"100 ألف جثة لأشخاص قتلتهم حكومة الرئيس السوري السابق بشار الأسد في موقع واحد في القطيفة التي تقع 40 كيلومترا شمال العاصمة دمشق"، هذا ما قاله معاذ مصطفى رئيس المنظمة السورية للطوارئ في مكالمة هاتفية لرويترز، لكن رويترز قالت إنها لم تتحقق من ادعاء معاذ.
تواصلت بلينكس مع معاذ الذي أكد أن العدد الذي ذكره لرويترز قد يكون "قليلا مع جمع الأدلة المستمر حتى اللحظة في موقع القطيفة ومواقع مقابر جماعية أخرى".
السفير الأميركي السابق للعدالة العالمية، والرئيس الحالي للجنة العدالة الدولية والمساءلة، والمدعي الدولي في محاكم الأمم المتحدة ستيفن راب وصل إلى دمشق لجمع الأدلة وكتابة التقارير، تواصلت بلينكس مع راب الذي أكد أنه أنهى زيارته للقطيفة، ويتجه لزيارة مواقع أخرى في سوريا.
خاص بلينكس - رئيس المنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى في موقع المقبرة الجماعية في القطيفة
من شمال العاصمة إلى جنوب سوريا، وتحديدا على طريق بلدة إزرع الرئيسي التابعة لمحافظة درعا، اكتشف مواطنون سوريون مقبرة جماعية في مزرعة يطلق عليها "مزرعة الكويتي" وانتشلوا 31 جثة حتى الآن.
الناشط السوري أيمن أبو نقطة الذي حضر إلى موقع المقبرة الجماعية أكد لبلينكس تواجد بقايا عظام بشرية في المزرعة، وأكد استمرارية البحث من قبل الأهالي والفرق الطبية المختصة عن جثث. وظهر مواطنون يبحثون عن جثث في المزرعة باستخدام جرافات كبيرة.
عمليات البحث من قبل الأهالي بهذه الطريقة قد "تدمر الأدلة التي تثبت تورط النظام السابق بارتكاب مجازر بحق مدنيين" حسبما يقول المحامي والخبير الجنائي مدحت ديبة لبلينكس.
رئيس المنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى يقول إنه يتواصل مع الحكومة السورية المؤقتة ومع خبراء دوليين، ساهمت منظمته في إحضارهم إلى دمشق، للحفاظ على الأدلة دون العبث بها.
يضيف معاذ لبلينكس إن الأدلة الجنائية لا تقتصر فقط على الجثث ومواقع المقابر الجماعية وإنما تحاول المنظمات المحلية بالتعاون مع الحكومة الجديدة أن تؤمن الأفرع الأمنية مثل فرع فلسطين الذي يقول معاذ إنه زاره ورأى آلاف الوثائق التي تثبت تورط النظام السابق بتعذيب مدنيين وقتلهم.
فما هي المواقع الذي يبحث فيها السوريون عن مقابر جماعية؟ وهل تؤثر عمليات البحث التي يقوم بها المدنيون على تدمير الأدلة؟ وما هي الطريقة المثلى للبحث عن هذه المقابر؟ وما هي الصعوبات التي تحول دون توثيق الجرائم؟
اعرف أكثر
معاذ مصطفى يقول إن منظمته تواصلت مع حفار القبور الذي عمل في مكتب الدفن في القطيفة التي يقول إن عدد المدفونين فيها أكثر من 100 ألف، وتواصلت مع سائق الجرافة الذي كان يحفر المقابر الكبيرة.
على حد قول معاذ فإن النظام السوري ما بين 2012 إلى 2018 كان يحضر أسبوعيا 4 شاحنات بالإضافة لسيارات بيك أب وبرادات بوظة تحمل 400 جثة تقريبا بالأسبوع واستمر ذلك على مدار هذه السنوات الست المذكورة.
تأكدت بلينكس من هوية الرجلين الذين عملا في مقبرة القطيفة وحصلت على صورة لهما وهما يغطيان وجهيهما حيث رفضا الإفصاح عن هويتهما لدواع أمنية. الرجلان أكدا ادعاء معاذ، الذي قالت رويترز إنها لم تتمكن من تأكيده.
