"إسرائيل تكذب".. تحقيق ينصر 3 مستشفيات "مشلولة" بغزة

لم تدّعِ القوات الإسرائيلية مطلقا وجود حماس في مستشفى العودة. وعندما سئل مكتب المتحدث العسكري عن المعلومات الاستخباراتية التي أدت إلى حصار المستشفى ومداهمته العام الماضي، لم يرد.

في الأسابيع الأخيرة، شُلّ المستشفى مرة أخرى، إذ تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات في مخيم جباليا للاجئين القريب وبالتالي لم تدخل أي إمدادات غذائية أو مياه أو مستلزمات طبية إلى مناطق شمال غزة.

يقول مدير المستشفى محمد صالحة الشهر الماضي إن المنشأة كانت محاطة بالقوات ولم تتمكن من إخلاء 6 مرضى بحالة حرجة. ويضيف أن الطاقم الطبي كان يأكل وجبة واحدة في اليوم، وهي مجرد قطعة خبز أو قليل من الأرز.

لا يوجد جراحو أوعية دموية أو جراحو أعصاب شمال مدينة غزة، لذلك غالبا ما يلجأ الأطباء إلى بتر الأطراف المحطمة بالشظايا لإنقاذ الأرواح.

ويقول صالحة "نحن نعيش كوابيس شهري نوفمبر وديسمبر من العام الماضي، ولكن أسوأ". "لدينا إمدادات أقل، وأطباء أقل، وأمل أقل في أن يتم فعل أي شيء لوقف هذا."

وتقول القوات الإسرائيلية، التي لم ترد على طلب للتعليق على مستشفى العودة، إنها تتخذ كل الاحتياطات الممكنة لمنع وقوع إصابات بين المدنيين.

يتذكر الدكتور محمد عبيد كيف هرب من القصف داخل مجمع المستشفى. ويقول مسؤولو المستشفى إن القناصة الإسرائيليين قتلوا ممرضة واثنين من عمال النظافة وأصابوا طبيبا جراحا.

بحلول 5 ديسمبر، كان المستشفى محاطًا. ولـ 18 يومًا، أصبح الخروج أو الدخول "حكمًا بالإعدام"، بحسب عبيد.

وروى الناجون ومسؤولو المستشفى ما لا يقل عن 4 حوادث قتلت فيها مسيرات إسرائيلية أو قناصة فلسطينيين أو أصيبوا وهم يحاولون الدخول. ويقول الموظفون إن امرأتين على وشك الولادة تعرضتا لإطلاق النار ونزفتا حتى الموت في الشارع.

في العام الماضي، كانت المعارك مستعرة حول مستشفى العودة عندما انفجرت قذيفة في غرفة العمليات في 21 نوفمبر. قتل الطبيب محمود أبو نجيلة وطبيبان آخران وعم المريض على الفور.

ووجد الموظفون رسالة كتبها أبو نجيلة على لوحة بيضاء في الأسابيع السابقة، تقول "من سيبقى حتى النهاية سيروي القصة. فعلنا ما بوسعنا. تذكرونا."

في 18 أكتوبر، أصابت المدفعية الإسرائيلية الطوابق العليا من مستشفى الإندونيسي، بحسب طاقم المستشفى، الذي كان أساسا محاصرا من قبل القوات الإسرائيلية، وكنتيجة مباشرة بقي الأطباء والمرضى داخله من دون ما يكفي من الطعام والماء والإمدادات.

وتوفي مريضان بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الإمدادات، بحسب مهند هادي، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية.

قبل الهجوم، زعم الجيش الإسرائيلي أن هناك مركز قيادة لحماس أسفل المستشفى، وهو الأكبر في شمال غزة، ونشر صورا فضائية "غير واضحة" لما قال إنه مدخل نفق في الفناء ومنصة إطلاق صواريخ قريبة، خارج مجمع المستشفى.

نفت المجموعة الإندونيسية التي تمول المستشفى أي وجود لحماس. ويؤكد مدير المستشفى من لجنة الإنقاذ الطبي الطارئ الإندونيسية عريف راشمان "إذا كان هناك نفق، كنا سنعرف. نحن نعرف هذا المبنى لأننا بنيناه (...)، طبقة بطبقة. هذا سخيف".

وبعد حصار ومداهمة المستشفى، لم يقدم الجيش الإسرائيلي أي دليل على وجود النفق المزعوم تحت الأرض أو مقر قيادة. ولم يرد مكتب المتحدث باسم الجيش عندما سُئل "إذا تم العثور على أي أنفاق".

يقول تامر الكرد، وهو ممرض في المستشفى، إن هناك نحو 44 مريضا وطبيبين فقط، مشيرا إلى أنه كان يعاني من الجفاف لدرجة أنه بدأ يهلوس. ويضيف برسالة صوتية "الناس يأتون إلي لإنقاذهم... لا أستطيع فعل ذلك بنفسي، مع طبيبين فقط... أنا متعب".

ونشر الجيش صورًا لمركبتين تم العثور عليهما في مجمع المستشفى.. شاحنة صغيرة مع سترات عسكرية وسيارة ملطخة بالدماء تعود لمختطف إسرائيلي، مما يشير إلى أنه تم نقله إلى المستشفى في 7 أكتوبر. وعلقت حماس بالقول إنها نقلت الرهائن الجرحى إلى المستشفيات للعلاج.

أربعة مسعفين يحترقون.. هكذا كان مشهد الطابق الثالث من مستشفى كمال عدوان يوم الخميس من الأسبوع الماضي عندما أصابت قذائف إسرائيلية الطابق الثالث، مشعلةً حريقًا دمر الإمدادات الطبية، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

أصابت المدفعية خزانات المياه وألحقت أضرارا بوحدة غسيل الكلى، مما أحرق 4 مسعفين بشكل شديد أثناء محاولتهم إخماد الحريق، بحسب مدير المستشفى حسام أبو صفية.

وفي 25 أكتوبر، اقتحمت القوات الإسرائيلية المستشفى بعد اشتباكات مع حماس في محيطه وصفها مسؤول عسكري إسرائيلي بـ"العنيفة".

استهدفت النيران الإسرائيلية خزانات الأكسجين في المستشفى بزعم أنها "يمكن أن تكون مفخخة"، وفق المسؤول.

انسحبت القوات الإسرائيلية بعد 3 أيام، وخلال هذه الفترة، قالت السلطات الصحية الفلسطينية إن جميع العاملين الطبيين تقريبا تم احتجازهم، وقتلت مسيرة طبيبا واحدا على الأقل بينما فقد طفلان حياتهما في العناية المركزة عندما توقفت المولدات عن العمل.

وبعد أيام قليلة، قتلت طائرة مسيرة ابن أبو صفية في جباليا.

قال الجيش الإسرائيلي إن قواته احتجزت 100 شخص، بعضهم "يتنكرون بزي طاقم طبي". ونشر صورا لبنادق وقاذفة RPG مع عدة قذائف قال إنه تم العثور عليها داخل المستشفى.

عند إطلاق سراح بعض الرجال بعد الاستجواب، أطلق الجنود النار عليهم وهم يحاولون العودة إلى المستشفى، مما أدى إلى إصابة 5، وفقًا لما قاله 3 منهم.

في وقت لاحق، زعم الجيش أن حماس استخدمت المستشفى كمركز قيادة لكنه لم يقدم أي دليل. وقال إنه عثر على أسلحة، لكنه عرض لقطات لمسدس واحد فقط.