تتجهُ الأنظار، اليوم الأحد، إلى جنوب لبنان وذلك بعد انتهاء مهلة انسحاب الجيش الإسرائيلي بموجب إتفاق وقف إطلاق النار مع "حزب الله"، لكن تل أبيب أبقت قواتها داخل لبنان وذلك بعدما اتّهمت الأخير بـ"المماطلة في تنفيذ تعهداته".
"اتفاق الهدنة" الذي تم بواسطة أميركية، دخل حيّز التنفيذ يوم 27 نوفمبر الماضي وقد أنهى نزاعا دمويا بين إسرائيل و "حزب الله" استمرّ لنحو 13 شهرا، بدءا من أكتوبر 2023.
وسندا للاتفاق، يتوجب على إسرائيل سحب قواتها خلال 60 يوما، أي بحلول 26 كانون الثاني، وأن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل).
كذلك، يتوجب على "حزب الله" الذي تلقى ضربات موجعة خلال الحرب وفقد العديد من قادته، سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع الى شمال نهر الليطاني الذي يبعد حوالى 30 كيلومترا من الحدود، وتفكيك أي بنى عسكرية متبقية في الجنوب.
المماطلة التي تتحدث عنها إسرائيل بررتها بالقول إن الجيش اللبناني لم ينتشر في جنوب لبنان كما يجب، وبالتالي فرض انسحاب "حزب الله" إلى ما وراء نهر الليطاني.
من جهته، حمّل الجيش اللبناني إسرائيل مسؤولية عدم استكمال انتشاره، وأقر بحصول "تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب من جانب العدو الإسرائيلي"، مؤكدا جاهزيته لاستكمال انتشاره "فور انسحاب" الأخير.
وبعد ساعات قليلة من انتهاء المهلة المحددة له، نشر الجيش الإسرائيلي على لسان متحدثه أفيخاي أدرعي، على عكس المتوقع، يحذر سكان جنوب لبنان من العودة إلى بيوتهم.
وحاول مواطنون الدُّخول إلى بلدات ميس الجبل، حولا، عيتا الشعب، وذلك وسط انتشار كثيف للجيش اللبناني الذي طلب منهم التريث وعدم تعريض حياتهم للخطر في ظل استمرار وجود الجيش الإسرائيلي في بلداتهم.
وأفاد مراسل "بلينكس" بأن مواطنين عبروا إلى مناطقهم سيرا على الأقدام بين بلدتي حولا وميس الجبل، وسجل تسجيل سقوط قتيل وحوالي ٢٠ جريحا، مع ساعات الصباح الأولى.
أمام كل ذلك، يبقى السؤال الأساسي.. ما هي السيناريوهات المطروحة ما بعد الـ60 يوما؟ ماذا سيحصل في جنوب لبنان وهل من إمكانية لاندلاع الحرب مجددا؟
اعرف أكثر
فعليا، هناك 3 سيناريوهات أساسية تطرح نفسها بعد انتهاء مهلة الـ60 يوما وهي:
اندلاع الحرب مجددا بين حزب الله وإسرائيل وبشكل موسع.
استمرار الهدنة وتعديل الإتفاق ريثما تنسحب إسرائيل نهائيا من لبنان.
حصول مناوشات جديدة محدودة بين حزب الله وإسرائيل للضغط باتجاه الأخيرة لسحب قواتها من لبنان.
بالنسبة للسيناريو الأول، فإن ما يتبين هو أن الضغط باتجاه عدم تجدد الحرب قائم وبقوة.
وهنا، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، الأطراف المعنية باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان إلى احترام التزاماتها "في أقرب وقت ممكن".
من ناحيتها، ذكرت وسائل إعلام محلية في لبنان أن القرار الإسرائيلي باستمرار وجود قواتها في الجنوب بعد المهلة المحددة ينذر بمخاطر كبيرة، لا سيما أن واشنطن راعي الاتفاق المذكور سارعت عبر إدارتها الجديدة إلى تبني موقف إسرائيل ومنحه فترة إضافية "قصيرة ومؤقتة" لإنجاز انسحابه من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة.
أما السيناريو الثاني المتعلق باستمرار الهدنة، فيقول الخبير العسكريّ اللبناني العميد جورج نادر لـبلينكس إن "إمكانية اندلاع حرب جديدة موسعة أمر غير وارد"، مشيرا إلى أن "حزب الله ليس بمقدوره القيام بهذا الأمر".
أما الخبير العسكري اللواء عبد الرحمن شحيتلي فقال لـبلينكس إنّ اتفاق وقف إطلاق النار "قطع حبل الحرب بين لبنان وإسرائيل"، مشيرا إلى أن لبنان "حقق انجازا دبلوماسيا في 27 نوفمبر الماضي وأوقف الحرب في منتصفها لأن إسرائيل كانت تريد استمرارها".
واعتبر شحيتلي أن الاتفاق الموقع "هو مؤقت وليس نهائيا"، مشيرا إلى أنه من اللازم الذهاب حتما نحو اتفاق جديد يضمن عدم المس بسيادة لبنان وأن يُلغي حرية الحركة التي مُنحت لإسرائيل ضد لبنان، وأضاف "في الأساس، فإن الاتفاق كان لإنهاء حالة الحرب لمدة 60 يوما وهو فترة اختبار، وبالتالي يجب الذهاب لتعديله".
على صعيد السيناريو الثالث المتعلق بتجدد مناوشات محدودة في جنوب لبنان، فإن هذا الأمر يرتبط بما قد يحصل ميدانيا في المناطق التي تحتلها إسرائيل.
خلال الساعات الماضية، تصاعدت الدعوات بين سكان جنوب لبنان للعودة إلى قراهم رغم وجود القوات الإسرائيلية، إلا أن الجيش اللبناني حذر من هذا الأمر، داعيا السكان للتريث.
وفجر الأحد، أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي تحذيرا للمواطنين في لبنان لعدم التوجه إلى العديد من القرى الحدودية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعرضهم للخطر.
وخلال نهار السبت، برزت نداءات من بلديات وجهات محلية في لبنان تطالب المواطنين بعدم العودة إلى بلداتهم، لكن "حزب الله" لم يتبنّ أو يعلن مثل هذه الدعوات.
ومع كل ذلك، بدأ مواطنون بالتجمهر عند مداخل العديد من القرى لاسيما ميس الجبل وكفركلا، وذلك وسط انتشار كثيف للجيش اللبناني الذي قطع الطرقات التي تؤدي إلى مناطق الخطر.
في المقابل، برز كلام آخر في أوساط مواطنين لبنانيين اعتبروا فيه أن العودة الآن "غير آمنة".
وهنا، تقول الشابة فاطمة مهدي من قضاء مرجعيون في جنوب لبنان لـبلينكس إنّ "العودة في الوقت الحاضر لن تكون سليمة طالما أن القوات الإسرائيلية ما زالت تحتل مناطق جنوبية"، مشيرة إلى أن "المخاطر غير مطلوبة في الوقت الراهن".
وأضافت "الجيش الإسرائيلي أطلق تحذيرات هي نفسها حصلت في 23 سبتمبر حينما توسعت الحرب.. حينها، قيل إن الأمر يندرج في إطار الحرب النفسية، لكن ما جرى هو أن القصف حصل حقا ونزح الجنوبيون. لهذا يجب عدم التهاون مع التحذيرات والتصرف بعشوائية".