من المرحاض إلى السماء.. طائرات تتزوّد بـ"النفايات"

يقدم وقود الطيران المستدام (SAF) حلاً محتملاً لهذه المشكلة. فهذا الوقود الحيوي، الذي يتم إنتاجه من مصادر متجددة مثل النفايات الزراعية والنفايات البشرية الصلبة، يمكن أن يقلل بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الطيران.

يتمتع وقود الطيران المستدام بالعديد من المزايا مقارنة بوقود الطائرات التقليدي، ويتوافق SAF مع جميع معايير السلامة والأداء الخاصة بوقود الطائرات.

ويمكن أن يقلل SAF من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 80% مقارنةً بوقود الطائرات التقليدي، وهو أيضا من أهداف قطاع الطيران بالوصول إلى صافي الصفر في عام 2050.

وتؤدي بعض مسارات إنتاج SAF إلى إنتاج وقود له بصمة كربونية سالبة، ما يعني أنه يمكن أن يمتص الكربون من الغلاف الجوي بدلاً من إطلاقه.

يساهم الطيران التجاري في تغير المناخ، حيث ينتج حوالي 2.5% من انبعاثات الكربون العالمية.

وتسعى الصناعة إلى إيجاد حلول لخفض هذه الانبعاثات، بما في ذلك تطوير الطائرات التي تعمل بالكهرباء والهيدروجين. لكن هذه التكنولوجيا لا تزال قيد التجريب، ما يجعلها غير عملية لتشغيل رحلات الركاب لمسافات طويلة، في الوقت الراهن.

يقدم وقود الطيران المستدام بديلًا واعداً للوقود الأحفوري. ويُصنع SAF من مصادر متجددة، مثل النباتات أو مياه الصرف الصحي.

في حالة مياه الصرف الصحي، يتم إنتاج هذا الوقود عن طريق تحويل النفايات العضوية إلى مواد سائلة أو غازية يمكن استخدامها كوقود. هذه العملية تطلق ثاني أكسيد الكربون الممتص من الهواء أثناء تحلل المواد العضوية.

تدرك شركات الطيران أهمية هذا النوع من الوقود، وبدأت بالفعل بالاستثمار في إنتاجه. وفي عام 2022، تم خلط حوالي 170 مليون جالون من الـSAF بالوقود الأحفوري المستخدم في الطائرات.

تعد شركة Firefly Green Fuels رائدة في إنتاج الـSAF من مياه الصرف الصحي. وتستخدم الشركة تقنية تسمى التحلل الحراري المائي، والتي تستخدم الحرارة والضغط العاليين لتحويل مياه الصرف الصحي إلى وقود طائرات.

وينبعث من SAF نسبة 92% أقل من الغازات الدفيئة مقارنة بالوقود الأحفوري.

وتستخدم الشركة تقنيات مثل التسييل الحراري المائي (HTL)، وهي عملية تستخدم الضغط العالي والحرارة لتحويل حمأة مياه الصرف الصحي إلى زيت خام وفحم حيوي.

تتم بعد ذلك معالجة الخليط الخام وتحويله إلى "SAF" باستخدام تقنية خاصة بالشركة.

اجتاز وقود Firefly الثوري أول اختبار له بنجاح في ديسمبر من العام الماضي.

وأكدت التجارب المعملية الصارمة، بما في ذلك التدقيق من قبل سلطات الطيران الدولية، تشابهه شبه التام مع وقود الطائرات التقليدي.

أثبت التحليل الذي أجرته جامعة كرانفيلد انخفاضا ملحوظا بنسبة 90٪ في البصمة الكربونية، لهذا النوع من الوقود.

والآن، يتحول تركيز الشركة إلى زيادة الإنتاج والارتقاء بهذا الابتكار الذي سيغير قواعد اللعبة.

يمكن أن يكون الوقود الحيوي من مياه الصرف الصحي وسيلة واعدة لتقليل انبعاثات الكربون من صناعة الطيران. ومع ذلك، فإن كمية مياه الصرف الصحي المتاحة محدودة، مما يحد من إمكانات هذا النوع من الوقود.

وتقدر شركة Firefly Green Fuels أن جميع نفايات الصرف الصحي القابلة للاستخدام في المملكة المتحدة ستلبي فقط 5٪ من الطلب البريطاني على وقود الطائرات.

هل النفايات الزراعية حقا تصنف كـ"نفايات"؟

هناك بعض الجدل حول ما إذا كانت النفايات الزراعية هي في الواقع "نفايات"، لأن لها استخدامات أخرى، مثل استخدامها في العلف.

يطرح نفس السؤال حول مياه الصرف الصحي، حيث يستخدمها المزارعون حاليًا كأسمدة.

الخبر السعيد هو أن الوقود الحيوي من مياه الصرف الصحي لا رائحة له.

فعلى سبيل المثال، في عام 2015، كانت حافلة بريستول التي تعمل بالميثان الحيوي تعمل بشكل طبيعي بين الحافلات والسيارات الأخرى على الطريق، ولم يشتكِ أحد من رائحتها.

وإلى الآن لم يصدر أي تقرير رسمي عن أزمة روائح. لذلك، رحلة سعيدة.