ولادة تحت القصف.. مبادرات أهلية لمساعدة نازحي جنوب لبنان

من بلدة مجدل سلم في جنوب لبنان إلى بيروت، استغرقت رحلة نور ويزاني، 29 عاما، أكثر من 15 ساعة في وقت لا تستغرق فيه هذه الرحلة أكثر من ساعة ونصف الساعة. الطريق كانت مقفلة، بينما كان القصف مستمرا على جانبي الطريق.

تصف ويزاني المشهد بـ"المرعب"، مضيفة: "لا أستطيع اختصار المعاناة. بتنا في العراء ليلتنا، فيما المأوى الوحيد كان السيارة التي أمضينا فيها الليل. أثناء رحلتنا، كدنا نُقتل أكثر من مرة، خوفا من استهداف إسرائيل أرتال السيارات التي انتقلت من الجنوب إلى صيدا وبيروت بكثافة".

خلال رحلتها مع عائلتها، تكشف ويزاني لبلينكس أن مركبتها فرُغت من البنزين، فاضطرت لتوجيه نداءات عبر أصدقائها بهدف المساعدة. عندها، اتصلت بأحد الأشخاص الذين تبرعوا بنقل المادة إلى المواطنين، لكن المفارقة أن سعر صفيحة البنزين وهو 20 دولارا تقريبا، ارتفع إلى 30 دولارا بسبب أشخاص "استغلوا أزمة النزوح لمكاسب مالية"، كما تقول.

بدورها، تقول أمل صادق من بلدة النميرية جنوب لبنان إنها تعيش توترا كبيرا بسبب بقاء شقيقها ضمن المنطقة، بينما لم يستطع النزوح بفعل القصف والطرقات المقفلة طوال ساعات الإثنين.

تقول صادق تحدثت وهي تبكي: "أخاف أن يحصل شيئا على عائلتي. أتمنى ألا تطول الأزمة، فلنذهب إلى المفاوضات فورا. لا نريد الحرب".

على الطريق من صيدا إلى بيروت، كان المشهد مأساويا، فمن استطاع الوصول إلى منطقة الجية والدامور، يمكن القول إنه نجا بنفسه نوعا ما، بعدما بات بعيدا عن مناطق القصف القريبة من صيدا وتحديدا الغازية التي تعرضت لغارات عنيفة بينما كان النازحون في سياراتهم يشاهدون آثار القصف.

على الطريق، تمدد الناس، وباتوا ليلتهم في العراء على جانبي الطريق حتى تحول إلى ساحة مبيت بالنسبة لمَن فشل في العثور على مكان للمبيت.

تقول ملاك عطوي، 23 عاما، إنها نامت في السيارة مع عائلتها على طريق خلدة القريبة من بيروت، والسبب هو أنها لم تجِد أي مسكن يضمهم جميعا.

تشرح غنوي لبلينكس صعوبة الرحلة من بلدتها إلى الأوتوستراد التي قضت فيه ليلتها: "الرحلة كانت صعبة جدا من بلدتي عيتيت- جنوب لبنان، حيث كان القصف داميا، هربنا دون مياه أو طعام، اخترنا المكوث في منطقة خلدة ريثما نجد منزلا أو مدرسة تستقبلنا. ما عشته لا يتكرر ولن يتكرر".

ما حصل على الأوتوستراد بين صيدا وبيروت دفع بشبان من بلدات الجية، وبرجا، والناعمة، لتقديم المساعدة للنازحين، أيضا في صيدا، كان التحرك عاجلا لتوزيع المياه والطعام على الماكثين في سياراتهم.

محمد، 24 عاما، أحد الشبان الذين وزعوا المياه على النازحين على الأوتوستراد الساحلي، يصف ما شاهده بالقول: "المأساة كبيرة وما فعلناه هو واجبنا لا أكثر. الناس بحاجة للمساعدة ولا يمكننا أن نرى الأطفال مشردين في الشوارع من دون مياه أو بعض الطعام".

يضيف: "منازلنا وبيوتنا ومدارسنا فُتحت للنازحين. الوضع صعب لكننا نتكاتف ونتحمل معا لأن الحرب علينا جميعا وليست على سكان جنوب لبنان فقط".

من الأوتوستراد الساحلي إلى المناطق الداخلية في الجية وبرجا والدامور والناعمة وغيرها، كانت هناك حركة كثيفة لسكان تلك البلدات، وذلك لمساعدة النازحين على الوصول إلى المدارس أو إلى أي منزل تم تأمينه مسبقا.

خلال ساعات الإثنين، جرى توزيع أرقام لأشخاص يتكفلون بنقل المهجّرين عبر آليات معينة في حال واجهوا مصاعب في الوصول، وهذا ما حصل.

سيارات عديدة تم وضعها في خدمة النازحين من جنوب لبنان، في حين جرى تشكيل مجموعات من الشبان ضمن مناطق الجية وبرجا لمساعدة أي نازح يدخل المنطقة وإرشاده إلى نقطة آمنة يمكث فيها مع عائلته.