرسمية الأردنية، فإن رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة خلال جلسة لمجلس الوزراء أكد أنّ الأردن ملتزم بـ"السلام كخيار استراتيجي بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة والناجزة على خطوط 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل كل القضايا الجوهرية والحفاظ على المصالح الأردنية العُليا فيها".

بالمقابل، يشير رئيس معهد دراسات الأمن، والخبير الاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة لبلينكس إلى أنّ الأردن يعتبر ما يحدث في الضفة الغربية خطرا حقيقيا واستحقاقا يطاله بشكل مباشر، وأن المملكة أدركت مبكرا أن استمرار الحرب في غزة سيقود إلى هذه النقطة.

وحول الأخطار التي تواجه الأردن، يحددها السبايلة بالقول:

1. الخطر الأول يتعلق في الديموغرافيا والناتج عن رغبة إسرائيل في تفكيك المخيمات، والانتقال إلى ضم الأراضي، وبالتالي خلق مشكلة إنسانية فلسطينية، ومن هنا فإن الأردن سيكون على تماس مباشر بهذا الواقع الجديد.
2. الخطر الثاني هو على المستوى الأمني وانعكاساته على الأردن بصورة مباشرة
3. الخطر الثالث يتمثل بالتحدي السياسي من خلال فرض أمر واقع إسرائيلي وإنهاء الأمل بإيجاد أي حلول ممكنة.

ومن هذه المخاطر لوح رئيس الوزراء الخصاونة بالقول: "موقفنا واضح وثابت برفض أيَّ إجراءات أو محاولات لتهجير الأشقاء الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة، وبأيِّ اتجاه، ونعتبر ذلك خطّاً أحمر".

وفي منشور على منصة "إكس" الأحد 1 سبتمبر، قال نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، إن كل ما تدعيه إسرائيل حول أسباب شن عدوانها على الضفة الغربية كذب، مؤكدا رفض ما يزعمه وزراؤها العنصريون المتطرفون الذين يختلقون الأخطار لتبرير قتلهم الفلسطينيين وتدمير مقدراتهم.

وطالب الصفدي" المجتمع الدولي أن يتحرك فورا لكبح العدوانية الإسرائيلية، وحماية الشعب الفلسطيني من الاحتلال وقتله وغطرسته، وتجنيب المنطقة تبعاته الكارثية".

يرتبط الأردن باتفاق مع إسرائيل في معاهدة العام 1994، ويستضيف الأردن أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، فضلاً عن مشاركة أطول حدود تربط الطرفين ببعضهما البعض.

ومنذ بداية الحرب على غزة، بدأ الأردن في خطوات دبلوماسية رافضة لما يجري، تمثلت باستدعاء السفير الأردني في إسرائيل إلى المملكة فورا، وإبلاغ وزارة الخارجية الإسرائيلية بعدم إعادة سفيرها.

وترى أستاذة العلوم السياسية دكتورة أريج جبر أن الأردن يعي أن "ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما الزلزال له ارتدادات ليس على الصعيد الفلسطيني فحسب، وإنما على الإقليم والأردن الأكثر تماسًا وصلة مع فلسطين".

تشير جبر في حديثها لبلينكس إلى أن "الأردن بحاجة لإجراء مراجعة عاجلة لاتفاقية السلام والغاز والمياه وأية قيود تحدد رد الأردن، وهذه مطالب أكد عليها البرلمان السابق، وذلك لأن نية إسرائيل واضحة وتتجه لتوسيع رقعة الحرب إقليميا، دون مراعاة لأي ضوابط وأطر قانونية أو اتفاقيات سلام".

تقول جبر، وهي متخصصة في الشأن الفلسطيني، إنه ومنذ اللحظات الأولى للحرب على غزة بدأت تتهافت تصريحات إسرائيليين على المستويين العسكري والسياسي بضرورة الحل المبني على عملية تهجير مزدوج جنوبًا من غزة باتجاه مصر، وآخر من الضفة الغربية باتجاه الأردن، وهذا ما أجاب عليه الأردن صراحة باللاءات الملكية الثلاث:

1. لا، لاعتبار الأردن وطن بديل.
2. لا، للتنازل عن الحق في الوصاية الهاشمية على المقدسات.
3. لا، لأية حلول تجهض حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وقيام الدولة الفلسطينية وفق حل الدولتين بموجب قرارات الشرعية الدولية.

في حين لفت رئيس الوزراء الخصاونة في تعليق له في جلسة في مجلس الوزراء على تهجير أهالي الضفة الغربية إلى الأردن، بالقول: "كل خياراتنا مفتوحة بما فيها اللجوء إلى القضاء الدولي والكثير من الوسائل المتاحة لنا بحق مثل هؤلاء الأفراد وبحق مثل هذا السلوك وهذا التصرف".

مع العلم أن التقديرات الرسمية تشير إلى أن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين يحملون جواز السفر الأردني برقم وطني أردني هم أكثر من 500 شخص، بينما عدد الحاصلين على جواز دون رقم وطني، فعددهم يزيد على 100 ألف شخص.

تتصدر القضية الفلسطينية سلم الأولويات في الأجندتين الرسمية والشعبية بالأردن، انطلاقاً من العلاقات المتجذرة التاريخية، والارتباط الديني الوجداني، وكذلك الدعم الواضح الذي يقدمه الأردن من بوابة الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.

يقول عضو مجلس النواب الأردني محمد داودية لبلينكس إن موقف الأردن واضح، فهو ضد مخطط تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة، وهذا الاحتمال في جوهره "يعد مساساً للأمن الوطني الأردني، ويعتبره الأردن بمثابة إعلان حرب".

ووفقا لداودية فإن عملية الضفة الغربية تأتي تلبية لضغط قوى التطرف والتوسع الدينية الإسرائيلية، التي تسيطر على إسرائيل اليوم، "من أجل التمكن من بناء المزيد والمزيد من المستوطنات".

في حين يرى داودية وهو وزير أسبق وعضو بمجلس الأعيان، أنّ الأردن في ظل ما يحدث بيده خيارات ردع متفاوتة الدرجة، منها مراجعة معاهدة السلام، ومنها خطوط الدفاع المتمثلة في الإطار العربي، ثم الإطار الإسلامي، ثم الأصدقاء الكثر في المجتمع الدولي.

هذا ما أكده الخبير الاستراتيجي السبايلة بالقول "الخيارات متعددة، لكن الولايات المتحدة تحتاج إلى اتخاذ موقف أكثر وضوحا عبر الضغط على إسرائيل، ولا يمكن أن يكون هنالك قنوات فاعلة بما يتعلق بالسلام والتنسيق الأمني في ظل ما يحدث".