في لبنان.. دبابات وطائرات "تحت الماء"

تبعد "زيرة صيدا" عن الشاطئ البحري بضع مئات الأمتار، والوصول إليها من اليابسة يستغرق نحو 5 دقائق فقط.

مساحة الزيرة تناهز 27 ألف متر، فيما تقول التقديرات إن تاريخها يعود إلى العام 2200 قبل الميلاد.

ملكية هذه الجزيرة تعود إلى وزارة الأشغال اللبنانية، وهي تعتبر مقصدا لمحبي السباحة كونها مناسبة جدا لتلك الرياضة باعتبارها آمنة وخالية من الملوثات، بحسب ما يقول الناشط البيئي ربيع العوجي لبلينكس.

يسود الاعتقاد في صيدا بأن تلك "الزيرة" كانت مرفأ بحريا خلال العصور القديمة، في حين أنها تعتبر امتدادا لمدينة صيدون الفينيقية القديمة المدفونة تحت البحر، حيث توجد آثار كثيرة مخفية لا يمكن رؤيتها من الشاطئ.

هناك، وفي قلب البحر، يمكن أن ترى جداريات ضخمة، بالإضافة إلى تمثال كبير يحمل وجه امرأة، في حين أنه ثابت مكانه ولا يمكن نقله أو سرقته، بحسب ما يكشف "معهد صيدون للغوص" في منشورات مخصصة له عن مدينة صيدون القديمة.

بلدية صيدا تشرف على تنظيم شؤون "الزيرة"، في حين أنها تتابع باستمرار الحركة السياحية عليها وبالتالي جعلها مقصدا مهما للزائرين ليختبروا الكنوز البحرية عن قرب.

قبل سنوات، تأسست جمعية "أصدقاء زيرة وشاطئ صيدا"، وهي المعنية بمتابعة شؤونها وتطويرها وتحسينها. ومع كل موسم سياحي، تعمل الجمعية على تحسين "الزيرة" وإضافة ما هو جديد إليها، بهدف تنشيطها سياحيا خلال فترة الصيف.

عضو مجلس بلدية صيدا وأحد الأعضاء ضمن الجمعية محمد البابا يقول لبلينكس إن "زيرة صيدا" مميزة جدا بما تحتويه من معالم عديدة، كما أنها تعتبرُ مرفقا سياحيا مميزا على الشاطئ بين العاصمة بيروت وجنوب لبنان.

يلفت البابا إلى إنشاء حديقة مائية في محيط "الزيرة" عام 2018، وضمنها تم وضع دبابات حربية وطائرات هيلكوبتر قديمة جرى وضعها في أعماق المياه بعد تحضيرها لتكون صديقة للبيئة.

ما الهدف من هذه الحديقة؟ يوضح الناشط البيئي ربيع العوجي أنها لافتة جدا كونها تعتبر معلما يشجع هواة الغطس على اكتشاف ما هو جديد تحت البحر، بالاضافة إلى أنها تشكل موئلا أساسيا للثروة السمكية.

ويضيف "في تلك الحديقة، تأتي الأسماك وتضع بيضها في أماكن محصورة، ما يساهم في تكاثرها أكثر في أعماق البحر قبالة صيدا".

على الرغم من التوتر القائم في جنوب لبنان منذ 8 أكتوبر الماضي عقب اندلاع اشتباكات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، لم توقف جمعية "أصدقاء زيرة وشاطئ صيدا" نشاطاتها.

يقول البابا إن "إرادة الحياة لدى الصيداويين كبيرة"، معتبرا أن الاستثمار في السياحة مهم، خصوصا أن مدينة صيدا تعتبر من أجمل المدن الساحلية اللبنانية، وبالتالي يجب الاهتمام بها باستمرار واستقطاب السياح والزوار إليها.

ويضيف "رغم كل ما يجري، فإن الحركة ضمن الزيرة ناشطة، كما أنها تشهد حضور لبنانيين من مناطق بعيدة بالاضافة إلى المغتربين".

رامي الرفاعي هو واحد من الأشخاص الذين يستثمرون جزءا من "الزيرة" حيث يقيم هناك استراحة للوافدين إلى المكان.

يلفت الرفاعي إلى أنّه وبالتعاون مع جمعية "أصدقاء زيرة وشاطئ صيدا"، عمل على تطوير المكان الذي يستثمره، في حين أنه بادر هذا الموسم إلى تشغيل استراحته ليلا عبر إضاءتها وتوفير الكهرباء عبر مولدات خاصة.

يقول الرفاعي لبلينكس إن "الزيرة" خاضعة للتطوير الدائم باشراف من بلدية صيدا والجمعية المذكورة، موضحا أن الاهتمام بنظافة المكان قائم ومستمر بشكل دائم، كما أن عملية التنظيم هناك تجعل من "الزيرة" مقصدا رائعا لقضاء ساعات من الاستجمام في عرض البحر.

للانتقال من شاطئ صيدا إلى "الزيرة"، يجب ركوب بعض القوارب الصغيرة، وتتراوح التكلفة بين 200 و300 ألف ليرة للشخص الواحد (3 دولارات تقريبا).

إلى جانب الاستراحة التي يديرها الرفاعي، هناك أيضا مكان لإعداد المأكولات البحرية مثل الأسماك وغيرها، بالاضافة إلى استراحات أخرى تقدم مشروبات باردة وغيرها.

علي حجازي، 32 عاما، هو من المواطنين الذي يزورون "الزيرة" باستمرار بهدف الاستمتاع بهواية السباحة هناك.

منذ أكثر من 15 عاما، يذهب حجازي إلى تلك الجزيرة، ويصفها بأنها من "أفضل الأماكن للسباحة في لبنان".

في حديث عبر بلينكس يقول حجازي "لا ملوثات ولا أمواج خطيرة في الزيرة، فالسباحة هناك آمنة ولم نسمع أبدا عن أي حالة غرق، بالإضافة إلى ذلك، يمكن تذهب مع عائلتك وتستمتع من دون أي تكاليف باهظة.. حقا، الزيرة هي مقصد لجميع الناس فيما الأهم هو أن التنظيم جعلها معلما رائعا".

من ناحيته، يقول البابا إن بلدية صيدا وبالتنسيق مع جمعية "أصدقاء زيرة وشاطئ صيدا"، تعمل على وضع لائحة أسعار شعبية مُلزمة لجميع الاستراحات هناك، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعتبر محفزا للعائلات التي ليس بمقدورها دفع مبالغ باهظة في أماكن أخرى.