خاص بلينكس - حفار القبور في القطيفة على اليمين، وسائق الجرافة على اليسار
يقول معاذ إن مواطنين سوريين عثروا على مقابر لم يتم دفن الجثث فيها بطريقة كاملة في إشارة إلى "محاولات النظام السابق دفن الجثث بأسرع وقت في الأيام الأخيرة قبل سقوطه". تعمل المنظمة السورية للطوارئ التي يرأسها معاذ والتي تقع في واشنطن على تأمين مواقع المقابر الجماعية مثل مقبرة القطيفة، والنجهة، والمليحة، وجسر بغداد.
يوضح معاذ إنه تواصل مع الحكومة السورية الجديدة وجرى تأمين هذه المواقع لضمان عدم العبث بالأدلة، لكنه يقول إن هناك مواقع أخرى يبحث فيها مدنيون سوريون عن جثث، وهذا قد يدمر الأدلة التي تدين النظام السابق.
الخبير الجنائي والمحامي مدحت ديبة يقول لبلينكس إن بحث المدنيين عن الجثث بالطرق التقليدية وباستخدام الجرافات "ليست الطريقة المثلى" لكنه يرى أن هؤلاء المدنيين "معذورون بسبب الفوضى الموجودة في سوريا حاليا".
مع وجود خبراء محليين على الأرض في سوريا يعتقد ديبة أن "هناك إمكانية كبرى للحد من هذا العمل العبثي الذي يتلف أو يشوش سير التحقيق الدولي الذي يبحث عن أدلة دامغة يجب أن تبقى على حالها".
بسبب صعوبة وصول الوفود الدولية إلى سوريا يرى ديبة أن المخولين بالبحث عن هذه المقابر هم "متخصصو الطب الشرعي والبحث الجنائي السوريين ويمكن الاستعانة بفرق الهلال أو الصليب الأحمر".
من ناحية قانونية "يعتبر بحث المدنيين عن المقابر عملا غير قانوني، ويجب أن يترك هذا الأمر لأصحاب الخبرة من أجل توثيق جميع الأدلة التي من شأنها من تأكيد الجرائم التي ارتكبها نظام بشار الأسد السابق". حسب ما قال ديبة.
في إزرع حيث وجد سوريون بـ"الصدفة" مقبرة جماعية في مزرعة الكويتي، تعمل الفرق المختصة على إبعاد المدنيين عن المنطقة وإفساح المجال للمختصين الجنائيين والطبيين المحليين للعمل في الموقع، حسب ما قال الناشط السوري أيمن أبو نقطة لبلينكس.
يوضح أبو نقطة أن مدير مستشفى إزرع وخبراء جنائيين موجودون في مكان المقبرة للحفاظ على الأدلة.
وأكد أبو نقطة أنهم انتشلوا 31 جثة حتى الآن تعود 4 منها لنساء، وجثث أخرى تعود لأطفال كبار السن. ونقلت بعض العينات من الجثث إلى العاصمة دمشق لتحديد هوية القتلى، حسب ما قال أبو نقطة بلينكس.
المدعي الدولي في محاكم الأمم المتحدة ستيفن راب الذي تواصلت معه بلينكس، هو الذي جمع الأدلة التي أدانت الرئيس تشارلز تايلور في ليبيريا مما أدى لحكمه بالسجن لمدة 50 عاما. وهو من حاكم كبار مرتكبي الإبادة الجماعية في رواندا حسب ما وصفهم.
ستيفن بعث رسالة إلى الحكومة الحالية في دمشق يطلب فيها "عقد اجتماع مع السلطات الانتقالية لتأمين ملايين الوثائق التي تدين النظام السابق ولتتبع آلاف المشتبه بهم للتحضير لمحاكمتهم".
حصلت بلينكس على نسخة من رسالة راب التي بعثها للحكومة الجديدة إبان سقوط النظام السابق، يوضح راب في الرسالة أنه سيصل دمشق في 16 ديسمبر. بعد تواصل بلينكس معه في 17 ديسمبر قال راب إنه وصل دمشق وزار أحد مواقع المقابر الجماعية وهو في طريقه لزيارة مواقع أخرى وجمع أدلة أكثر من الأرض.