شبان فقراء بلا قيادة مركزية.. هكذا تقاتل حماس بعد ضربة إيران
وسط انهيار هيكلها القيادي وتآكل قدرتها المركزية على التحكّم، باتت حماس تتحرك بأسلوب لا مركزي، حيث تنفّذ مجموعات منفصلة عمليات مباغتة تحت أوامر عامة بالصمود.
ومع ارتفاع أعداد القتلى وتدمير مئات الأنفاق، تتجه الحركة بشكل متسارع إلى تجنيد شبان فقراء، ومشرّدين، وعاطلين عن العمل لا تتجاوز أعمار كثيرين منهم العشرين، في محاولة لتعويض النزيف البشري.
يأتي ذلك في وقت قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يعتقد أن من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في القطاع خلال أسبوع.
وأضاف أنه كان يتحدث للتو مع بعض المعنيين بمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس في القطاع الفلسطيني.
ورغم الضغوط الإنسانية والخسائر، ترفض حماس الاستسلام، وتراهن على هدنة مؤقتة تحفظ لها وجودًا ميدانيًا وورقة تفاوض سياسي، وفق حصيلة مقابلات أجرتها رويترز مع مسؤولين.
وقالت 3 مصادر مقربة من حماس إن مقاتلي الحركة يعملون على نحو مستقل بموجب أوامر بالصمود لأطول فترة ممكنة، لكنها تجد صعوبة من أجل الحفاظ على سيطرتها على قطاع غزة.
وصرّح أحد المصادر أن حماس بحاجة ماسة إلى وقف القتال تحت وطأة الأزمة الإنسانية في غزة التي تزيد من الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار.
تحدثت رويترز إلى 16 مصدرا من بينهم أشخاص مقربون من حماس ومصادر أمنية إسرائيلية ودبلوماسيون رسموا صورة لحركة "أصابها الضعف الشديد وتحتفظ ببعض النفوذ والقدرة على تنفيذ العمليات العسكرية في غزة رغم الانتكاسات التي تعرضت لها، إلا أنها تواجه تحديات شديدة".
ولا تزال حماس قادرة على توجيه ضربات، فقد قتلت 7 جنود إسرائيليين في هجوم بجنوب غزة يوم الثلاثاء. لكن 3 دبلوماسيين قالوا لرويترز إن تقييم أجهزة المخابرات أظهر أنّها فقدت القيادة والسيطرة المركزية وتكتفي بهجمات محدودة ومباغتة.
وقدر مسؤول عسكري إسرائيلي أن إسرائيل قتلت 20 ألف مقاتل أو أكثر من حماس ودمّرت مئات الأميال من الأنفاق تحت القطاع الساحلي أو جعلتها غير صالحة للاستخدام. وتحوّل جزء كبير من غزة إلى ركام خلال الصراع الدائر منذ نحو 20 شهرا.
وقال مصدر أمني إسرائيلي لرويترز إن متوسط أعمار مقاتلي حماس "ينخفض يوما بعد يوم".
وتفيد مصادر أمنية إسرائيلية لرويترز بأنّ حماس تجنّد مئات الآلاف من الشبان الفقراء والعاطلين عن العمل والمشردين.
وقال عصام، 57 عاما، وهو عامل بناء، في مدينة غزة "هم لا يظهرون لأنّ الطائرات تقصفهم باستمرار لكن يوجدون أيضا هنا وهناك، ينظمون طوابير الناس أمام مخابز أو يقومون بحماية شاحنات المساعدات أو معاقبة اللصوص".
وأضاف "هم وضعهم مش مثل قبل الحرب لكنهم موجودون".
"حماس لا تزال ملتزمة بالمفاوضات"
وردا على طلب رويترز للتعليق، قال سامي أبو زهري القيادي في حماس إن الحركة تعمل من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب مع إسرائيل لكن "الاستسلام ليس خيارا".
وأضاف أن حماس لا تزال ملتزمة بالمفاوضات وأنها مستعدة لإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، لكنها تريد وقف سفك الدماء وانسحاب إسرائيل.
مع صمود الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة في الحرب بين إيران وإسرائيل، عاد الاهتمام ينصبّ مرّة أخرى على إمكان التوصل إلى اتفاق في غزة قد ينهي الصراع ويطلق سراح الرهائن المتبقين.
"تحاول ببساطة الاحتفاظ بوجودها"
وقال مصدر مقرب من حماس لرويترز إن الحركة سترحب بهدنة ولو لشهرين.
لكنه أوضح أن "شروط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإنهاء الحرب، ومنها مغادرة قادة حماس غزة، ستعني الهزيمة الكاملة، وإن حماس لن تستسلم أبدا".
وقال المصدر "الوضع لا يبدو جيدا، ولكننا محكومون بالأمل والإيمان".
وأعرب يزيد صايغ، وهو زميل بارز في مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت، عن اعتقاده بأن حماس تحاول ببساطة الاحتفاظ بوجودها.
وقال إن ذلك ليس مجرد تحد مادي للصمود عسكريا، وإنما سياسي قبل كل شيء.
وردا على أسئلة من رويترز، قال "سيواجهون خطر الإبادة على الأرض في غزة إذا لم تتوقف الحرب، لكنهم يواجهون أيضا محوهم من أي صيغة حكم تنهي الحرب في غزة"، حال التوصل إلى صيغة من هذا القبيل.
الهجوم على إيران يفاقم الغموض
وفاقم الهجوم الإسرائيلي على إيران من غموض الصورة أمام حماس، وفق رويترز.
وأشار نتنياهو إلى أن الحملة الإسرائيلية على طهران تزيد من تعزيز موقفه في غزة. وقال إنّ التطورات "ستساعدنا في تسريع نصرنا وإطلاق سراح جميع رهائننا"، حسب وصفه.
وقال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأربعاء، إن ملف غزة يشهد إحراز تقدم كبير، وأضاف أن من شأن الهجوم على إيران أن يساعد في إطلاق سراح الرهائن.