سكان جنوب لبنان يقطفون "زيتون النزوح"

في بلدة برجا في جبل لبنان، والتي تعرضت قبل نحو أسبوع لقصف إسرائيلي، تتربع السيدة دولت شحادي في حقل زيتون صغير بمحاذاة المنزل الذي نزحت إليه.

على مدى أيام، مكثت شحادي بين أشجار الزيتون لقطاف الموسم، كما أنها قررت الوصول إلى الأغصان المرتفعة بنفسها.

بين أوراق الزيتون والغصون الصغيرة، تحدثت شحادي، 45 عاما، قائلة لبلينكس إنها متمسكة بأرضها وحقل الزيتون الخاص بها في بلدة أنصارية الجنوبية، وتضيف "منذ نزوحنا خلال شهر سبتمبر الماضي، لم نستطع العودة إلى منزلنا، وتركنا موسم الزيتون كما هو".

وتابعت "اليوم، نحن نمكث في مكان النزوح ونساعد العائلة التي استضافتنا وجلسنا معها على مائدتها وتشاركنا معها تفاصيل كثيرة. ما إن علمت إن هناك قطافا للزيتون، حتى هرعت فورا وعرضت المساعدة لأن هذا الأمر يُذكرني بأرضي التي يحرسها الزيتون، ولهذا السبب أنا مطمئنة عليها وسنعود إلى هناك قريبا".

حوراء خريباني، 31 عاما، هي معلمة لمادة الرياضيات في منطقة النبطية بجنوب لبنان، لكنها نزحت إلى جبل لبنان منذ تصاعد العمليات العسكرية.

قلب حوراء بقي عند طلابها الذين يهاتفونها يوميا، فيطمئنون على حالها ويسألون متى ستعود إليهم لتعطيهم الدروس.

لا تجد السيدة، وهي أم لـ3 أطفال، أي سبيل للعودة إلى طلابها حاليا بسبب استمرار القصف، خاصة أن النبطية تعرضت لضربات جوية أدت إلى تدمير سوقها التجاري قبل يومين، ومبنى بلديتها يوم 16 أكتوبر.

حالة الحزن والضياع التي عاشتها حوراء دفعتها للجوء إلى انتفاضة من نوع آخر من أجل مواساة طلابها، فقررت أن تقطف الزيتون في مكان نزوحها وتوجه لهم رسالة من الحقل لتقول لهم: "الزيتون يؤكد لنا أننا متمسكون بأرضنا وسنعود إليها".

تقول خريباني لبلينكس إنها وقبل نزوحها، كانت تقطف الزيتون في منطقتها بجنوب لبنان، لكن الموسم ضاع بسبب الأحداث، وتضيف "من مكان نزوحي في برجا، اخترت أن أقطف الزيتون لكي أستذكر الأرض وأبلغت طلابي إن التمسك بالحق أساس، وأن زيتون أرضنا لن يموت طالما هناك أيادٍ تعمل على قطفه لكي يُزهر زيتون جديد لاحقا".

بلينكس حصلت من وزارة الزراعة اللبنانية على أرقام رسمية بشأن الخسائر التي طالت زراعة الزيتون في جنوب لبنان، وتبين أن هناك 60 ألف شجرة قد تضررت وذلك في 56 بلدة لبنانية حدودية.

وفق الأرقام، تقدر مساحة المساحات المزروعة بالزيتون في جنوب لبنان بأكثر من 18 ألف هكتار، ما يعطي انتاجا سنويا يتجاوز 23 ألف طن من الزيتون.

حسن ترحيني من جمعية الإنماء الوطني المعنية بالزراعة في جنوب لبنان، وهو أحد مزارعي الزيتون في منطقة عبا قال لبلينكس إن خسائر موسم الزيتون كبيرة جدا، مشيرا إلى أن الموسم لهذا العام قد انتهى، وأضاف "حتى لو عاد سكان الجنوب إلى مناطقهم للقطاف، فإن الزيتون لن يكون صالحا بسبب القنابل الفسفورية التي أثرت على الأرض والأشجار".

من ناحيته، يقول ذو الفقار ترحيني، وهو صاحب معصرة للزيتون في عبا إنه "مُني بخسائر كبيرة جراء توسع الحرب".

يقول ترحيني إنه دفع خلال الصيف الماضي، مبلغ 15 ألف دولار لصيانة معصرته الأثرية البالغة من العمر 90 عاما، لكن الأحداث الحالية جعلته يترك مكان عمله وينزح باتجاه مدينة صيدا.

ترحيني أوضح أن "المواسم تضررت، خاصة لدى المزارعين الذين يدفعون مبالغ طائلة للاهتمام بالزيتون"، مشيرا إلى أن تعويض الخسائر قد يحتاج إلى عامين بالحد الأدنى.